لا بد أن نعلم أن للمرض حكمة قد نعلم جانبًا منها وتخفى علينا جوانب عدة، فمن حكمة نزول المرض أن الله تعالى أمر المسلمين أن يتزاوروا، فمن حق أخيك المسلم عليك زيارتك له، كما في الحديث: "حق المسلم على المسلم خمس... وزيارة المريض..."[رواه الشيخان] ففي هذا الحديث الجامع أوضح رسولنا الكريم خمسة حقوق للمسلمين بعضهم على بعض منها "وزيارة المريض" فأسرع بزيارته، وكذلك قال المولى جل وعلا في الحديث القدسي: ".. لو عدْتَه لوجدتَني عندَهُ...". ولقد جعل الله عز وجل من أسباب شفاء المريض دعوة الزائرين له، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مسلم يعود مريضًا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عُوفي" [رواه الترمذي]، فهذه بشارة واضحة من الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشفاء آتٍ لا محالة ما لم يحضر أجلك إذا دعا لك أخوك المسلم الزائر بهذا الدعاء، وأيضا حديث: "أذهب البأس رب الناس، واشف إنك أنت الشافي، ولا شفاء إلا شفاءك، شفاء لا يغادر سقما"[رواه أحمد]، فحثنا رسول الله على التزاور في الله للمريض وبين جزيل الأجر والثواب من الله لمن يزور مريضًا، بل تعلق سبب شفاء المريض على دعوة الزائر له، يا ترى لِمَ كل هذا؟ أليس المرض من عند الله؟ وهو القادر على شفائه بدون دعاء الزائر للمريض فما دخل دعوة زائر المريض هنا؟ فذلك لحكمة زيادة روابط الإخوة الإسلامية بين المريض ومن يعوده في مرضه، فتأمل ذلك، واحمد الله تعالى فكم من مشكلات بين الزوجين وبين الأقارب بل وبين العائلات ثم يمرض أحد أطراف المشكلة فيكون مرضه سببًا في حل النزاع والمشكلات بينهم. الرضا والتفاؤل سبب للشفاء إن من ينظر إلى نعيم الآخرة يهون عليه عذاب الدنيا، ومن يعلم أن الله يحبه وهو أقرب ما يكون منه حال مرضه لن ييأس أو يحزن أبداً، وفي ذلك علاج ودواء؛ لأن الحزن واليأس يُزيدان المرض ويجعلان مقاومة الجسم للأمراض تقل بل تنهار وتنهزم عن مقاومة المرض، وهذا ما أثبته الطب حديثا، وهناك بعض الأطباء -سامحهم الله- ينفرون المريض من الشفاء وييئسونه تماما، وهذا خطأ فادح يقعون فيه ومخالف تماما لهدي رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث قال: "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا"، فالبِشْرُ مدعاة لجلب الفرج، فكم من مريض استطاع مواجهة أفدح الأمراض بوجه بش ونفس مطمئنة، وكم من مريض خارت قواه لحزنه ويأسه ربما من مجرد الشك أو الوسوسة وخوف الهلاك، أو تقرير متسرع من طبيب غير ماهر. وختامًا.. هكذا رأينا كيف أن ديننا الحنيف وهبنا أسلحة إيمانية قوية نواجه بها ما يقابلنا في حياتنا من صعاب ومشاقّ فلنلجأ إلى الله تعالى طالبين منه العون والمدد أن يعيننا وييسر لنا الصعاب كي نتخطى كل عقبة تقف أمامنا، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه، ربنا لا تدع لنا همًّا إلا فرّجته ولا مريضًا إلا شفيته ولا دينًا إلا قضيتَه. لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر