على الرغم من أن المادة رقم 25من قانون تنظيم شركات السياحة رقم 38 لسنة 1977 والمعدل فى 2005 تعطى الحق لوزير السياحة بإلغاء تراخيص الشركة حال عدم قيامها بجلب سائحين من الخارج.. فإن شركات الحج والعمرة ضربت بهذه المادة عرض الحائط واكتفت ببيع التأشيرات للمواطنين أو بتنظيم رحلات إلى الأراضى المقدسة لتحقيق مكاسب سريعة دون أن تفيد الاقتصاد الوطنى من قريب أو بعيد..واستغلت ضعف الرقابة من وزارة السياحة فى الحكومات السابقة فتمادت فى تجاهلها شروط حصولها على ترخيص مزاولة النشاط..مما دعا بعض الخبراء إلى مطالبة الدولة بفصل هذه الشركات ونقل تبعيتها إلى وزارة الأوقاف..مع فرض رسوم على عملها يتم تحصيلها لصالح الدولة بحيث لا تتساوى مع شركات السياحة التى تعمل على جلب السائحين للسوق المصرية.
والمعروف ان كثير من شركات السياحة يتركز نشاطها فى مجال السياحة «الطاردة» حيث تتجاوز أعمالها بهذا المجال لنسبة 90% من إجمالى حجم أعمالها..وهو ما يعد مخالفة للقانون مما اسهم بشكل يدعو للأسف إلى سيطرة شركات الحج والعمرة على مقدرات صناعة السياحة فى مصر دون ان يكون لها دور يذكر فى دعم الاقتصاد..بل إن ضعف رقابة وزارة السياحة وعدم تطبيق القانون أدى إلى قيامها بتحقيق مكاسب مادية على حساب المواطن المصرى دون أن تجلب سائحا واحدا من الخارج. أن قانون تنظيم شركات السياحة يمنح وزير السياحة الحق فى إلغاء تراخيص الشركة حال تجاوز حجم نشاطها فى تصدير السائحين المقيمين للخارج لنسبة 20% من اجمالى حجم نشاطها..ولذلك يجب علينا هنا أن نفرق بين شركة تنفق ملايين الجنيهات من أجل جلب السائحين من الخارج لدعم الاقتصاد الوطنى وتشغيل ملايين الشباب.. وبين شركة تعمل فى السياحة الطاردة التى لا يستفيد منها الوطن شيئا بخلاف مساهمتها فى صندوق السياحة التابع للغرفة. شركات الحج والعمرة للأسف لم تراع حق الوطن واكتفت بالحصول على التأشيرات من أجل تحقيق الأرباح ولم تمارس دورها الأصيل فى العمل على زيادة الحركة السياحية الوافدة إلى مصر. القانون أيضا أعطى الحق لوزير السياحة فى إلغاء الرخصة إذا لم يتجاوز حجم نشاط الشركة ضعف رأسمالها فى السنوات الثلاث الأولى من بدء نشاطها..وهذا أيضا للأسف لم ولن يتحقق نظرا لعدم وجود رغبه فى تطبيق القانون..كل هذه الأمور مع ضعف الرقابة دفع بجميع شركات السياحة عدا قلة قليلة تعمل فى السياحة الوافدة بالاكتفاء بتنظيم رحلات الحج والعمرة لتحقيق مكاسب سريعة دون عناء أو نفقات أو أى التزامات تجاه الدولة. لا يمكن بأى حال من الأحوال أن نقارن بين شركة تعمل فى مجال الحج والعمرة.. واخرى تعمل فى جلب السائحين من أوروبا مثلا..فالأولى يطلق عليها سياحة «طاردة» وتتعامل مع المصريين فقط والثانية يطلق عليها سياحة «جالبة» وتتعامل مع الأجانب فقط ..إذا هو التضاد الذى فرض عدم جمعهما فى وزارة واحدة او غرفة واحدة أو حتى تحت سقف واحد لأن المصالح مختلفة والهدف مختلف ولغة الحوار أيضا مختلفة. والسؤال الذى يطرح نفسه الآن..لماذا لا تقوم الحكومة بفرض رسوم على شركات الحج نظير قيامها بتنظيم رحلات إلى الأراضى المقدسة؟ مع العلم أنها لا تبذل أى مجهود نظير حصولها على التأشيرات التى هى فى الأصل حق المواطن؟..كذلك لماذا لا يتم الفصل بين شركات السياحة الحقيقية وهذه الشركات التى يجب ان يكون لها غرفة منفصلة تتبع وزارة الأوقاف لا وزارة السياحة. الأرقام تؤكد أن عدد شركات السياحة بمصر وصل تقريبا إلى 2100 شركة وان عدد الشركات التى تنظم رحلات الحج والعمرة لا يزيد على 290 شركة فقط..مما يطرح تساؤلا مشروعا حول الدور الذى تقوم به باقى الشركات والتى يصل عددها إلى 1900 شركة؟ وهل هى شركات على الورق فقط ولا تخضع لأى رقابة أم هى شركات تكتفى ببيع التأشيرات التى تحصل عليها من الدولة وتضع الحصيلة فى ميزانيتها شاكرة ربها وهذه الدولة الطيبة التى ساعدتها فى تحقيق أرباح من الهواء..أما الشركات التى تنظم رحلات بأعداد ضخمه للأراضى المقدسة فهل طبقت بنود القانون بجلب سياحة من الخارج بما يوازى 80% من حجم نشاطها أم اكتفت بحجاج بيت الله الحرام ورفعت شعار «بارك الله فيما رزق» وعلى الدولة التزام الصمت. مصر يا سادة فى عهدها الجديد تضع أولى خطواتها نحو مستقبل أفضل يقوم على احترام القانون فهل ستقوم وزارة السياحة بتطبيقه أم سوف تستمر فى غض البصر ليبقى الأمر كما هو عليه..الأيام المقبلة ستجيب عن هذا التساؤل. [email protected]