بعد شهور من انتظار حركة المحافظين الجدد، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى وخاصة للسيدات والفتيات بصور وتعليقات على المرشحين من المحافظين الجدد وبالأخص محافظ الإسكندرية، وسرعان ما انتشرت صوره العامة والشخصية بملابس السباحة وفى أثناء ركوب دراجته فى أحد السباقات وفى المنزل، بالإضافة إلى فيديوهات ونكت و«افيهات» منها من تطالب فيها السيدات بالهجرة إلى الإسكندرية، ووضع الدبابيب والقلوب على أبواب المحافظة.ومع صباح يوم السبت فتحت شاشات التليفزيون لنترقب وجوه السادة المحافظين فى انتظار التأكد من الخبر، وربما لم تلتفت الكثيرات لتعيين ثلاث سيدات كنواب محافظين. فبعد أن كان متوسط عمر المسئول 60 عاما وصبغة الشعر أحد أدواته الشبابية الرئيسية، أصبحت وجوه شابة بحق تتصدر المشهد وتتولى مناصب مهمة فى الدولة، وإذا كانت السيرة الذاتية للمحافظ العامل الرئيسى فى اختياره من قبل متخذى القرار فإن الشكل كان العامل الأول فى قبول المواطنات له. وهى ليست المرة الأولى التى يواجه فيها مسئول هذا السيل من المعجبات فقد حدث نفس الشىء بعد ثورة 25 يناير عندما بدأنا نرى وجوها شابة على شاشات التليفزيون مثل ما حدث وقتها مع سياسيين كالدكتورعمرو حمزاوى الذى ملأ القنوات ب «الحظاظة» وتابعته المعجبات على كل البرامج، ثم تكرر الأمر مع الدكتور مصطفى حجازى مستشار الرئيس السابق عدلى منصور، الذى اشتهر بأناقته وأسلوبه الراقى فى الحديث بالإضافة إلى دوره فى توضيح الوضع السياسى المصرى بعد ثورة 30 يونيو والتى كانت للسيدات دور فاعل وأساسى فيها، ومن ثم كان خطابه يلقى هوى لدى الغالبية من السيدات، وقد تم تدشين حملة لترشيحه لرئاسة الجمهورية آنذاك. ثم مع بداية تولى الرئيس السيسى وزيارته لضحية التحرش ثم جولة الدراجات والتى شجعت كثيرا من السيدات على ركوب الدرجات. ثم ظهرت موجة أخرى من الإعجاب بالسياسيين مع تعيين العقيد أحمد على متحدثا عسكريا للقوات المسلحة، وقد تم إنشاء صفحة «محبى العقيد أركان حرب أحمد محمد على» والتى تضم أكثر من 80 ألف متابع حتى الآن وتتسابق المعجبات من الفنانات والسيدات للتصوير معه كأى نجم سينمائى بمجرد ظهوره فى أى تجمع. وهناك أسباب كثيرة منها وسامته وربما لأنه يرمز للقوات المسلحة التى أنقذت مصر من خطر كاد أن يفتك بها، أو لتواصله الجيد مع الناس، فقد أعطى تعظيم سلام على صفحته بعد الاستفتاء على الدستور قائلا: «فى نهاية اليوم من عملية الاستفتاء على دستور مصر، كل التحية والتقدير لشعبنا العظيم خاصة سيدات مصر وشبابها الواعد على المشاركة الإيجابية التاريخية وتحملهم المسئولية الوطنية بكل رقى وتحضر». وعن هذه الظاهرة تقول الدكتورة هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع وخبير الاستشارات الأسرية أن المصريين اعتادوا الحكم على الأشخاص بالمظاهر فقط وهو ما يجب أن يتخلوا عنه، وأن يكونوا موضوعين فى تقييمهم واختيارتهم وحياتهم بشكل عام، فتقييم المسئول أو المديرالجديد يكون بناء على الخبرة والتعليم والثقافة أولا ثم الخطط والرؤى والأفكار التى يطرحها، بالإضافة إلى قدرته على صياغة كل ذلك وتحقيقه على أرض الواقع بشكل سليم، ومن ثم يترجمه إلى إنجازات يدمج فيها بايجابية كل شركاء التنمية فى محافظته. وهناك فوائد كثيرة للاستعانة بشباب لأنه جاد، ومتعلم، وواثق من نفسه، متجدد وقادرعلى العطاء، بالإضافة إلى أنه مبدع ومبتكر فيعطى أفكارا خارج الصندوق من خلال أطر جديدة وينطبق ذلك على كل من الشبان والشابات. فأدعو الجميع إلى الكف عن التعامل المظهرى مع المسئول لأنه لا يرتقى إلى التقييم الموضوعى سواء من الأجهزة الإعلامية أو من الجمهور. أما الدكتورة رضوى سعيد عبد العظيم استشارى الطب النفسى بقصر العينى فترى أنها ظاهرة طبيعية وصحية، فلا مشكلة فى تعبير السيدات عن إعجابهن، فالمرأة ليست وحدها رمزا للجمال والانجذاب، ولكن الرجل أيضا يمكن أن يكون جذابا، وللأسف دائما ما ننظر فى مجتمعاتنا للمرأة وحدها على أنها رمز الخطيئة أو الإثارة، كما أن فكرة انجذاب المرأة ليست جديدة فقصة امرأة العزيز وسيدنا يوسف خير دليل على ذلك. وترى أنه من المهم جدا أن يكون المسئول جذابا، فالانجذاب جزء من النجاح ومن قدرته على التأثيرالذى يعد مهما جدا فى علم النفس، فالمسئول المهمل فى مظهره أوملبسه يفقد اهتمام الناس بسرعة حتى لو كان كلامه مهما، وتضيف: ان تردى الذوق العام والاهتمام بالمظهر والملابس والآداب العامة جعل الناس سواء رجالا أو نساء ينجذبون تجاه أى شخصية عامة ترمز للجمال وعادة ما كانت ترتبط بنجوم السينما ولكن الجديد هنا ارتباطها بالسياسيين، فلابد من دراسة هذه الظاهرة للتعرف على التغيرات التى طرأت على مجتمعنا. وتحث د.رضوى الأزواج على الاهتمام بمظهرهم ونظافتهم الشخصية، ولاداعى للاستغراب فقد أظهرت أبحاث عديدة أن افتقار الصحة العامة والنظافة الشخصية كانت من أهم أسباب الاضطرابات الزوجية ومن ثم النفور بين الزوجين فى بعض البلدان العربية. تبقى الحياة الخاصة لهؤلاء الشخصيات العامة محل اهتمام وشغف من عامة الناس، ولكن إذا كان الأمر مدعاة للدعابة فيجب ألا يتجاوز فى حق هؤلاء وزوجاتهم وأولادهم فهم يؤدون واجبا وطنيا فى وقت يهرب كثيرون من تحمل المسئولية.