الاسلام دين الوسطية لايعرف التطرف ولا المغالاة ولا التشدد يقول تعالى «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» و«إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» و«يسروا ولاتعسروا».انه دين يهتم بالجوهر ولايختصر نفسه فى الظاهر أقصد الظاهر من العبادات التى هى علاقة بين الرب وعبده وينسحب الظاهر إلى المظهر «مظهر الرجل من حيث اللحية والزى جلبابا كان أم سروالا.. ومظهر المرأة من حيث الحجاب والنقاب».. فمن الظلم للدين الإسلامى أن يتم اختصاره فى هذه الأمور الظاهرة.. وجوهر الدين هو العمل والمعاملة. «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» و«ليس الإيمان بالتمني.. ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل» و«إن الله يحب إذا عمل احدكم عملا أن يتقنه».. والاسلام قوامه السلام ينبذ العنف والترويع، والإرهاب هو استخدام غير مشروع للقوة، يوجه ضد مكونات الوطن والمجتمع والدولة، من أفراد وشعب وجيش وشرطة ومؤسسات ومنظومة حياة: بالاعتداء بالقوة على الملكية العامة أو الخاصة «بالإيذاء والقتل والضرب والاغتصاب والاستيلاء والاحتلال» والتى تتمثل فى النفس والحياة، والجسد، والعرض، والمال، والأرض، ومكونات البيئة» «من مياه وهواء وأرض» ومنشآت زراعية وصناعية وسياحية وتعليمية ودينية وأمنية وعسكرية وغيرها من منشآت سيادية والاعتداء على ما يشكل منظومة الحياة من حريات ودستور وقوانين ولوائح منظمة للحياة والعمل «بتعطيل تطبيق أحكامها» لتحقيق أهداف ومنافع وأطماع شخصية أو سياسية، من شأنها الإضرار بمصلحة وسلامة وأمن الدولة، والمجتمع والافراد وإلقاء الرعب فيهم وترويعهم، وذلك وفق مخطط فردى أو جماعى لعدو خارجى أو داخلي، وينطبق التعريف على كل من شارك سواء بالتمويل أو التخطيط أو التجنيد أو التدريب أو التستر، ويندرج تحته إرهاب الفرد أو الجماعة أو التنظيم أو الدولة. ويقول تعالى أيضا «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين» و«وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم» و« يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم فى سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا» و«الإيمان بضع وسبعون شعبة.. أعلاها لا إله إلا الله.. وأدناها إزاحة الأذى عن الطريق». إنه دين يدعو لإعمال العقل والفكر، وإطلاق العنان للتفكير والتدبر والعلم والخيال الإيمانى بلا حدود، والأخذ بالأسباب حيث لاتناقض بين ذلك وبين الدين الإسلامي، بل العكس هو الصحيح. «إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض». و«لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون». ويقول الله «يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لاتنفذون إلا بسلطان» ويقول الرسول «اعقلها وتوكل». أيضا فإن الاسلام دين يحترم حرية الفكر والعقيدة والرأى الآخر. ويقول الله فى كتابه الكريم «لكم دينكم ولى دين» و«لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم»..وهو دين يتسع لوجود بعض القضايا الخلافية فى بعض الأمور الفرعية.. ويترك للمؤمنين به القرار فى تحديد موقفهم وفقا لقناعاتهم، «استفت قلبك.. وإن أفتوك وأفتوك وأفتوك».. وهو كذلك دين الفطرة والبساطة.. حيث لايستعصى فهمه واستيعابه والإيمان به.. وليس حكرا على الصفوة من العلماء والفقهاء.. «فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التى فطر الناس عليها». والاسلام يجل أولياء الله الصالحين، ويكرمهم، ولكن لايقدسهم ولايؤلههم «ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون.. لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة.. لاتبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم». فلنعمل جميعا كل قدر طاقته على تدارك الأضرار الجسيمة التى لحقت بصورة الإسلام امام الآخرين بفعل المحسوبين على الإسلام وهو منهم براء.. ومن المتطرفين والمتشددين والمغالين والظلاميين والسوداويين فى أفكارهم ونهجهم والمكفرين من يخالفهم فى القضايا الهامشية التى يشغلون بها الأمة عن القضايا المهمة ويشقون بها الصف والذين يتألهون على الله بالحكم على العباد بإنهاء آجالهم.. ومن المسيسين للدين «والدين أسمى من أن يسيس» الذين يتخذون منه ستارا لأهدافهم وأطماعهم ومطية للوصول إلى السلطة أو مظلة للقفز عليها والتشبث بها. عبدالوهاب السمان