يعرفهم جيدا من اعتادوا زيارة الأضرحة ومقامات أهل البيت في المساجد الكبرى بالقاهرة والمحافظات، يتنقلون بين السيدة والحسين في القاهرة ، والبدوي في طنطا، والدسوقي في كفر الشيخ، وغيرها من الأضرحة.. ويحتلون أبواب المساجد عند كل صلاة جمعة . ويخدعون البسطاء في القرى بالنداء في ميكروفونات المساجد لجمع التبرعات تحت دعوى العلاج من مرض مزمن. إنهم المتسولون في المساجد، والذين افسدوا متعة الزيارة وآداب العبادة وانتهكوا قدسية بيوت الله في الأرض، هي ظاهرة خطيرة، وهم أناس يظهرون أمام المساجد بأشكال وألوان مختلفة فمن يراهم يستشعر أنهم فنانون يجيدون التمثيل على المصلين لابتزازهم وسحب أموالهم بأي وسيلة سواء، بادعائهم المرض أو بارتدائهم ملابس مهلهلة إنهم المتسولون، يعملون 24 ساعة يوميا دون انقطاع، يطاردون المصلين ذهابا وإيابا، وتطورت أساليبهم فأصبحت أشكالا عديدة فتجد امرأة في يدها روشتة صرف دواء (مضروبة) وتجد طفلا مقطوع اليدين ولكن يديه داخل ملابسه، وآخر تجده متورم الجسد ملفوفا حول جسده شاش مغمس بمادة حمراء. وفي الوقت الذي أطلقت فيه وزارة الأوقاف حملة لعمارة ونظافة المساجد يشتكي المصلون كثيرا من هذه الظاهرة التي باتت تجعلهم يبحثون عن أبواب خلفية للمسجد بعيدا عن هؤلاء، هذه الظاهرة زادت في المدن والقرى، وتكثر أمام المساجد الكبيرة التي بها أضرحة أهل البيت، مثل السيدة زينب وسيدنا الحسين، وقديما قالوا: (أنت واقف على باب السيدة؟!) ولكن الآن أصبح الوقوف ليس على باب السيدة أو الحسين فقط، بل أن هؤلاء يلقون المهملات حول المسجد، فأصبح المصلون يتأذون من ذلك، وأصبحوا يفكرون ألف مرة قبل الذهاب لهذه المساجد. ويؤكد علماء الدين أن المسجد بيت من بيوت الله يجب الاعتناء به، أشد من عناية الإنسان بنفسه، وأن ظاهرة التسول يجب القضاء عليها، واقترحوا أن تتم الاستفادة من هذه الطاقة البشرية بتدريبهم في دور رعاية كبيرة، وأن كل من يتبرع يكون عن طريق صندوق خاص لرعاية هؤلاء المتسولين حتى يتم القضاء على الظاهرة، كما طالبوا بسرعة سن القوانين للقضاء على ظاهرة التسول والضرب بيد من حديد لكل من يكون له عمل ولكنه يستسهل عملية التسول حول المساجد. ويقول الدكتور السعيد محمد علي من علماء وزارة الأوقاف وإمام مسجد الحسين سابقا، إن التسول أمر مرفوض ويعكس صورة سلبية للمجتمع، وفي الحديث الشريف، قال النبي، صلى الله عليه وسلم، (يأتي السائل يوم القيامة وفي وجهه نكتة سوداء) أي أنه يظهر بين الناس يوم المحشر بهذه العلامة، وأنه سأل بغير حاجة، وبدلا من أن يتسكعوا في الطرقات ويمنعوا أصحاب الحوائج الحقيقيين حقهم، عليهم أن يبحثوا عن عمل شريف. أشكال التسول ويضيف، أشكال التسول عديدة منها المباشر، وغير المباشر مثل الذين يطوفون في الريف، والذين يظهرون في صورة غير صورتهم الحقيقية، ويستأجرون ميكروفونات (مكبرات صوت) ويطوفون بها في القرى والمدن ويدعون أنهم مرضى أو أنهم فقراء، أو تبرعوا لبناء المسجد، أو تبرعوا لزواج فتاة أو غسيل كلوى، أو لكفالة يتيم، فهذه صور يبرأ الإسلام منها، لأن الإسلام عزيز، ويهيب بأبنائه أن يكونوا أعزة، لا يتذللون للخلق، إنما يرفعون حوائجهم إلى خالقهم. موظفو البركة من جانبه يؤكد الشيخ سعد الفقي وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة كفر الشيخ، أن هذه الظاهرة تقل لديهم، وتنتشر كلما زاد الفقر، وتزداد الظاهرة وتتكاثر في المساجد الكبيرة مثل السيد البدوي ومسجد الإمام الحسين، ومسجد السيدة زينب، على اعتبار أن هذه المساجد يتوافد عليها الكثير من الرواد من الأقاليم للتبرك بأهل البيت، وهي حرفة تجلب لهؤلاء المتسولين الكثير من الأموال دون بذل المجهود، وقمنا بالفعل بعدة محاولات لمنعهم من هذا التسول وبذلنا محاولات كثيرة لإبعادهم عن المساجد، وكان هناك إجراءات لمنع التسول حول كل المساجد، ويضيف، إن هؤلاء المتسولين طاقة بشرية كبيرة ويجب على الدولة استثمارها، وهناك موظفون ولديهم أعمال بالفعل ولكنهم يحبذون التسول حول المساجد ونسميهم (موظفى البركة) فيجب على الدولة أن تضرب بيد من حديد، خاصة إذا كان هذا المتسول له عمل آخر ويلجأ لهذا الأسلوب، كما أن هناك من المتسولين من يعملون في مجموعات منظمة تحت رعاية بعض الفتوات، ومن يعترضهم يعتدون عليه، لأنه في حماية هؤلاء الفتوات. وطالب بسرعة سن تشريع جديد لمحاسبة هؤلاء المتمردين عن العمل ويصرون على التسول في المساجد، لأنهم يشكلون خطرا كبيرا على القادمين للصلاة. سرقة أمام الأضرحة وفي سياق متصل يقول الشيخ طه زياد وكيل وزارة الأوقاف بالشرقية، أن مديرية أوقاف الشرقية من المديريات الكبرى على مستوى الجمهورية، وتحتوى على عدد كبير من المساجد يقرب من 8500 مسجد تقريبا، وما يقرب من 2500 زاوية، وهذه الظاهرة غير منتشرة بالشرقية بقدر ما نراها في السيد البدوي أو السيدة زينب أو سيدنا الحسين، واليد العليا خير من اليد السفلى، ولأن معظم قاطنى القرى بالشرقية يسافرون لهذه الأضرحة للتبرك، وينتظرهم المتسولون، فمنهم من يعود من هذه الأضرحة بعد أن قام هؤلاء بسرقته، من خلال الارتماء على ملابسه، كما يجب توعية الزائرين لهذه الأماكن نظرا لأساليب المتسولين اليومية المتطورة لأنهم يتمركزون حول الأماكن التي بها صناديق نذور وبها موالد لأولياء الله الصالحين، لأن الشرع لا يبيح لأحد أن يأخذ التسول مهنة، يسطو بها على مال الآخرين.