ما حدث من قتل جماعى لعمال مصر فى ليبيا هو رسالة إلى عواصم أوروبا التى انتفضت لقتل صحفيين فى فرنسا والتحالف الدولى الذى أعلن الحرب على الإرهاب ضد داعش فى العراق والشام، ولا يمكن الفصل بين قتل صحفى وقتل الكساسبة وقتل أقباط مصر، فالهدف واحد هو إرهاب شعوب المنطقة وإثارتها ببعث الفتنة واندلاع حرب أهلية فى بلادنا تحقق أهداف أعدائنا. أعلم أن مجلس الدفاع الوطنى فى حالة انعقاد دائم واتخذ قرارات صائبة لحماية الأمن القومى ، بضرب معسكرات الإرهاب فى ليبيا، وهو ما أشارت ودعت اليه مقالات عديدة من عام مضى، على صفحة قضايا وأراء مرارا بالقيام بضربات استباقية ضد الإرهاب فى ليبيا. فمصر فى خطر وتحارب فى اتجاهات خمسة، الشرقى فى سيناء وسواحله وساحل البحر الأحمر، وشمالى ضد محاولات اختراق سواحلها فى البحر المتوسط وجنوباً، وحدودها مع السودان فى توتر دائم لمحاولات تهريب الأسلحة عبر الحدود للداخل، وغربى فى إرهاب متصاعد بدعم إقليمى تعددت فيه الجماعات الإرهابية تنظيمياً وأيديولوجيا، ورصيدها هو سلاح الجيش الليبى المنحل، أما الجبهة الخامسة فهى إرهاب الداخل الذى تديره جماعة الإخوان الإرهابية الدولية. مصر تخوض معركتها جيشاً وشرطةً وشعباً فى بسالة وبطولة لا نظير لها وسوف تبقى وتستمر مصر والمصريون لا يخيفهم قتل عشرين أو مائة أو ألف بل هذا يزيدنا عزماً وإصراراً لمحاربة الإرهاب، مصر تقود حرباً كما قال رئيسها السيسى نيابة عن العالم . ولكن فى الاتجاه الغربى مصر تحتاج لمؤازرة دول المغرب العربى ودول جنوب أوروبا فى حربها، لأن التهديد سوف يطولها إن قدر للإرهاب التوسع على غرار سورياوالعراق، أى أن المطلوب تنسيق دولى بين مصر والسودان تونس والجزائر يصل حتى تشاد ومالى لمواجهة خطر داهم يعد تهديدالأوروبا، كما وضح فيما أذيع على لسان القتلة فى حادث اغتيال الشهداء المصريين. إن كان هذا هو خيارناالأمنى لتأمين الاتجاه الغربى بالتعاون مع دول المغرب العربى وأوروبا، فلابد من موقف ضد من يمول الإرهاب، فمصر فى حالة حرب أعلنتها تركيا بدعمها اللامحدود للإرهاب بإيواء عناصر الإخوان الإرهابية، وتسهيل وصول ونقل المتطوعين ،هذا غير بث قنوات فضائية تدعو للإرهاب، لكن اتفاقية القسطنطينية تمنح مصر الحق فى توقيع عقوبات ضد من هو فى حالة حرب معهاودعم الإرهاب والإخوان هو هذه الحرب، وطبقا للاتفاقية لا يسمح بمرور سفن من قناة السويس لدول فى حالة حرب مع مصر وأولها تركيا، رغم خسائرنا من رسوم المرور لكن دماء شهدائنا أكبر وأغلى . ثم إنه لماذا هذا الصمت العربى ،ضد سياسة قطر ونقضها الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة عام1998، هذا غير نقضها الأخير لما اتفقت عليه مع المغفور له جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، بعدم التدخل فى شئون مصر الداخلية. هذا رأى أرجو أن يكون محل دراسة من صانعى القرار، أو لجنة الأزمات ،فلابد من معاقبة كل من يدعم الإرهاب وارتضى وقبل أن يكون أداة لمخطط إرهابى دولى لإسقاط مصر تمهيداً لتقسيم المنطقة وتبديد مواردها. والحديث ليس انفعالياً بل منطقياً وعملياً، فلابد لمن يمد يد العون للإرهاب أن يدفع ثمن جرمه. مازال الأمر مبكراً لإقامة تحالف أوروبى ودول المغرب العربى ومصر فى مواجهة الإرهاب، وها هو الخليج العربى كاملاً يضجر من تلكؤ إدارة أوباما فى إدارة الأزمة فى سورياوالعراق لعامين كاملين حاول الإرهاب أن يصل خلالها الإرهاب إلى شمال المملكة فى محاولات يائسة. أعتقد أن اجتماع مشترك بين رؤساء أركان الجيوش العربية لتفعيل معاهدة الدفاع العربية المشتركة لهو ضرورة لوضع إستراتيجية أمنية عسكرية لمكافحة الإرهاب، فيبدو أن الاتفاقية العربية لعام 1999م غير كافية الآن والبلاد العربية تحتاج لخطط استباقية لمكافحة إرهاب دولى مدعوم خارجياً من أطراف إقليمية فمازال لنا أمل فى جامعة الدول العربية. وفى هذه اللحظات الحرجة والأليمة صفعتنا الأولى للإرهاب هى الالتفاف خلف القيادة السياسية والجيش والشرطة فى الحرب ضد الإرهاب. لمزيد من مقالات د. عبد الغفار عفيفى الدويك