تستقبل سويسرا ابتداء من اليوم - الثلاثاء - أضخم وأهم منتدى للاقتصاد العالمي، وهو منتدى دافوس الذى سيعقد فى منتجع يحمل الاسم نفسه بجبال الألب السويسرية. ينطلق المنتدى رسميا مساء اليوم بكلمة لمؤسس ومدير المنتدى كلاوس شفاب، وحفل موسيقى رفيع المستوي، ومراسم لتوزيع جوائز المنتدى السنوية، فى حين تبدأ المناقشات الفعلية للمنتدى غدا - الأربعاء - بمؤتمر صحفى تمهيدى يستعرض أهم فقرات المنتدى وأبرز المشاركين والمتحدثين، وتستمر المناقشات والجلسات حتى يوم 21 الجاري. وتعقد مناقشاته واجتماعاته تحت شعار «السياق العالمى الجديد واستكشاف التحديات العالمية الأكثر إلحاحا فى عام 2015». ويتوقع أن يشارك فى الدورة 45 من المنتدى أكثر من 2500 شخص من 40 دولة، سيكون من بينهم أكثر من 300 رئيس دولة وحكومة ووزير، إلى جانب حوالى 1500 من صانعى القرارات الإقتصادية ورجال الأعمال، وكذلك ممثلين عن منظمات دولية، و14 من حائزى جائزة «نوبل»، وممثلين عن المجتمع المدني. وبين أبرز الشخصيات المشاركة فى المنتدى هذا العام : رئيس البنك الدولى جيم جونج كيم - الأمريكى من أصل كورى جنوبى - والرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند, وإيريك شميت رئيس «جوجل»، ووينى وينياما المديرة العامة لمنظمة «أوكسفام»، كما تشهد اجتماعات هذا العام مشاركة رئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو، لتكون بذلك أول عودة لتركيا إلى المنتدى بعد خمس سنوات منذ المشادة الكلامية الشهيرة عام 2009 بين رئيس الوزراء التركى آنذاك رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلى السابق شيمون بيريز، والتى قال أردوغان وقتها إن «دافوس انتهى بالنسبة له»، ولكنه يبدو أنه عدل عن رأيه فى ظل التراجع الاقتصادى الحاد الذى تواجهه تركيا هذه الأيام تحت قيادته، وتردى علاقات بلاده مع كثير من دول العالم، وبخاصة الدول الأوروبية. وكشفت تصريحات مؤسس ورئيس المنتدى كلاوس شفاب، عن التوقعات المبدئية لما تحمله أجندة المنتدى هذا العام، حيث قال إن قادة العالم يواجهون تحديات غير مسبوقة بتعقيداتها وسرعتها وترابطها، وأن تلك التحديات تشكل عائقا أمام بقائهم فى مناصبهم. وأضاف شفاب - المتخصص فى العلوم الاقتصادية أن «هذه التحديات تدعو إلى ضرورة إيجاد وسيلة للسير بنجاح فى عام 2015، وبالتالى فالتغلب عليها يمثل أولوية حاسمة لكل مسئول وقيادي، ليس فقط لضمان النمو المستدام، ولكن أيضا لإعادة بناء الثقة بينه وبين شعبه». وأوضح شفاب أن «الجمع المتنوع بين أصحاب المصلحة المتعددين فى المنتدى يهدف إلى توفير وسيلة لتحديد إجابات عن هذه التحديات، فضلا عن فرص إبرام تحالفات بين الشركاء المعنيين»، وهو ما يمكن تسميته بالسياق العالمى الجديد. ومن أهم القضايا التى تتصدر أجندة المنتدى السنوى لهذا العام زيادة معدل البطالة، وانعدام عدالة الأجور, بالإضافة إلى قضية الإهدار المائي، والتغيرات المناخية، وتزايد النزعات القومية، وتراجع معدل الصحة العامة، وضعف الديمقراطية، حيث تأتى هذه القضايا ضمن التحديات العشرة التى تؤثر سلباً على الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى على مستوى العالم. وكشف تقرير حول المنتدى عن العلاقة بين الارتقاء بمعدل الصحة العامة، وخلق اقتصاد سليم وناجح، لافتاً إلى الصعوبات التى تواجه النظم الصحية فى التكيف مع التغير الديموجرافي، وارتفاعات معدلات الأمراض غير المعدية، والانتشار الأوسع نطاقاً للأوبئة، وتفشى الأمراض المعدية الأخري. وتقول مارتينا لاركن رئيسة قسم شبكات المعرفة الدولية بالمنتدى إن أزمة القيادة العالمية هى النقطة المحورية نقطة لجميع القضايا الأخري، وتضيف : «لعل الأخطر يكمن فى أن قادة بعض الدول، بدلاً من الابتكار والتعاون لمواجهة التحديات المشتركة، يسعون إلى الحلول الانعزالية، والخطاب القومي، والنماذج التقليدية للعبة السلطة». أما إيسبن بارث إيد المدير التنفيذى للمنتدى فيقول إنه «لم تبرز الحاجة من قبل لإيجاد حلول جديدة للمشاكل المشتركة، كما هى اليوم، فإذا كنا قادرين على تنظيم أنفسنا بشكل أكثر فاعلية، سنتمكن من مواجهة تحديات اليوم التى تتسم بالطابع العالمي، والتشابك بشكل كبير فى طبيعتها، ولذلك، لن يتم التعامل معها إلا من خلال تفاهم أكبر، وتعاون أقوى من جانب جميع أصحاب المصلحة». وقد صنف المنتدى السنوى أيضاً هذه الاتجاهات والقضايا فى عام 2015 حسب المناطق الجغرافية: ففى أوروبا، وضع أصحاب القرار فى صدارة تحدياتهم لعام 2015، التشجيع على النمو الاقتصادى والابتكار وحل مشكلة بطالة الشباب والعلاقات بين الاتحاد الأوروبى وروسيا، وبخاصة فى ظل الأزمة الأوكرانية. وفى أمريكا الشمالية، وضع أصحاب القرار نصب أعينهم قضايا الحد من اللامساواة والاضطرابات الجيوسياسية والتغير المناخي، فى مقدمة تحدياتهم لعام 2015. وفى آسيا، تشكل التوترات الجيوسياسية والإصلاحات الاقتصادية البنيوية وإدارة تزايد السكان فى المدن، الأولويات لدى أصحاب القرار. وفى أمريكا اللاتينية، أبرز التحديات هى انتشار الفساد وتراجع التعليم وزيادة حالات اللامساواة. أما فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهى المنطقة التى تعنينا أكثر بطبيعة الحال، فإن البطالة المستمرة بين الشباب وعمليات الانتقال السياسى نحو الديمقراطية، والتوتر الاجتماعي، هى القضايا التى تحتل صدارة تصنيف تحديات 2015. وأخيرا، فى أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبري، تبرز قضايا التعليم والحوكمة والبنى التحتية والرعاية الصحية وانتشار الأمراض. وسنرى كيف يتعامل المشاركون فى منتدى دافوس الاقتصادى العالمى لهذا العام مع هذه القضايا.
