في خضم الثورة نسي الجميع أن الصحافة مستقلة وأن الصحفيين لاسلطان عليهم إلا ضمائرهم والقانون. تحدثنا عن الديمقراطية وتداول السلطة ونسينا أن في القلب منها حرية الصحافة. أوضاع المؤسسات الصحفيه القوميه أصبحت غريبة.. من حيث الشكل هي حره.. لكن من حيث المضمون كانت دائما تخضع للسلطة التنفيذية. اذا نظرنا الي القانون 96 لسنة 96 وفي الباب الثالث منه نجد الآتي: مادة55 يقصد بالصحف القومية في تطبيق أحكام هذا القانون, الصحف التي تصدر حاليا أو مستقبلا عن المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء وشركات التوزيع التي تملكها الدولة ملكية خاصة, ويمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشوري. وتكون الصحف القومية مستقلة عن السلطة التنفيذية وعن جميع الأحزاب, وتعتبر منبرا للحوار الوطني الحر بين كل الآراء والاتجاهات السياسية والقوي الفاعلة في المجتمع. التجربة في ظل النظام السابق كانت تشير الي اختلاط السلطات التشريعية والتنفيذية, حيث كان رئيس مجلس الشوري يأتمر بأمر رئيس الجمهورية وبالتالي كان يعرض عليه ترشيحات رؤساء التحرير للصحف القومية وكان يختار منهم من يريد أو من توصي به أجهزة الدولة المختلفة. وكان هذا يؤدي بالطبع الي احكام قبضة السلطه التنفيذية علي الصحف من خلال تعيين الرؤساء. الوضع يشوبه الغموض بعد الثورة فالقانون مازال كما هو, بل ينص في المادة 75 من الفصل الثالث علي أن لرئيس الجمهورية دعوة المجلس الاعلي للصحافة لاجتماع غير عادي وفي هذه الحالة تكون رئاسة الاجتماع لرئيس الجمهورية.. الخلط ها هنا.. رئيس الجمهورية كان يرأس المجلس الاعلي للقوات المسلحة ومجلس الشرطة ومجلس القضاء ومجلس الصحافة.. أين حرية الصحافة اذن ؟ الصحف القومية وتليفزيون الدولة الرسمي في حاجة الي قانون جديد يمنحها قبلة الحياة.. قانون يوفر الاستقلال الحقيقي لوسائل الاعلام عن السلطة التنفيذية والتشريعية يتيح لها ممارسة عملها بحرية. الصحافة القومية وتليفزيون الدولة تمثل صمام أمان للمجتمع المصري وتحتاج في المرحلة الراهنة إلي عناية من نواب الشعب المنتخبين بغية منحها الحرية اللازمة لممارسة عملها في ظل مجلس أمناء مستقل يتم اختياره من شخصيات عامة مستقلة يضبط ايقاع الاعلام ويجبره علي احترام مواثيق الشرف بعيدا عن سلطة رأس المال الخاص التي أصبحت بادية للعيان من خلال مئات الملايين من الجنيهات التي تدفقت علي الاعلام الخاص بعد الثورة. المزيد من أعمدة جمال زايدة