العودة إلى أحضان القارة الأم مثلت هدفا استراتيجيا لمصر الجديدة عقب ثورة 30 يونيو، والآن أصبحت حقيقة واقعة، حيث تولى القاهرة، خلال هذه المرحلة. اهتماما كبيرا بشقيقاتها من الدول الإفريقية سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو على مستوى التجمعات الاقتصادية والسياسية القارية. كما شكلت زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسى لدول القارة فى مناسبات مختلفة دفعة قوية لهذه العلاقات وأحدثها تلك التى يعتزم القيام بها للخرطوم وأديس ابابا. وفى هذا الإطار، تأتى زيارة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء اليوم الى كوت ديفوار، حاملا رسالة من الرئيس السيسى الى نظيره الايفوارى الحسن وتارا، تتركز حول سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين فى جميع المجالات. ويمكن القول إن الزيارة تأتى أيضا فى إطار سعى مصر بكل قوة إلى استعادة دورها الريادى والمحورى فى محيطها الاقليمى والعربى والقاري، حيث يمثل البعد الإفريقى العمق الاستراتيجى والامتداد الطبيعى لها، فضلا عن ارتباطه الوثيق بالأمن القومى المصري، كما تسعى القاهرة لأن تأخذ القارة مكانتها على المستوى الدولى وذلك من خلال دعم الأشقاء لها فى مسعاها للحصول على مقعد دائم للقارة بمجلس الأمن. وفى المقابل كان الحضور الإفريقى الواسع خلال المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ دليلا على الترحيب الكبير من دول القارة بعودة الشقيقة الكبرى مصر الى الصف الإفريقي، كما كانت على مدى تاريخها مدافعة عن قضايا القارة فى المحافل الدولية، وكما حملت على عاتقها هذا الدور طوال العقود الماضية ولا ينسى الاشقاء لها وقوفها الى جانبهم فى مراحل التحرر الوطنى من ربقة الاستعمار ثم فى مرحلة البناء والتنمية فيما بعد من خلال اسهام الشركات المصرية فى إقامة البنى التحتية لها فى مجالات التعليم والصحة والزراعة والرى وتقديم المساعدات المادية والعسكرية. ومن الجدير بالذكر أن العلاقات المصرية الإفريقية ليست وليدة اليوم أو اللحظة ولكنها تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، وكما يمثل النيل بالنسبة لمصر الشريان الذى يمدها بأسباب الحياة، فإنه يمثل أيضا الشريان الذى يربطها بنحو ثمانى دول بالقارة، الأمر الذى يمثل رابطا جغرافيا لا يمكن أن تنفصم عراه، لذا تعمل مصر على الحفاظ على هذه الروابط من خلال ايجاد حلول لمشكلات تقسيم المياه بينها وعلى رأسها أزمة سد النهضة الايثوبى على أساس تحقيق المنفعة لجميع دول الحوض وعدم الاضرار بأى منها. لمزيد من مقالات