المشهد فى منفذ السلوم كالآتى، الشاحنات الليبية ترسم مشهدا دراماتيكيا لولبيا تصطف عبر الهضبة العالية التى تفصل بين الحدود المصرية -الليبية، وخلفها سيارت الأسر الليبيبة، يقابلها فى الاتجاه إلى مصر طابور طويل من الشاحنات المصرية بعدما رفضت سلطات المنفذ دخول أى مصرى عبر المنفذ إلى ليبيا لخطورة الوضع هناك. سيارات النصف نقل تحمل المصريين العائدين فى مشهد مأساوى، يتكدس العاملون هم وبضاعتهم فى جو شديد البرودة والأمطار، ترتعش أجسادهم وأياديهم من شدة البرد، ويضعون البطاطين فوق رؤوسهم حتى تقيهم شر الأمطار والبرد. من داخل جمرك السلوم يرصد عبدالباسط محمود حميدة ابن السلوم أوضاع المصريين العائدين من ليبيا، بأنهم كمن « عثر على حياة جديدة» فمنذ الضربة وأعداد المصريين تزداد كل يوم، حيث لاحظنا ذلك فى الجمرك، ورأينا أن معظمهم جاء بما استطاع أن يأتى به، حيث وفر الجيش الليبى ممرات آمنة فى الطريق إلى السلوم. قصص العائدين من ليبيا تحمل هموما لا حصر لها، فمحمد من المنيا عاد من سرت بعد ليالى وأيام صعبة، « قابلنا ملثمين امبارح واحنا جايين وأخدوا كل ما معنا من أموال وتليفونات» أشخاص مجهولة لا يعرفهم أحد، حتى السائق الليبى لم يستطع أن يفعل لهم شيئا، أو يتعامل معهم» عام ونصف قضاها محمد فى سرت يعمل فى جهاز البلدية، ظل خلالها كثيرا لا يفكر فى ترك منطقة عمله أوسكنه، « لو حاولنا الخروج من مكان سكننا نتعرض للتهديد وأخذ ما معنا، المصريون الموجودون هناك عاوزين ييجوا بس فيه اللى خايف وفيه اللى مش معاه فلوس علشان ينزل» جاء حادث قتل المصريين والضربة المصرية ليتخذ محمد قرارا حاسما بالعودة، فمنذ أربعة أشهر ومحمد يعمل ولا يتقاضى أجرا « أربع شهور ولم نقبض وفيه ناس كتير زينا مش بياخدوا فلوس» يلتحف حمدى الشاب الفيومى ذو ال 22 ربيعا ببطانية من شدة البرد، ترتعش الكلمات وهى تخرج من فمه، وينتنفض جسده النحيل كثيرا، ظل 8 أشهر بمنطقة البيضة التابعة لطبرق بليبيا « ليبيا مبقتش ليبيا لا توجد دولة هناك بلد يسيطر عليه المليشيات» قالها وكلماته تتطاير مع الهواء تعزف سيمفونية ممزوجة بالرعشة،» المصريون اصبحوا صيدا سهلا منذ الضربة والجماعات الارهابية قاموا بتحطيم سيارات المصريين، ودخول منازلهم وتحطيم أى شىء يجدونه». من بعد السلوم لا توجد دولة توجد غابة من العصابات، هكذا يستكمل حمد وصف رحلة المعاناة الطويلة وأميال الخوف التى قطعها حتى وصل إلى منذ السلوم» الحمد الله انى وصلت مصر وحسيت بالأمان واتمنى الان الدخول مع الجيش أحارب العصابات والجماعات الإرهابية» وأضاف أن كثيرا من الشعب الليبى تغير بعد الثورة ووجدنا بعضهم يتعامل معنا بمنطق مختلف،» الشعب الليبى لا يحكى باللسان بيحكى بالسلاح» وأصبحنا نرى وجوها غريبة ليست عربية «. ويصف المصريين هناك بأنهم يتعرضون لأقسى أنواع التهديد والخوف» يوصدون أبوابهم بالعديد من المتاريس خوفا من هذه الجماعات وأحيانا نجد عساكر صغار اصبحوا يهجمون على المصريين فى بيوتهم ويأخذون ما معهم». ينظر سيد من الجيزة الى الجبل خلفه وهو يتوارى متحسرا بعدما عاد من رحلة الأخطار،» صورونا يابيه إحنا تعبنا وشفنا الذل هناك» متكوما هو وأبناء بلدته فى السيارة النصف نقل التى عادت بهم من المنفذ فى طريقها إلى الموقف» ياريت تحاولوا توفروا أى حاجة للمصريين هناك، طول الطريق بنقابل عصابات تثبتنا وتاخد اللى معانا». المعاناة والخوف شارع رئيسى واحد، تنتشر على جانبيه محلات البضائع والتخليص الجمركى والمطاعم، ومبان بسيطة، ونحو20 ألف مواطن، هذه هى مدينة السلوم، التى تحوطها الهضاب والبحر. تعانى السلوم منذ فترة بسبب الأحداث فى ليبيا، من كساد التجارة وغلق الجمارك بالنسبة للورادات، والاكتفاء فقط بالصادرات عن طريق الشاحنات الليبية فقط، وبسبب ذلك لا ينفى عبدالله محمد رحومة أن يعمل الناس فى التهريب، فلا مشروع استثماريا يجمع الشباب، وكثير منهم يحمل مؤهلات عليا، ولكننا نجد موظفين من محافظات أخرى يعملون هنا. وعن أحداث درنة يطالب عبدالله بأن تتوقف مصر عن استقبال الليبيين، فنحن لا نعلم ما الذى سيفعله، وقد يحدث اشتباكات بين السائقين. الحاج يوسف عبد الحى عمدة شباب السلوم، يقول لو كان هناك تهريب يكون من خلال البحر، وحدود الناصرية وحتى بحر الرمال على حدود السودان وهى كلها صحارى شاسعة، ولكن الكل يتهم أهالى السلوم، الأزمة الآن فى الشباب العاطل بعد غلق منفذ السلوم. ونريد نظرة لهذا المكان وتنميته، فالمستشفى الموجود ضعيف للغاية، ولا توجد خدمات، ونعانى من الاتهامات بأننا نقوم بتهريب المخدرات والسلاح والترامادول. ويحذر عمدة شباب السلوم من تسلل داعش وفجر ليبيا عبر الحدود وليس منفذ السلوم، فهو مؤمن تماما ولا خوف منه، ويطالب السلطات بفحص كل الليبيين القادمين خاصة القادمين عن طريق المجلس الانتقالى بطبرق، وبنغازى.