فقدت مصر والكنيسة القبطية الجامعة, رمزا من رموزها الوطنية, وعلما من أعلامها البارزين, قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث بعد صراع مرير مع المرض ومسيرة عطاء. كان انسانا محبا وقامة وقيمة, وأسقفا عظيما وفريدا في الكنيسة الجامعة, ومن الأبرار الذين يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم, معلما للأجيال, يتسم بالحكمة, ذا رأي صائب, متفاعلا مع الأحداث, بهدوء واتزان معالجا للأزمات داعيا صالحا اقتداء بالسيد المسيح يبذل نفسه عن الخراف وظل لآخر رمق يدعو بحب لقبول الآخر متمسكا ومحافظا علي تراث الكنيسة الأرثوذكسي وتقاليد آبائها, ثابتا في إيمانه وعقيدته حتي ولو اختلفت آراؤه مع أصحاب الرأي من الطوائف المسيحية الأخري الذين يبادلونه كل احترام ووقار, يجول يصنع خيرا, منفتحا علي الجميع, رافضا للفتن والتطرف, لا يجامل ولا يرائي, صادقا ومثقفا وأمينا, ويعمل دوما لتقدم وازدهار الوطن والكنيسة, تحمل التحديات وآلاما عظيمة, وعلي الرغم من ابتسامته في أشد المحن, كانت نظرات عينيه كاشفة لمزايا الآخرين. بحق كان رجل صلاة وارتسم علي يديه أساقفة وكهنة وشماسة ورهبان وراهبات, فشيد العديد من الأديرة والكنائس في مصر وبلاد المهجر لنمو الرسالة الروحية. وكم من مشروعات قدمها للشباب ولذوي الاحتياجات الخاصة كانت من الطراز الأول للاستثمار وغيرها مما لا يحد ولا يوصف. فهذا العظيم في البطاركة. سعدت أن أهنئه بعيد الميلاد المجيد الذي مضي, ليمنحني سبحة دون غيري, وكأنها سبحة الوداع ثم لتقابلني خارج مقره وبالتحديد يوم السبت 8 يناير2012 قناة يسعد صباحك لتسجل معي حديثا عن الانتخابات الرئاسية لأؤكد فيه تأييدي لخطوات وتوقيتات المجلس العسكري بأنها صائبة. نياحا لروحك الطاهرة, فنحن نؤمن بالانتقال المكلل بالمجد السماوي الذي نلته, ولتنعم بالخلود في فردوس النعيم, وليعوض الله سبحانه وتعالي كنيسة شعبه براع صالح وأمين ومثله في بيت العائلة.