وسط مظاهر فرح عارمة فى شوارع العاصمة طهران بالاتفاق الإطارى بين إيران والقوى الكبرى لحل أزمة البرنامج النووى، حذرت إسرائيل من أن الاتفاق يزيد من احتمالات نشوب حرب مروعة فى المنطقة. ووسط تأييد روسى وصمت خليجى، سعى الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى طمأنة الحلفاء الاستراتيجيين عبر الاتصال هاتفيا بالعاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو. وأكد البيت الأبيض أن الاتفاق لا يقلل المخاوف بشأن "رعاية إيران الإرهاب والتهديدات تجاه إسرائيل" وكان رد الفعل الإسرائيلى هو الأعنف تجاه الاتفاق الإطارى بين إيران والقوى الكبرى. ووصف نيتانياهو الاتفاق بأنه يهدد بقاء إسرائيل وذلك فى اتصال هاتفى مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما. وقال مارك ريجيف، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى، إن "مثل هذا الاتفاق لن يقطع الطريق أمام حيازة إيران القنبلة (النووية) بل سيمهده أمامها"، وإنه "يزيد مخاطر الانتشار النووى ومخاطر اندلاع حرب مروعة". واتفقت الحكومة الأمنية المصغرة فى إسرائيل - التى عقدت اجتماعا استثنائيا أمس برئاسة نيتانياهو - على معارضة الاتفاق الإيرانى. وفى خطاب تهديدى، قال الجنرال نمرود شيفر، رئيس هيئة التخطيط فى الجيش الإسرائيلى، إن الخيار العسكرى كان دائما مطروحا على الطاولة". ومن جانبه، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون بالاتفاق معتبرا أنه يمثل "خطوة نحو السلام والاستقرار" فى الشرق الاوسط. وأضاف أن "الاتفاق الشامل سيوفر قيوداً هائلة على البرنامج النووى الإيرانى ويرفع جميع العقوبات". وفى بروكسل، أعلنت فديريكا موجيرينى، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى، أن "الاتحاد الأوروبى سيوقف العمل بكل العقوبات المالية والاقتصادية المتصلة بالبرنامج النووى". وأضافت أن الولاياتالمتحدة كذلك "ستوقف تطبيق كل العقوبات المالية والاقتصادية المتصلة بالبرنامج النووى بالتزامن مع تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تطبيق إيران لالتزاماتها الرئيسية فى مجال النووى". وفيما اعتبرت بريطانيا، على لسان وزير خارجيتها فيليب هاموند، أن الاتفاق يتخطى "ما كان كثيرون يعتقدونه ممكنا قبل 18 شهرا"، التزمت فرنسا الحذر حيث أعلن لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسى، أنه "اتفاق مرحلى يتضمن تقدما إيجابيا لا يمكن إنكاره لكن لا يزال هناك عمل لا بد من إنجازه".وأضاف فابيوس أن مسألة الجدول الزمنى لرفع العقوبات "نقطة لاتزال معقدة جدا". وفى موسكو، سارعت الخارجية الروسية إلى تأييد الاتفاق والترحيب به، معتبرة أنه "يستند إلى المبدأ الذى عبر عنه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وهو حق إيران غير المشروط فى برنامج نووى مدنى". وأعلن آندريه كليموف، نائب رئيس لجنة الشئون الدولية بمجلس الاتحاد الروسى (الدوما) ، أن موسكو تنوى تطوير التعاون العسكرى والتقنى مع طهران بعد إلغاء العقوبات المفروضة عليها. وقال سيرجى ريابكوف ، نائب وزير الخارجية الروسى، إن شركة "روس آتوم" مستعدة لتوريد الوقود النووى إلى إيران وسحب الوقود المستنفد من جميع المفاعلات الإيرانية التى شاركت روسيا فى تشييدها. وانضمت تركيا لمعسكر المؤيدين للاتفاق، لكنها عبرت عن أملها فى أن تمضى طهران قدما للتوصل إلى اتفاق نهائى بحلول آخر يونيو المقبل. ووسط مظاهرات الترحيب بالاتفاق فى طهران، أعلن محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى، أن "تأثير (الاتفاق) أنه عندما نطبق تدابيرنا لن تكون هناك عقوبات على إيران. وهذا باعتقادى سيكون خطوة رئيسية إلى الأمام. لقد أوقفنا حلقة مفرغة لم تكن فى مصلحة أحد، وليس فى مصلحة الحد من الانتشار النووى". وأضاف أن "كل قرارات مجلس الأمن ستلغى، كل العقوبات النووية الثانوية الأمريكية وكذلك العقوبات الأوروبية سيتم إلغاؤها". ونزل الآلاف من سكان طهران إلى الشوارع مطلقين أبواق سياراتهم وراقصين على الأرصفة تعبيرا عن أملهم فى رفع العقوبات الدولية سريعا عن بلادهم، بينما راح المشاة يغنون ويرقصون على الأرصفة رافعين شارات النصر وملوحين بمناديل بيضاء. فى المقابل، انتقد عدد من رجال الدين المتشددين فى إيران الاتفاق ووصفوا الاتفاق بأنه بمثابة تنازل للغرب وكارثة لإيران. وعلى صعيد ردود الفعل الداخلية بالولاياتالمتحدة، أعرب النواب الجمهوريون بالكونجرس عن مخاوفهم من إمكانية توفير الاتفاق الكثير من التنازلات لطهران، مشيرين إلى أنهم سيضغطون بتشريع يمنح الكونجرس تصويتا على أى اتفاق نهائى. وقال جون بينر، رئيس مجلس النواب الأمريكى، إن "مخاوفى على المدى البعيد تتعلق بمعايير بقاء هذا الاتفاق المحتمل، لكن قلقى المباشر هو أن الإدارة تشير إلى أنها ستوفر تخفيفا للعقوبات على المدى القريب"، لافتا إلى حاجة المشرعين لمراجعة أى اتفاق نهائى قبل رفع العقوبات الأمريكية. وخليجيا، التزمت دول مجلس التعاون الصمت بشأن الاتفاق. وقال مصدر خليجى إن ردود الفعل لن تصدر إلا بعد أن يدرس أعضاء المجلس الاتفاق بشكل شامل. وقال السفير السعودى لدى واشنطن عادل الجبير -قبيل إعلان الاتفاق- إن الرياض لا يمكنها التعليق قبل أن تطلع على تفاصيل أى اتفاق.
المعايير الأساسية للاتفاق
نص الاتفاق الإطارى ما بين إيران والدول الكبرى حول الملف النووى على العديد من المعايير الرئيسية، التى يتوقف رفع العقوبات على طهران وتوقيع اتفاق نهائى بين الجانبين بحلول 30 يونيو المقبل على مدى الالتزام بتطبيقها، والتى قد تتحول لعقبات رئيسية فى طريق إتمام الاتفاق النهائى. وعلى رأسها: ►التخصيب: - وفقا للاتفاق سيتم خفض عدد أجهزة الطرد المركزى من 10 آلاف الى6104.. أى بمقدار الثلث، على أن يكون ل5060 فقط الحق فى إنتاج اليورانيوم المخصب لعشر سنوات، وجميعها أجهزة من الجيل الأول. ► خفض طهران مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب من عشرة آلاف كيلوجرام إلى 300كيلوجرام مخصب بنسبة 3٫67٪ لمدة 15عاما، مع الامتناع عن إجراء أى عملية تخصيب جديدة تزيد عن ذات النسبة والمدة المحددتين. ► وضع المواد الفائضة تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا يمكن استخدامها إلا كبديل. ► عدم بناء منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم خلال 15عاما. نقطة الانعطاف: هى فى لغة الخبراء الزمن اللازم لإنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لإنتاج سلاح نووي، وهذه الفترة محددة حاليا بشهرين إلى ثلاثة أشهر، وأصبحت حاليا بموجب الاتفاق سنة على الأقل لمدة 10أعوام، وقد وافقت إيران على: ►عدم تخصيب اليورانيوم لمدة لا تقل عن 15سنة فى موقع فوردو الواقع تحت جبل، لذلك من المستحيل تدميره عسكريا، مع عدم الإبقاء على مواد انشطارية فى الموقع نفس ذات المدة المحددة أو إجراء أى عمليات تخصيب لليورانيوم داخله، إلى جانب سحب نحو ثلثى أجهزة الطرد المركزى منه. ► سيصبح موقع نطنز المنشأة الوحيدة للتخصيب وسيزود ب5060جهاز "أى أر-1" من الجيل الأول لمدة عشر سنوات، أما أجهزة الطرد المركزى الأخرى من طراز "آى آر-2إم" الأسرع فستسحب، وتوضع تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ► سيدمر قلب مفاعل آراك الذى يعمل بالمياه الثقيلة أو ينقل خارج الأراضى الإيرانية، على أن يعاد بناء المفاعل ليقتصر على الأبحاث الطبية بدون إنتاج بلوتونيوم يتمتع بقدرات عسكرية، وسيرسل الوقود المستخدم إلى الخارج طوال عمر المفاعل. ►حظر بناء مفاعل بالمياه الثقيلة لمدة 15عاما. المراقبة: - ستتولى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة كل المواقع النووية الإيرانية بانتظام، كما يمكن لمفتشى الوكالة دخول مناجم اليورانيوم والأماكن التى تنتج "الكعكة الصفراء" - نوع مركز من اليورانيوم- لمدة 25عاما. ►العقوبات: - ترفع العقوبات الأمريكية والأوروبية فور تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية احترام إيران لتعهداتها ويعاد فرض هذه العقوبات حال عدم تطبيق معايير الاتفاق أو أى منها. ► ترفع جميع العقوبات المفروضة بموجب قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي، مع الإبقاء على تطبيق قرار جديد للأمم المتحدة يحظر نقل التكنولوجيا الحساسة من وإلى طهران. فترات تطبيق الاتفاق: تتراوح بين 10سنوات و15سنة بحسب النشاطات وستكون صالحة ل25عاما لعمليات التفتيش لسلسلة التزود باليورانيوم.