يبدو أننا حطمنا الواقع واستشراف المستقبل بأفعالنا الطيبة المنصوب عليها بفتح الباب للفهلوة الساكنة في طيات الخلايا الجينية للشخصية العبقرية المصرية ، ويعد ذلك مبهرا ومدهشا للعالم أجمع ويتضح هذا جلياً في الجاليات المصرية على مستوى القارات العالمية حيث يقسم المصري في أي مكان وزمان على تحطيم المعايير الذهنية التوقعية متشحا بخفة ظله وسماحة صدره ودهاء لبه . فقد رأينا قديما نماذج صارخة لل» نصاب « المحترف وتصدر لدور البطولة في العديد من الأفلام القديمة كفارس السينما أحمد مظهر في فيلم « العتبة الخضراء « حين باع « التروماي « لإسماعيل يس ..مثلاً !لكن الواقع أقسم على أن يحطم الخيال ، فدخلنا الى مرحلة الثمانينيات – تقريبا برجلنا الشمال – الى التسعينيات وصولا الى يومنا هذا وكأن تلك الظاهرة متلازمة «ثورعونية » لا تفرق بين فساد الفلول وهيبة الذقون وثورة الحور ! وعليه فدعنا نرجع «فلاش باك » للخلف لنتذكر معاً أبطال النصب الأشهر في تاريخ الفهلوة المصرية : «نصاب التروماي « المدعو رمضان أبو زيد العبد الذي باع التروماي لقروي ساذج عام 1948 م وكانت هذه هي عملية النصب الاكبر في تاريخه المهني . « نصاب المطار « المدعوة هدى عبدالمنعم أو المرأة الحديدية التي اسست شركة للإنشاءات والمقاولات ثم جمعت 45 مليون جنيه واشترت مساحات كبيرة من الأرض المحيطة بالمطار – رغم حظر البناء في تلك المنطقة – الا انها بفعل عوامل الفساد التحتي دفعت للحكومة 30 % من قيمة الأرض وما إن عبأت رائحة الفساد أنوف المواطنين ورغم وضعها على قائمة الممنوعين من السفر طارت الى خارج البلاد على بساط أموال الغلابة عام 1987 م لأكثر من ربع قرن قبل عودتها مرة أخرى . « نصاب الذرة « المدعو أحمد الريان الذي أسس شركة لتوظيف الأموال ،هرولت إليها جحافل الشعب الشقيان طمعا في الرزق الجاهز بلا كد أو عمل ولم يتكشف نصبه الا بعد صفقة الذرة الصفراء مع الحكومة آنذاك وخصوصا بنك الائتمان والتنمية الزراعي والتي أدت الى أزمة حقيقية في محصول البلاد عام1988 م وبعدها بدأت الحكومة بإخراج ملفه الأسود من «درج» المؤجلات ب «مزاجنا » الى أن تم حبسه 21 عاما وتم اعتماد اسم «الريان « في قاموس الشعب المصري كبديل عن «النصاب « فظهر مؤخراً ريان « طوخ» ، وريان «المرج» .. إلخ . « نصاب الدولار « المدعو أشرف السعد بدأ رحلة الاحتيال عام 1991 م من خلال شركة توظيف الأموال و» شفط « أكثر من 188 مليون جنيه من أموال الكادحين وتم القبض عليه عام 1993 م ثم خرج في نفس العام بكفالة قدرها 50 ألف جنيه مصري – يا بلاش – ثم هرب عام 1995 م الى باريس بلد الجن والأباليس ولم يعد ، والجدير بالذكر أن كبار المسئولين قد استردوا أموالهم من السيد سعد قبل إحالته الى المحاكمة تاركين للشعب فرصة التمتع بالنواح والندب والحسرة ! « نصاب الصعيد « المدعو أحمد مصطفى مواطن قناوي اشتهر ب « المستريح » ، جمع من أهل الصعيد عدة مليارات بزعم توظيفها بفائدة 11 % شهريا ، ويعد أحدث محترف في عالم النصب لعام 2015 م – وكأنك يا أبو زيد ما غزيت – نفس الطرق القديمة مع تغيير الوجوه ويبقى الشعب هو الضحية المشتركة في كل العصور الغابرة والحائرة والراهنة ، متجاهلين مقولة « الطمع يقل ما جمع « ! وهنا لابد أن نذكر أنه لا فائدة في عقول هائمة في بحر الفلوس دون إدراك الواقع الملموس الذي أقسم بكل شواهده على أننا نحيا الآن في مصرٍ جديدة ، ولكن بعقول قديمة وسواعد معتلة لا تمتد الا لتحصل على رزق جاهز ورسخنا لمقولة « رزق النصابين على الطماعين « فغدونا شعباً منصوباً عليه بفرصة سعيدة !