الماكياج مهنة تتطلب قدراً كبيراً من الابداع والحرفية والابتكار لمن يمارسها، فهي تحقق لصاحبها ومتلقيها الكثير من المتعة خاصة اذا كان الماكيير صاحب رؤية ولمسة جمالية. ولأن السينما تعتمد علي الماكياج كعنصر اساسي وفعال لا يقل في اهميته عن التصوير أو فن التمثيل الذي يقدمه الفنان. حاولنا من خلال صفحة السينما ان نتعرف علي تطور فن الماكياج السينمائي في مصر من خلال أهم موهوبيه ،وهل يمكن ان يكون اي ماكيير ماكييرا سينمائيا ام ان الامر يتطلب شروطا خاصة. وما هي الصعوبات التي تواجه المتخصصين فيه؟ الماكيير السينمائي محمد عبد الحميد يتفق علي اهميته كعنصر اساسي في نجاح وفشل. العمل الفني ككل. ويقول : انا قدمت مسلسل »ذات« لنيللي كريم، واذا لم يكن الماكياج مقنعا ومجسدا لتلك الفترة الزمنية لما نجح العمل بهذا الشكل. فالمشاهد يتأمل تطور المراحل العمرية لها منذ ان كانت فتاة في السابعة عشرة من عمرها حتي وصولها الي مرحلة الكهولة، واذا شعر المشاهد بمدي كونه طبيعيا فهذا هو النجاح، وانا اذكر ان مدير التصوير طارق التلمساني قال لي بالحرف: أنت جعلتني اعود للوراء 40 عاما اذن اذا لم يكن قدم بهذا الشكل كان من الممكن ان يسبب مشكلة، ومن هنا تكمن اهميته. وحول صعوبة الشخصية التي تتضمن مراحل زمنية مختلفة عن اي شخصية اخري يري الماكيير محمد عبد الحميد انه بالفعل صعوبتها اكبر ولكن في نفس الوقت متعتها اكبر كثيرا ويضيف ان تقنية الاضاءة المتطورة والتصوير «بالهاي ديفنيش» يكشف اي عيوب في الوجه ، ويبقي الماكياج وحده القادر علي اخفائها حتي تتناسب مع الشخصية التي تقدم، لذلك لا بديل عن الماكياج الدقيق في اي سينمائي. وعلي سبيل المثال في مسلسل «صديق العمر» لجمال سليمان كان التحدي كيف تحول وجه جمال سليمان المدور الي وجه عبد الناصر المستطيل ، ولكن من خلال النحت حققنا ذلك. و اكد اننا نمتلك ماكييرات علي كفاءة عالية ولكننا نفتقد الامكانيات والخامات العالية التي لا تتواجد هنا الا باجتهاد شخصي، ويضيف الافلام لدينا لا تتيح لنا سوي تقديم الكدمات والجروح هذا اقصي ما نقدمه. لكن هل كل فنان ماكياج من الممكن أن يصبح ماكييرا سينمائيا أجاب: ان تلك كارثة في حد ذاتها لان الماكيير السينمائي لابد ان تتوافر فيه الكثير من الشروط اهمها ان يكون عضواً في نقابة المهن السينمائية، وعلي دراسة وثقافة للماكياج السينمائي، وعلي اطلاع دائم خاصة ان المهنة دخلها الكثيرون من منطلق مساعدتهم لاشخاص، فأنا مثلا تتلمذت علي يد خالي الماكيير محمد عشوب الذي افادني وعلمني كثيرا، ودائما كنت اسافر المانيا للدراسة والاطلاع وهو امر مهم كثيرا وانا حاليا اقوم بانشاء أكاديمية مصغرة لتعليم ماكياج المؤثرات الخاصة، وسأقوم باحضار ماكييرات اجانب للتدريس بها. ويؤكد الماكيير تامر دهب ايضا علي اهمية الماكياج في السينما فهو كما يقول اساس الدور: فنحن والعمل الفني لا يزال علي الورق نجلس ونحدد تفاصيل الشخصية حتي نستطيع ان نرسم الماكياج الخاص بها، حسب الفترة الزمنية والزوايا الخاصة بكل شخصية واذا لم يتم تقديم ذلك بشكل صحيح، يحدث خلل رهيب في العمل الفني كله قد يؤدي الي فشله. والدليل علي ذلك ان الجمهور اصبح لديه الكثير من الوعي لادراك ذلك. ويؤكد تامر أنه ليس كل ماكيير يصلح ماكييراً سينمائيا، فالماكياج العادي والتجميل يختلف عن الماكياج السينمائي الذي يتضمن فن نحت وزوايا مختلفة ومراحل عمرية تختلف باختلاف الشخصية ، وهذا كله يتطلب دراسة من جانب الماكيير بالمؤثرات الخاصة بالسينما حتي نستطيع اظهار الشخصية كما يجب وهو الامر الذي شجعني علي انشاء اكاديمية لتعليم ذلك، وجار الآن اعتمادها بشكل رسمي في مركز الابداع في الاوبرا ونقابة المهن السينمائية. فمثلا انا قدمت مسلسل «ابن حلال» للنجم محمد رمضان والذي اخذ مني مجهوداً في شخصية «حبيشة» الذي كنا نركب له الذقن بالشعرة الواحدة بالاضافة للكثير من الكدمات والجروح الصعبة ولكنني في نفس الوقت سعدت بها وبنجاح المسلسل. والماكياج ماهو الا خدعة بريئة لو لم تظهر حقيقية وشعرت بانها ماكياج، تكون فشلت كماكيير. وعن كون الظروف لا تساعدهم علي ابراز جميع إمكانياتهم مقارنة بالافلام الاجنبية ، يري ان مستوي السيناريو هو ما يحدد ذلك. اما بالخارج فلديهم امكانيات متطورة ومعدات لا توجد هنا كما ان لديهم ويري الماكيير محمود مرشد مقرر شعبة الماكياج بنقابة المهن السينمائية اهمية الماكياج باعتباره عنصرا اساسيا في بناء اي شخصية، فالشخصية تبني علي خمسة عناصر اساسية لا غني عنهما وهي المخرج والمصور ومصمم الأزياء والماكيير والكوافير فهي عناصر لاغني عنها في نجاح اي عمل فني بشرط ان يحدث توافق ضمني بينهم. واهمية الماكياج اختلفت في السنوات العشر الاخيرة بعد التطور الكبير الذي حدث في التصوير بتقنية «الهاي دفينيش» التي تبرز عيوبا بالوجه فاصبح الاهتمام من جانبنا بالماكياج وتفاصيله حتي يظهر بشكل جيد ولكننا والكلام علي لسانه لدينا مشكلة كبيرة كعرب من حيث ثقافة الالوان وتقسيم البشر الي نوعين من الالوان اما البيج الزيتوني او اللون الأحمر، وهؤلاء قليلون فعندما نضع الماكياج علي وجه اي فنانة يظهر بشكل كبير علي انه ماكياج علي عكس الفنانات بالخارج لان هناك لديهم ما يسمي Matching scan اي توحيد لون الوجه مع لون الجسم ككل وهو ما يظهر بشكل طبيعي وهو ايضا ما ترفضه كثير من الفنانات، ولكن تلك الامور في الخارج لا تكون تحت رغبة الفنانة وانما المخرج والماكيير هما المتحكمان في ذلك وان كان البعض اصبح يستوعب الامر الان بعد التطور الكبير الذي حدث. وبسؤاله عما اذا كان كل ماكيير يصلح لان يكون ماكييرا سينمائيا اكد الماكيير محمود مرشد ان الماكيير السينمائي مسألة اخري تماما فهو يحتاج الي دراسة لانه يدخل فيه نوع آخر من الماكياج وهو المؤثرات الخاصة وتلك تتضمن خامات متطورة وزوايا مختلفة،فقديما منذ 40 عاما كنا نعتمد علي من سافروا روسيا ونقلوا ما تعلموه لنا ولكننا الآن منذ 10 سنوات اصبحنا نتابع ونطلع علي ما يحدث في كل مكان بالعالم. اما عن اصعب الشخصيات التي قدمها فأكد ان مسلسل «العميلة ميسي» اخذ مجهوداً مني لانها المرة الاولي في مصر والتي يتم فيها تحويل وجه انسان الي حيوان،لان هذا الأمر لم يتم دراسته بشكل اكاديمي من قبل وكان هناك بعض المحاولات من بعض الزملاء ولكن لم تظهر بشكل حي.