هل يمكن للدولة التركية أن تجمع في نسق واحد بين وجهات النظر الإسلامية التقليدية ومشروع التحديث الذي ينتهج النهج الثقافي الغربي.. أم سيظل العلمانيون والإسلاميون حبيسي مواقفهما المتباينة؟ وهل يمكن لتركيا أن تنجح في أن تحقق سلامها الخاص بين تقاليدها وثقافتها.. وأن تتبنى فى الوقت ذاته- وعلى نحو رسمي- شكلا براجماتيا للإسلام؟ وهل في استطاعة هذا الشكل البراجماتي للإسلام أن يصبح نموذجا للدول الإسلامية الأخرى؟ الجيش الذي حمى طويلا مبادئ أتاتورك وتصدى للخارجين عليها.. هل كان عاملا مساعدا أتاح لأتاتورك الذي سمح بقيام الأحزاب وأغلقها حين هددت صلاحياته أن يظل مسيطرا على عقول ثلاثة أجيال في تركيا؟ وهل ما زالت التقاليد الشرقية الإسلامية قائمة داخل مجتمع علماني وضع أسسه أتاتورك؟ وهل كان لانتشار التعليم الديني دور في مواجهة الماركسيين.. وفي تقوية شوكة الإسلاميين في ظل حزب الرفاه؟ هل ماتت الكمالية بتركيا بحسب قول محلل سياسي تركي لكن لا أحد يعرف كيف التخلص من جثتها؟ هذه وغيرها أسئلة تطرح نفسها في تركيا ربما لن تجد لها في المستقبل القريب حلولا نهائية ومحددة، لكن استقرار تركيا على المدى الطويل يعتمد على نحو جوهري على الجهد المطلوب بذله من كل الأتراك لإيجاد حلول سلمية لهذه الأسئلة.. وهذا ما يقدمه لنا كتاب «تركيا بلا قناع.. من العلمنة إلى الأسلمة».. للكاتبين نيكول وهيو بوب.. والذي ترجمه إلى العربية المترجم «أحمد هريدي».. وصدر هذا الأسبوع عن مركز دراسات الإسلام والغرب بالقاهرة. ويقدم الكتاب صورة بانورامية لشبكة العلاقات التي تحكم حركة الحياة والمجتمع في تركيا منذ مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك وحتى أحفاده سليمان ديميريل ونجم الدين أربكان ومسعود يلماظ وتانسو شيلر ورجب طيب أردوجان. .. فعلى الرغم من مرور أكثر من 91 عاماً على سقوط الحكم العثماني، فإن حيرة الأتراك بين شرق مسلم وغرب دعا إليه أتاتورك ما زالت قائمة ومستمرة، فالإسلاميون يتمسكون بالتقاليد، والعلمانيون يشهرون سلاح أتاتورك وقوانينه وتعاليمه في وجه أي محاولة تستهدف الماضي حتى لو جاءت عبر حزب سياسي مقنن. جولة في التاريخ التركي يأخذنا إليها الكتاب، عبر العديد من محطاته، منذ أن ترك أتاتورك بلاده في منتصف الطريق وحتى بزوغ نجم رجب طيب أردوغان وعبد الله جول.
الكتاب: تركيا بلا قناع .. من العلمنة إلى الأسلمة تأليف: نيكول وهيو بوب ترجمة: أحمد هريدي الناشر : مركزدراسات الإسلام والغرب 2015