تراجع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 10 مايو    ارتفاع معدل التضخم السنوي ل13.5% خلال أبريل الماضي.. والشهري يصعد بنسبة 1.3%    الولايات المتحدة تعرض على باكستان المساعدة في تسوية النزاع مع الهند    الاحتلال يواصل قصف مختلف مناطق قطاع غزة.. والمجاعة تفتك بالفلسطينيين    تعرف على مواجهات ربع نهائي أمم أفريقيا للشباب    مواعيد مباريات اليوم السبت 10 مايو 2025 والقنوات الناقلة    بالصور محافظ الغربية يتفقد أثار حرائق الكتان ويُعلن نجاح جهود اخمادها    موعد باريس سان جيرمان ضد مونبلييه في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    منة وهنا وأسماء وتارا.. نجمات يسيطرن على شاشة السينما المصرية    ريشة «الفلافلي» حائرة بين الراهب وآدم وحواء    الداخلية تنقذ سيدة من الموت.. طليقها استعان بعائلته للتعدي على طليقته    علامات لو ظهرت على طفلك، مؤشر للإصابة بمقاومة الأنسولين    إطلاق 5 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية "حياة كريمة"    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بخلية "ولاية داعش الدلتا"    الرئيس السيسي: أشكر بوتين على كرم الضيافة وأهنئ الشعب الروسي بعيد النصر    مشجع أهلاوي يمنح ثنائي البنك مكافأة خاصة بعد الفوز على بيراميدز    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة سوهاج لجميع المراحل الدراسية    تكريم مجدي يعقوب ورواد الطب بنقابة الأطباء اليوم    "جميعها حالات اختناق".. إصابة 11 جراء حريق قويسنا بالمنوفية (صور)    حبس لص المساكن بالخليفة    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 10 مايو 2025    مسيرات باكستانية تحلق في سماء نيودلهي وسط تصاعد التوترات    «المضارين من قانون الإيجار القديم» توضح مطالبها من القانون الجديد (تفاصيل)    اليوم.. بدء الموجة ال 26 لإزالة التعديات على أراضي الدولة    أسعار الخضروات والأسماك اليوم السبت 10 مايو بسوق العبور للجملة    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أى مدى نحتاج لتجديد الخطاب الدينى ؟
د. عبدالفتاح إدريس: نحتاج لإصلاح ما أفسده المتطرفون

أثيرت فى الآونة الأخيرة قضية تجديد الخطاب الدينى، وتعددت الرؤى والمقاصد بتعدد الخلفيات الثقافية والفكرية للمشاركين فى هذه الدعوة، فمنهم من أبناء المؤسسة الدينية الرسمية للدولة، ومنهم مفكرون إسلاميون وآخرون يؤمنون بمدنية الدولة وحرية الفكر..
وقد توجهنا إلى أحد أبناء الأزهر كى نبدأ استعراض وجهات النظر المختلفة حول هذه القضية.
أكد الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ، أن ما يثار حول تجديد الخطاب الدينى هو حق أريد به باطل، وأن الحاجة إلى تجديد الخطاب ظهرت بعد ظهور الجماعات التى تفعل كل محرم شرعا باسم الدين، وحول قضية تجديد الخطاب الديني.. كان لنا معه هذا الحوار:
ما يثار حول ضرورة تجديد الخطاب الدينى .. هل يمثل ضرورة ملحة ؟ ولماذا ؟.
إن ما يثار حول تجديد الخطاب الدينى هو حق أريد به باطل، أما أنه حق، فلأن هذا الخطاب ينبغى أن يمس واقع الناس، وما هو واقع منه بعيد كل البعد عن هذا الواقع، باعتبار أن أكثره كلام مكرر ومعاد، يتناول قضايا تقليدية، لا تمس الواقع ولا تعالج قضاياه، فأكثر الذين يوجهون هذا الخطاب، من غير الراسخين فى العلم، وذوى الثقافة الدينية الضحلة، وهذه السطحية لا تنتج إلا مثلها، ولذا وجد الفراغ فى الخطاب الدينى الرصين الذى يجذب الناس، ويحدوهم إلى الحرص على سماعه، والالتزام بما فيه، والمستعرض لما يبث فى وسائل الإعلام المختلفة فى فترة زمنية معينة طالت أم قصرت يدرك ذلك، يضاف إلى هذا أن أكثر الذين يستقطبون لتوجيه هذا الخطاب، لم يكن استقطابهم لعلمهم، أو رسوخهم فيه، بل لقربهم ممن يعرضون هذا الخطاب ويعلنونه على الجميع، أو نتيجة لهثهم وراء الشهرة والظهور، والإلحاف على وسائل الإعلام فى الاستعانة بهم، لعرض تجارتهم المزجاة على الناس، وقد أنتجت هذه المنظومة هذا النتاج الذى اقتضى ضرورة تجديد الخطاب الديني، وأما أنها دعوة أريد بها باطل، فلأنها لم تطالب بتجديد ما يسوغ تجديده، وإنما امتدت إلى ثوابت الدين لتغيره، وهذا التجديد فى الخطاب لا يصل فى مجمله إلى حال الضرورة، بل يقتضى حسن اختيار من يوجهونه، ويخاطبون به الناس.
إذن أنت لديك مخاوف من تأثر ثوابت العقيدة الإسلامية بهذا التجديد.. ؟.
هذه المخاوف لها ما يبررها، لأنا وجدنا الذين يدعون إلى تجديد هذا الخطاب، لا يقصدون به تطويره ليعالج قضايا الواقع، بل وجد من يشكك فى ثبوت السنة، التى يعزى إلى نصوصها جل الأحكام العقدية والعملية، فبعض المغرضين تولى تحكيم عقله القاصر، وفكره الضحل، وثقافته المشوشة، فى صحيح السنة، ليقول بعد أن كانت هذه الأحاديث معقولة فيقرها، أو غير معقولة، فيطالب بإلغائها، والتسليم لهؤلاء بمدعاهم، يفضى إلى هدم الدين، وليس هدم العقيدة أو زلزلتها فى نفوس الناس فقط.
برأيك .. ما هى أهم القضايا الخلافية المتعلقة بالخطاب الإسلامى وتحتاج إلى إعادة تفسيرها وتوضيحها؟.
القضايا التى تفتقر إلى تجديد الخطاب بشأنها، هى تلك التى تتعلق بفروع الشريعة، والتى تتغير من آن إلى آخر، لتغير الظروف والأحوال والوقائع، أما أصول الشريعة، فلا تقبل التجديد، لأنها من ثوابت الدين، وليس من المقبول، أن يعبث الناس بالكتاب والسنة، فيعدلوا ما فيهما باسم تجديد الخطاب، فيجعلون للبنت مثل أخيها فى الميراث من والديهما، أو جعل الصلاة مرتين فى اليوم والليل، أو الترخيص بفطر رمضان لمن يزاول أى عمل، أو جعل القوامة مرتبطة بالنفقة، إلى غير ذلك، مما ثبت حكم خلافه بأدلة قطعية الثبوت والدلالة.
هل يمكن تجديد الخطاب دون المساس بالعقائد الدينية ؟.
بالقطع يمكن تجديد الخطاب الدينى دون مساس بالمعتقد، إذا روعى فى هذا الخطاب واقع الناس، ووضعَ حلولا لمشكلاتهم، وبثَّ فيهم روح الإسلام وتعاليمه السمحة، من خلال تلك المعالجة، وبين لهم سبق الإسلام فى مراعاته مصلحة الخلائق، بشرا وسائر مخلوقات الله، واستقطب لذلك أناسا يحترمون عقول من يسمعونهم أو يشاهدونهم، وتجردوا لإيصال رسالة الإسلام إلى وجدان الناس، وليس إلى أسماعهم فقط.
ولماذا الآن تحديدا ظهرت الحاجة إلى تجديد هذا الخطاب ؟.
ظهرت الحاجة لذلك، بعد ظهور الجماعات التى تفعل كل محرم شرعا باسم الدين، خاصة وأنهم أعلنوا على الناس أنهم إنما يطبقون شرع الله تعالي، فكان أن توجه الناس إلى العلماء لسؤالهم عن حقيقة ذلك، فلما لم تسعف وسائل الإعلام العلماء فى بيان القول الفصل فى ذلك، توجه أنصاف المثقفين ونحوهم، إلى كتب التراث ينقبون عما فيها، ويحللون ما يعثرون عليه بفكرهم العليل، ورؤيتهم القاصرة، وحصيلتهم الخاوية من العلم والثقافة، فضلا عن الثقافة الدينية المتخصصة، وساعد على ذلك كثرة العلمانيين والملاحدة فى المجتمع، فأشاعوا الكثير مما أعلن وما لم يعلن عنه، عن وجود ما يقتضى التغيير والتنقية فى كتب التراث الإسلامي، بغية إشباع حاجة فى أنفسهم تجاه الدين والداعين إليه ومعتنقيه.
هل تراجع دور الأزهر الشريف، وتوقف باب الاجتهاد، سبب رئيس لتخلف الخطاب الإسلامى ؟.
لم يكن السبب فى تردى الخطاب الدينى فى عصرنا،، تراجع دور الأزهر، لأن للأزهر دورا يقوم به علماؤه، أشربوه فى جيناتهم، ولا يتصور بأى حال أن يتراجع دوره ما بقى علماؤه يؤدون دورهم فى نشر الإسلام الصحيح، وبذل الجهد فى تصحيح الفكر المغلوط الذى يبث من الداخل والخارج، وباب الاجتهاد لم يتوقف، بل فتح فى زماننا على مصراعية، لإيجاد حكم شرعى لما ينزل بالناس، بحسبان أن ما عالجه السلف من نوازل مجتمعهم، لم يعد لأكثره وجود، لتبدل الأحوال والظروف والوقائع، مما اقتضى من علماء العصر الاجتهاد، للتوصل إلى حكم شرعى فى كثير من القضايا، التى لم يكن لعلماء السلف مجرد تصور لها، فضلا عن معالجتها.
برأيك.. هل ظهور الجماعات المتطرفة كبيت المقدس وطالبان وداعش نتيجة طبيعية لواقع الخطاب الإسلامي؟
ظهور الجماعات المتطرفة لم يكن نتيجة واقع الخطاب الديني، بل إنه هيأ لها فقط المناخ الملائم لاستقطاب من يؤمن بفكرها، خاصة أن التفقه فى الدين ليس من السهولة بمكان، فاستغلت هذه الجماعات جهل من استقطبوهم بالدين، لتتم برمجتهم وفق فكر الجماعات الضال، وإلا فإن فكرها منذ القدم لا يقوى أمام التفنيد والحجج الداحضة لأسسه، ونظرا لأن كثيرا من الناس يعانى ضحالة فكرية ودينية بل وثقافية، فإنه تم استغلال هذا الجانب فيهم لاستقطابهم فى هذه الجماعات.
وماذا عن دور تيار الإسلام السياسى فى تشويه الخطاب الإسلامى؟
لا يوجد ما يسمى تيار إسلامى سياسي، بل يوجد ما يسمى امتطاء الإسلام للوصول إلى عرض الدنيا، كسدة الحكم أو المشاركة فيه، وهذا ما أسفر عنه واقع كثير من الذين امتطوا الدين ليتحقق لهم مأربهم هذا، فقد وجدنا أنه لما خبت جذوة مطيتهم عن الوصول بهم إلى الحكم، أعملوا فى الناس آلة القتل، وفى الأرض الفساد، فأى إسلام يدعو إلى هذا أو يقره، حتى يقال بأن التيار الذى يمتطيه تيار إسلامي، ولذا فينبغى أن يحذف هذا الوصف من أسلوب الخطاب فى وسائل الإعلام، لما يمثله من إساءة بالغة الغاية للإسلام والمسلمين.
لعبت القنوات الفضائية الإسلامية مجهولة المصدر والتمويل دورا فى تشويه الإسلام ..ما قولك ؟.
لا ينكر أحد وجود قنوات مغرضة تنشر فكرا لا يمت إلى الإسلام بصلة، وقد ذكرت مرارا، أن الناس ينامون، إلا أن أصحاب هذه الفضائيات لا ينامون، وهذا يؤكده الواقع المشاهد، فقد وجدنا أن نفس الذين يبثون هذا الفكر المغلوط عن الإسلام فى فضائية منها، تتداولهم وتتعاورهم سائر الفضائيات، لنشر نفس الفكر، وتكرار نفس القول، والتحدث بنفس الحديث واللهجة، حتى أشيع أن بعضهم له استراحة بنفس الفضائية، بحيث يتحقق له الظهور الدائم فى برامجها، ليكون هو المتحدث الأوحد فى كل شيء من أمور الشرع، فهو المبين للعقيدة، والمفسر للقرآن الكريم، وشارح السنة، والمفتي، وفى الوقت المناسب يكون هو الساب والقاذف لمن يخالفه الرأي، وقد رأينا بعضهم استغلالاً لمكانته عند الناس، يرمى علماء الأزهر وغيرهم ممن يخالفونه الرأي، بالتسفيه من قولهم وعلمهم، ونعتهم بأقذع الأوصاف وأشنعها، وقد كان لهذا أبلغ الأثر فى صرف كثير من الناس عن سماع غيرهم، وتحبيذ سماع هؤلاء فى هذه الفضائيات، حتى لقد بلغ ببعض من يسمعونهم الاستشهاد بقولهم، بدلا من الاستشهاد بالوحى الإلهي، وقد صمتت الجهات المسئولة فى الدولة صمتا مريبا عن هذه القنوات، حتى فرخت الإرهاب فى أوصال المجتمع، وحزبته إلى شيع، وأشاعت فيه ما يعلمه القاصى والداني.
ما مدى صحة ما يثار حول التراث الإسلامي، وكتب البخارى ومسلم ؟.
إذا كان المقصود بالتراث الإسلامي، ما كتبه السلف متعلقا بالمعتقد، فإنه فكر يجب علينا تلقى الصحيح منه بالقبول، لأن ما كتب فى صحيح المعتقد له مدعماته من الكتاب والسنة، فإن لم يكن له ما يدعمه منهما، فلا اعتبار ولا قبول له، وأما ما يتعلق بالأحكام العملية (الفقه الإسلامي) فهو منتج فكرى لعلماء السلف، قابل لإعادة النظر فى محتواه عند الحاجة إليه، بحسبان أنه دون فى عصر سادت فيه ثقافات وأعراف ووقائع، تغير الكثير منها فى أزمان تالية، ومنها زماننا، ولذا فإنه يحتاج إلى تجديد صور أكثره، لتواكب العصر، وإيجاد أحكام للوقائع التى لم ترد لها معالجات به، فضلا عن صياغته صياغة يستسيغها أهل هذا العصر، وأما كتب صحيح السنة ومنها صحيحا البخارى ومسلم، فإن الأمة منذ عصور السلف تلقت الأحاديث الواردة بها بالقبول، والتزمت بالعمل بها، واستنباط الأحكام منها، وهم أهل ورع وتقوي، بحسبان أنهم خير منا، بتزكية رسول الله لهم، إذ قال: (خير القرون القرن الذى بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، فالتشكيك فيما ثبت بهما أو بغيرهما مما صحت نسبته إلى الرسول ، من شأنه هدم لبنات هذا الدين لبنة لبنة، ولذا فإن أعداء الإسلام يمسكون بهذا المعول الآن عبر وسائل الإعلام المختلفة، لتحقيق مآربهم هذه.
قرار وزارة الأوقاف بتوحيد خطب الجمعة .. هل يسهم فى تجديد الخطاب، أم يعمل على تجميد عقول الدعاة ؟.
ربما كان لتوحيد خطبة الجمعة فى المساجد رؤية وهدف، يراد تحقيقه من خلالها، حتى لا يترك المجال لخطيب يصول ويجول فى خطبته، بما لا يحقق الغرض من الدعوة، أو يدعو إلى فكر منحرف، أو يمزج فى الدعوة ما ليس منها من عرض الدنيا، ولكن مما لا شك فيه أن التزام الداعية بمنهج الدعوة المنوط به، مع إحكام الرقابة عليه يحقق الغرض الذى كان من أجله الدعوة إلى توحيد خطبة الجمعة، ومما لا شك فيه أن توحيدها كبل الدعاة بمضمونها، وحصرهم فى بوتقتها، وربما نفر بعض الناس عن الاستماع إليهم، خاصة أن هموم الناس واهتماماتهم ليست واحدة، وقد دعا إمام الدعاة وسيدهم إلى مراعاة حال الناس عند مخاطبتهم، فقال: (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم)، كما روى مرفوعا: (حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يُكَذَّب الله ورسوله)، وهذا يقتضى إعادة النظر فى أمر توحيد خطبة الجمعة، لتتحقق منها غايتها، ويكون للخطاب أثره فى النفوس، خاصة أن خطبة الجمعة مناسبة لتوجيه المستمعين الوجهة الصحيحة، فتكون زادا لهم يعينهم على ما يواجهون فى حياتهم.
وماذا عن فوضى الفتاوى ودورها فى تراجع وتخلف الخطاب الإسلامى ؟.
فوضى الفتاوى صارت واقعا أليما يعيشه المجتمع، فما يسمعه الناس من واحد، يجدون نقيضه من غيره، وما يبنيه واحد من فتوى تقوم على أدلة دامغة، ينقضه آخر بأدلة باطلة، قائمة على لوى النصوص واحتلابها للاستدلال بها فى غير موضعها، أو الإتيان بأدلة لا تقوى أمام التفنيد، ونظرا لوجود إعلام مغرض، يقوم على نشر الغرائب، فإن هذا الإعلام استقطب بعض من أزجت بضاعتهم، وزالت هيبة الإسلام من قلوبهم، وضمرت مساحة التقوى والورع من أفئدتهم، فأجرموا بتهجمهم على الفتوى بغير علم، أو بعلم ضال مضل، وقد حدا هذا ببعضهم أن يجتهد فى الإتيان بغرائب الفتاوي، من مثل: من جلس فى موضع امرأة فقد زنا بها، وأن للمرء معاشرة من كانت زوجته إذا فارقت الحياة، بما يسمى (ضجعة الوداع)، وأن الراقصة إذا خرجت لمزاولة عملها، فهى فى سبيل الله، فإذا ماتت على هذه الحالة فهى شهيدة، وأن الطلاق لا يقع إلا برضاء الزوجة، وأن ما لم يوثق منه فغير واقع، وأن الرجل له عدة كعدة المرأة، إلى غير ذلك من الترهات التى صكت أسماعنا وآذت أعيننا قراءتها، وفتحت المجال لغير المتخصصين للتهكم من قائلها، والسخرية منه عبر وسائل التواصل الاجتماعى وغيره، وقد زعم من صدرت عنهم هذه الترهات، أنهم يجددون بصنيعهم هذا فى الدين، ولذا فقد أطلق عليهم بعض المغلوبين على أمرهم، أنهم عصرانيون ومجددون ..، إلى غير ذلك من النعوت التى لا تساوى فى سوق الحقيقة شيئا، وقد أفسدت هذه الفتاوى معتقد الناس وعملهم، فأذهبت هذه الفتاوى الشاذة بالبقية الباقية من احترام الناس للشرع، ولم يكن الغرض من هذه الفتاوى إلا إظهار أصحابها، ومعرفة الناس لهم، لإتيانهم بغرائب فى فتاواهم، من شأنها لفت أنظار الناس إليهم وما صدر عنهم، وفى ظل غياب الرقابة على وسائل الإعلام، فإن هذه الفتاوى لا تزال تصدر بين الفينة والفينة، للقضاء على أحكام الشرع الحنيف، واكتفى بعض الذين لا يريدون الظهور لتصحيح الفكر المغلوط الناتج عن هذه الفتاوي، بتأبط كتب السلف، وشرح محتواها لأناس لا تدرك عقولهم ما اشتمل عليه غلافها فضلا عن لبها، وقد تجاوز الزمن ما سطر فيها، لتبقى هذه الفضائيات المغرضة ماضية فى رسالتها المشبوهة، لهدم الدين، وزلزلة ثوابته فى أفئدة الناس.
عنف الجماعات الإرهابية فى مصر يعد محدودا مقارنة بدول عربية وإسلامية أخري.. هل يرجع هذا إلى طبيعة الشعب المصرى بتسامحه واعتداله ووسطيته ؟.
لا يوصف العنف بأنه محدود هنا، وغير محدود هناك، فالفعل موصوف بأنه عنف، وقد بلغ العنف غايته، من قتل، وإراقة دماء، وهتك للأعراض، وسلب للأموال والممتلكات، وإتلاف كل شيء، فالقتل والترويع، والهمجية، واستباحة كل شىء، وإتلاف أى شيء، هو منهج هذه الجماعات شرقت أو غربت، وهى بالقطع لا تبغى بهذا إلا أمرا واحدا، وهو عرض الدنيا، من جنى لذاتها، والاستحواذ على المال، والوصول إلى الحكم، والغرق فى الجنس، وهذا ما يؤكده الواقع وتكشف عنه الفعال.
ما توقعك بشأن مطالب تجديد الخطاب ؟
إن الجهات المعنية فى الدولة بتجديد هذا الخطاب جهات شتي، فقد ذكرت فى سياق كلامى أن مؤسسة الإعلام مسئولة عن ذلك بالدرجة الأولي، ثم يأتى دور مؤسسات أخر للقيام بذلك، منها: المؤسسات التى تعنى بالثقافة، والشباب، والأمن، والدين، ونحوها، لتقوم بدورها فى هذا السياق، لتتضافر الجهود فيتحقق مطلب تجديد الخطاب، حتى لا تبنى مؤسسة لبنة فى هذا البناء، ثم تأتى أخرى فتهدمها، فالكل مطالب بأن يتخذ كل ما من شأنه تجديد هذا الخطاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.