تترقب القوى السياسية الكبرى على مستوى العالم زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لمصر. فالزيارة تحتل أهمية كبيرة ليس على مستوى العلاقات الثنائية التاريخية فقط بين البلدين مصر وروسيا، بل تكتسب أهمية كبيرة من أهمية دولة مثل مصر ومكانتها الكبيرة والمؤثرة فى المنطقة العربية وروسيا التى تعد أهم أحد أقطاب القوى السياسية على مستوى العالم.وقد زار الرئيس عبدالفتاح السيسى روسيا عندما كان وزيرا للدفاع بالقوات المسلحة واحتلت الزيارة آنذاك اهمية على المستوى الدولي. والآن يزور بوتين مصر ليؤكد عمق العلاقات وتأييد روسيا لمصر فى جهودها للوصول للديمقراطية وتحقيق النمو الإقتصادى الذى يؤهلها لأن تكون قوة عظمى على مستوى العالم. يقول السيد أمين شلبى رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية إن زيارة بوتين تمثل انطلاقة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين والتى تطورت وتجددت بعد موقف روسيا من ثورة 30 يونيو واحترامها لإرادة الشعب المصرى واختياراته وهو الموقف الذى أسهم فى تبنى مصر لاستراتيجية جديدة لتوسيع علاقاتها على جميع القوى الدولية وليس على قوة واحدة. وأشار إلى أن زيارة وزيرى الدفاع والخارجية الروسيين السابقة لمصر تعكس إهتمام روسيا بعلاقاتها مع مصر حيث إنه أسلوب محدود فى الدبلوماسية الروسية يتم تطبيقه مع عدد قليل من الدول. وتكتسب الزيارة المرتقبة أهمية كبيرة حيث إنه من المتوقع إبرام اتفاقيات بين الجانبين خاصة فى مجال التعاون العسكرى ومجال مكافحة الإرهاب الذى تعانى منه كل من مصر وروسيا. وهناك مجالات كثيرة للتعاون بين البلدين يمكن أن تمثل انطلاقة أخرى للعلاقات مثل مجال الطاقة النووية والمفاعلات النووية. وأشار إلى أن الرئيس بوتين يزور مصر فى وقت تتعرض فيه روسيا لعقوبات من قبل الغرب وتوتر فى العلاقات بسبب الأزمة الأوكرانية لذا تحرص روسيا على مواجهة هذه المقاطعة الاقتصادية بالتعاون مع قوى دولية وإقليمية أخرى مثل الصين والهند ومصر. والزيارة تؤكد إستراتيجية مصر بالانفتاح على جميع دول العالم وتوسيع علاقاتها مع جميع الأطراف. وأشاد أمين شلبى بوجود « وحدة روسيا» والتى من شأنها متابعة تنفيذ ما تم التوصل إليه من اتفاقيات مع الجانب الروسى للتغلب على البيروقراطية والمعوقات التى تحول دون متابعة وتفعيل ما يتم التوصل اليه بين البلدين. ويقول السفير السابق عبدالرؤوف الريدى إن زيارة بوتين تحتل أهمية كبيرة على مختلف النواحى سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية. فسياسيا روسيا دولة كبرى على مستوى العالم وتعكس زيارته وجود الترحيب الدولى بسير مصر فى تنفيذ خريطة الطريق بعد وضعها للدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والإعداد الآن لإجراء الانتخابات البرلمانية. وأضاف الريدى أن التعاون العسكرى بين الجانبين المصرى والروسى يمثل أهمية كبيرة أيضا خاصة فى هذا التوقيت فى الظروف الصعبة التى تعانى فيها المنطقة والعالم اجمع من خطر الإرهاب.لذلك فزيارة بوتين تصب فى إطار دعم مصر فى حربها ضد الإرهاب. وأشار الريدى إلى أن الزيارة تعطى رسالة لدول العالم بضرورة الاتحاد والعمل سويا من أجل وضع حد لخطر الإرهاب كما توجه الزيارة رسالة للعالم بأن مصر قادرة على تخطى الصعوبات التى تواجهها وتسير بنجاح فى طريق النهضة الاقتصادية. وردا على ما إذا كانت الزيارة يمكن أن تؤثر سلبا نظرا للتوترات بين روسيا والاتحاد الأوروبى بسبب الأزمة الأوكرانية، يؤكد عبدالرؤوف الريدى إن الزيارة حتما سيكون لها تاثير إيجابى خاصة ان قوى عظمى مثل ألمانيا تحاول فى الوقت الحالى حل الأزمة بين روسيا والاتحاد الأوروبي. من جانبه يؤكد وهيب المنياوى السفير السابق وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أن زيارة الرئيس الروسى بوتين تؤكد سير الدبلوماسية المصرية بشكل ممتاز بمنتهى الحرفية والذكاء وتؤكد للعالم أن مصر دولة لا ترتبط بقوى عظمى واحدة بل مصر تسعى لترسيخ علاقات جيدة مع جميع الأطراف، فعلى سبيل المثال مصر تتمتع بعلاقات استراتيجية جيدة مع الولاياتالمتحدة رغم وجود اختلاف فى بعض وجهات النظر أحيانا ولكن هذا لا يعنى تبعية مصر لدولة بعينها، فمصر تحظى بصداقة جميع الدول وفقا للمباديء الدولية السليمة وعلاقة مصر مصر بأى دولة لا تعنى على الاطلاق وجود قيد يمنعنا بالحفاظ على علاقتنا الجيدة بدولة أخري. وأضاف أن الرئيس فلاديمير بوتين يتمتع بشخصية ناجحة وذكية جدا ويحظى بتأييد شعبى نظرا لقوة مواقفه على المستوى الدولى وهو ما يجعل روسيا دولة تؤثر على توازنات القوى على مستوى العالم. وهو أمر مطلوب ويصب فى مصلحة الجميع لضرورة وجود تعددية قطبية. من ناحية أخرى فمصر دولة تتمتع بمكانة عالية على المستويين الإقليمى والدولى والخطة التى وضعتها مصر لتحقيق الديمقراطية والنهضة الاقتصادية تؤهلها مستقبلا لان تكون دولة مؤثرة على مستوى العالم وتسهم فى تحقيق توازن فى التوازنات السياسية دوليا. وقال إن توقيت زيارة بوتين لمصر مهم جدا ومناسب قبل المؤتمر الاقتصادى وفى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة حاليا. وحتما سيكون للزيارة نتائج إيجابية سواء فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية أو فيمايتعلق بوجود رؤية مشتركة للظروف التى تمر بها المنطقة وكيفية الخروج منها وهى ظروف خرجت عن جميع القواعد الدولية سواء فى العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن. فمع المكانة المؤثرة التى تحظى بها كل من روسيا ومصر يمكن التعاون من أجل تصحيح الأوضاع فى المنطقة. وقال إن الزيارة تؤكد فكرة مهمة وهى عدم امتلاك قوى بعينها لزمام الأمور دوليا بل إن الأمر لا يخضع لطرف أو دولة بعينها. كما تثبت الزيارة ضرورة تكاتف الجميع لمواجهة خطر الإرهاب للحفاظ من جانب كل دولة على مصالحها. مؤكدا أن مصر بعد ثورة 30 يونيو أصبحت قادرة على تغيير الوضع فى المنطقة للأفضل .