كلما اقترب شهر مارس من نهايته، واقتربت نسمات الروح من يومها السنوي، وهلت علينا نفحات هذا العيد الروحانى الجميل، «عيد الأم».. يصحو القلب مرة أخرى على ذكريات هذه السيدة العظيمة التى ضحت لنا بوقتها ومالها وعمرها.. ضحت بكل شىء.. عشت معها قرابة نصف قرن وتعلمت منها كل جميل.. حب الله ورسوله وحب الوطن.. والجدية فى كل شىء والتسامح.. عشت معها لا أرى فيها ولا منها غير كل سوى وصحيح.. فيا أعظم سيدات العالم ما هذا الحنان الذى تمتعت به فى طفولتى. ويا أعظم نساء مصر ما هذه الشدة التى لولاها لجنحت بنا سفينة المستقبل فى أثناء المراهقة.. يا خير الأمهات من أين جئت بهذه العبقرية للنصح فى الأزمات ونحن رجال يعتمد علينا.. يا أمى لم تكونى أغنى النساء ولا أجمل السيدات ولا أكثرهن أناقة، ولكننى كنت أرى فيك «الأم المثالية» ولا يمكن استبدال حبك بمن هى أغنى أو أجمل أو أكثر أناقة.. وكلما جاء عيدك غضبت من المسئولين فى مصر للإعلان كل عام وبإصرار عن «الأم المثالية»، فأقول لهم فى هذه المناسبة: يا أيها المسئولون ارجعوا إلى مثل واحد من أمثلة التضحية، ارجعوا إلى إحصاءات التبرع بالكلى وشاهدوا بأعينكم كم من الأمهات خلعت من جسدها هذا العضو الغالى لتزرعه فى جسد فلذة كبدها وبنفس المنطق والأرقام، قولوا للناس كم ابن أعطى والدته كليته؟.. إن الأرقام كلها موجودة بالمستشفيات العامة، وجميعا ترفع شأن الأم على حساب الابن ومن هنا أسأل الأبناء: من منا لا يرى أمه أما مثالية؟ هل الفقر أو فقدان الابن هما المؤشر للمثالية؟.إن تكريم «أم الشهيد» أو التى قدمت تضحية مادية للابن واجب تحتمه الأخلاق والوفاء والإنسانية، ولكن لماذا دائما يكون تحت مظلة كلمة «الأم المثالية»؟.. إننى ومن خلال بريدنا الغالى أقترح أن يكون الاحتفال بأمهات مصر «جميعهن»، ولكن الأولى هو الاحتفال بالابن البار الذى هو العملة النادرة الآن.. إن إظهار هذا الابن الذى ضحى لأمه أو أبيه سيكون قدوة لغيره فى أعمال نحن فى مسيس الحاجة للاقتداء بها. (وحشتينى يا أمى المثالية يا ست الحبايب). د. حسام أحمد موافى أستاذ طب الحالات الحرجة قصر العينى