بكثير من الجرأة والحيوية بدأت المرأة المصرية فى التعبير عن نفسها بعد الثورة فتارة تثور، وتارة تصارع لتعلن رغبتها فى تصحيح مسارها ونظرة من حولها، ورغم كل الجهد الذى بذلته لتغيير تاريخها الطويل، ودورها الاكثر وضوحا فى اشعال احداث الثورة ومشاركتها التى حسمت العديد من الخطوات الثورية بعد أن قدمت الجهد والدم والدعم السياسى بكل صورة لتفتح امام نفسها وامام وطنها بابا اكبر وأوسع للمستقبل، الا أنها مازال لديها الكثير لتقدمه لوطنها العزيز ففى معرض الكتاب لمست الاهرام تغيرا ملحوظا فى نسبة الوجود الشبابى وفى اعداد المؤلفات النسائية، بل حتى فى طموح المرأة الابداعى والوظيفى فى مجال النشر الذى كان ينظر اليه في السابق بحذر شديد، وقد رأت صفحة المرأة أن تستعرض نماذج ميدانية للمبدعات والقائمات على طرح الابداع والجمهور من المثقفات. نوران عادل المصرى مدير النشر الالكترونى «بدار أطلس» ومسئولة مشروع الشباب ترى أن تكاثر عدد المبدعات الشابات بعد الثورة قد أوحى لها بفكرة فتح دار نشر جديدة أمام الشباب، لاتاحة فرص لهم للحصول على تقييم حقيقى ومناخ جاد لتقديم المتميزين منهم،مستهدفة بذلك اعداد أجيال ذات انتاج ثقافى متميز كنجيب محفوظ أو الدكتور أحمد مستجير. وتضيف: أن ابداع المرأة الذى غلب عليه الصبغة والنزعة الانسانية والاجتماعية، مازال يمتلك القدرة على التميز باختلافه عن ابداع الرجل الذى يرتكز غالبا على العلوم السياسية والدينية، فالرجل فى حالة انتقاله للابداع الادبى يأتى الادب لديه ممزوجا بالعلم والمغامرة والمخترعات، وذلك على العكس من ابداع المرأة الغارق فى الواقعية، وهو ما يجعل فرص الجذب لدى القراء متساوية على مستويات الابداع الروائى والقصصى. وتضيف: فغالبا ما نجد قلم المرأة غارقا فى التفاصيل بعكس قلم الرجل، وذلك لنقص المطروح من الكتب الإبداعية الخاصة بها، بالأضافة الى رفض الرجل بصورة مباشرة أو غير مباشرة لابداع المرأة. فى حين ترى المؤلفة أسماء جمال صاحبة المجموعة القصصية (قادين) -أى المرأة وهو اللفظ الذى كان يوضع قبل اسم زوجات الملوك فى مصر قبل سنوات- أن انشغال المرأة بقضاياها ووقوعها فى دائرة القهر جعلها مشغولة بالتعبيرعن هذه التجارب، كوسيلة لاقناع المجتمع بتبنى المزيد من المعالجات المتحضرة لقضاياها، وهى لا تجد تباينا بين أنواع ودرجات الضغوط الواقعة على المرأة فى مختلف مراحل حياتها لذا فقد تعمدت أن تستعرض مواقف 16 قصة للنساء مختلفات في معاناتهن، وان كانت اضافت قصة واحدة للتعبير عن رؤية رجل واحد ليصبح كتابها عادلا ومتوازنا ومنصفا له أيضا، تقول: أردت فى كتابى أن أطرح سؤالا واحدا هو هل تغيرت حقا نظرة المجتمع المصرى للمرأة؟.. وكيف تغيرت تلك النظرة ومازالت تتعرض لمشكلات.. وتعامل دائما ككائن ناقص.؟؟ مشيرة الى ان التمييز الموجود فى المجتمعات الانسانية ضد النساء يدفع المرأة لتبنى وسائل جديدة للخروج من حلقة التمييز سواء كان سبب هذا التمييز رجلا او امرأة ومهما اختلفت مبرراته القانونية او الاجتماعية، ولقد لاحظت ميل أكثر النساء بعد الثورة للتخلى عن أنوثتهن مقابل سعيهن لانتزاع حقوقهن فى العدالة والمساواة من الرجال، وجاء ذلك كانعكاس طبيعى لتدنى النظرة للمرأة بسبب أنوثتها. عايزه أخلعه..! أما آية الهوارى صاحبة كتاب «عايزة اخلعه» فقد استهدفت من كتابها اطلاق صرخة تحذير مجتمعية لخطورة استمرار المجتمع فى التمييز ضد المرأة مشيرة الى تركيزها على نوعيات الضغوط التى تعانى منها الانثى كزوجة، والأخطاء المتكررة التى تغلف العلاقة بين الزوجين فى مجتمعاتنا وتهدد مؤسسة الزواج، وقد تعمدت صياغة الكتاب بأسلوب ساخر لتخفيف حدة المشكلات، وأضافت: وجدت تشجيعا وحماسا للكتاب بمجرد ذكر عنوانه من الكثيرات، لكن اكثر الداعمات لى كانت أمى وعلى الرغم من أن دراستها للفن تؤهلها لتبنى صور مختلفة من الابداع، الا انها فضلت الابداع اللفظى لقدرته على بلوغ مختلف فئات المصريين مشيرة الى أن نقص التقدير لجهود المرأة لهو موقف ظالم. واشارت الى أن تجربتها مع والدها شديدة الخصوصية حيث شجعها على الابداع مؤكدة: أن محاصرة المرأة بين ادوارها التقليدية كزوجة وأم، وبين عملها قد يمنعها من ممارسة أدوار مجتمعية أخرى، فغالبا ما نجد الزوج رافضا لابداع المرأة بسبب الغيرة أو الخوف من التقصير فى الادوار المنزلية الاخرى. وتضيف أنها تعتقد ان المرأة فى بيت أبيها تكون أكثر حرية وابداعا وأقل خضوعا للضغوط والتمييز من بيت زوجها، الا أن هذا لا يلغى معاناتها من الضغوط. وتشير أسماء جمال الى أن الثورة قد عززت رغبة المرأة الصادقة فى الحصول على فرص عادلة وعلى المجتمع المصرى ان يستعد، فالنساء (قادمات بقوة) لتغير واقع مصر الى الافضل لهن ولأولادهن من جيل الشباب.