بعد ساعات من أكبر مظاهرات تشهدها المدن الفرنسية ضد الإرهاب الذى ضرب فرنسا خلال الأيام الأخيرة، عقد الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند أمس، سادس اجتماع قمة مخصص للأمن الداخلى فى قصر الإليزيه، منذ وقع حادث «شارلى إبدو» الإرهابى يوم الأربعاء الماضى. وبحث الاجتماع كيفية سد الثغرات الأمنية التى أدت إلى أعنف هجوم إرهابى فى فرنسا خلال 50 عاما، إلى جانب بحث تطورات التحقيقات وبحث التدابير الأمنية للوقاية من وقوع عمليات إرهابية أخرى، وخطة مكافحة الإرهاب. وحضر الاجتماع مانويل فالس رئيس الوزراء وجون إيف لودريان وزير الدفاع وبرنار كازانوف وزير الداخلية وكريستيان توبيرا وزيرة العدل، وكذلك مسئولو الأجهزة الأمنية. وعقب الاجتماع، أعلن وزير الدفاع عن تعبئة 10 آلاف جندى خلال 48 ساعة لحفظ الأمن داخل الأراضى الفرنسية، وذلك استجابة لتوجيهات أولاند. وقال لودريان، إن الرئيس الفرنسى طلب من القوات المسلحة المشاركة فى حماية الأماكن الحساسة فى البلاد، بالنظر إلى التهديدات الموجودة على الأراضى الفرنسية. وأشار إلى أنها لأول مرة تشهد فرنسا تعبئة لقواتها داخل أراضيها، وإلى أنه تم الاتفاق مع الجنرال بيير دو فيلييه رئيس هيئة أركان الجيوش الفرنسية على تعبئة 10 آلاف جندى لتأمين الأماكن الحساس اعتبارا من مساء اليوم الثلاثاء. وتابع أنه لا يفضل الحديث عن طبيعة الأماكن الحساسة التى سيتم تأمينها. وفى غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء الفرنسى أن قوات الأمن تواصل عملية المطاردة بحثا عن شريك آخر لمنفذى اعتداءات الأسبوع الماضى فى باريس، دون أن يكشف عن المزيد من التفاصيل. وفى الوقت ذاته، أكد وزير الداخلية الفرنسى عن نشر نحو خمسة آلاف عنصر من قوات الأمن والشرطة اعتبارا من يوم أمس لحماية كل المدارس اليهودية فى البلاد، بالإضافة إلى إرسال تعزيزات عسكرية أيضا فى غضون 48 ساعة. وأدلى كازانوف بهذه التصريحات أمام أهالى تلاميذ مدرسة يهودية بضاحية جنوبباريس بالقرب من الموقع الذى قام فيه أحمدى كوليبالى، أحد منفذى هجمات باريس، بقتل شرطية قبل أن يهاجم فى اليوم التالى متجرا للأطعمة اليهودية فى شرق العاصمة. من جهة أخرى، قال مدعى باريس فى بيان، إن الفحوص الجنائية أثبتت أن فوارغ الطلقات التى تم العثور عليها فى موقع إصابة عداء بالرصاص تتطابق مع السلاح الذى عثر عليه فى موقع إطلاق النار المميت فى متجر الأطعمة اليهودية. وأشار البيان إلى أن الفحوص أجريت على فوارغ خمس طلقات عثر عليها فى الموقع الذى أصيب به عداء فى ضاحية فونتناى أو روزيه الباريسية وعلى المسدس الذى وجد فى المتجر، وتصل المسافة بين المكانين إلى 15 كيلومترا. فى غضون ذلك، كشفت صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية عن أن القوات الخاصة الفرنسية أطلقت 40 رصاصة على كوليبالى، وذلك خلال محاولتها تحرير الرهائن، كما نشرت صورا مروعة لضحايا الهجوم الإرهابى. على صعيد آخر، وعلى الرغم من إشادة الصحافة الفرنسية بمظاهرات أمس التى وصفتها بأنها الأكبر منذ مظاهرات التحرير فى مصر، فإن اليمين المتطرف التابع للجبهة الوطنية وزعيمتها مارين لوبان كانا خارج السرب، حيث رفع أنصارها لافتات فى مدنهم «آسف أنا ليس شارلى»، وعللت لوبتن ذلك ب «أنها لاتتفق مع سياسة تحرير شارل إبدو الذى طالما انتقد سياستهم العنصرية». فى سياق آخر، وجهت وسائل الإعلام الأمريكية انتقادات لاذعة للرئيس الأمريكى باراك أوباما بسبب غيابه عن تظاهرات التضامن الضخمة فى باريس. وخاطبت جريدة «نيويورك ديلى نيوز» فى صفحتها الأولى، أوباما بقولها: «لقد خذلت العالم».