السياسة والسلطة لايعرفان الصداقات أو العلاقات الأسرية فهذا باختصار ما تدل عليه المؤامرات والصراعات التى جرت على مر العصور داخل القصور بين أفراد الأسر المالكة والأمبراطورية من أجل الوصول إلى الحكم والسيطرة على الممالك والإمبراطوريات من خلال التلاعب بالقوانين حتى وإن كان ذلك فى دول تصف نفسها بأنها "الأعرق" فى الممارسات الديمقراطية وقد كشفت وسائل الإعلام البريطانية مؤخرا بالوثائق، التى تم الإفراج عنها بعد إنتهاء فترة حظر الإطلاع والتداول القانونية المفروضة عليها، خفايا الصراع الملكى البريطانى الداخلى بين الملكة إليزابيث الثانية (الملكة الحالية) وشقيقتها الأميرة الراحلة مارجريت. فقد سعت الملكة إليزابيث الثانية إلى إقصاء شقيقتها نهائيا عن حقها المشروع فى أن تكون وصية على عرش البلاد فى حال تعرض الملكة إلزابيث لأى مكروه. وأظهرت الوثائق كيف تآمرت الملكة إليزابيث شخصيا مع رجال السياسة فى الحكومة البريطانية، وفى مقدمتهم السير ونستون تشرشل رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، من أجل الإطاحة بشقيقتها وإبعادها عن السلطة ونقل الوصاية على العرش إلى زوجها الأمير فيليب لزيادة سلطاته. تبدأ أحداث الواقعة فى شهر يوليو عام 1953 بعد شهر واحد فقط من جلوس إليزابيث الثانية على عرش المملكة المتحدة (بريطانيا) وكان إبنها ولى العهد الأمير تشارلز فى الرابعة من عمره، وزوجها، الأمير فيليب، مجرد دوق لأدنبره. فقد سارعت الملكة إليزابيث الثانية إلى الإتصال بكبار الساسة البريطانيين وحشدهم والضغط عليهم من أجل تغيير قوانين وراثة العرش لمنع شقيقتها نهائيا من نيل حقها فى الوصاية على العرش إذا حدث مكروه لإليزابيث. فوفقا لقانون الوصاية على العرش الصادر عام 1937 كان ابنها الأمير تشارلز سيخلفها على العرش إذا ماتت أو فقدت الأهلية. ولأن الأمير تشارلز لم يكن قد تعدى الرابعة من العمر عندما جلست الملكة إلزابيث على العرش عام 1953 فإن مواد القانون كانت ستمنح الأميرة مارجريت شقيقة الملكة إليزابيث الحق فى الوصاية على العرش وممارسة السلطات الملكية لمدة 14 سنة حتى يبلغ ولى العهد، الأمير تشارلز، من العمر 18سنة. ووفق القانون كان الأمير فيليب زوج الملكة ووالد ولى العهد سيتم إستبعاده من الوصاية على العرش نهائيا. وأظهرت الوثائق كيف ضغطت الملكة إليزابيث على الحكومة لإنهاء الأمر بسرعة وتغيير مواد قانون الوصاية على العرش لمصلحة زوجها الأمير فيليب. وإزاء هذا التحرك أعرب بعض الساسة البريطانيين عن قلقهم من نظرة الجماهير إلى تحرك الملكة المناوئ لحقوق شقيقتها الأميرة مارجريت. كما أظهروا قلقهم من توقيت إتخاذ القرار بتغيير قانون الوصاية على العرش بالتزامن مع الأنباء المتداولة فى تلك الفترة عن قصة الحب التى كانت تعيشها الأميرة مارجريت مع بطل سلاح الجو الملكى البريطانى بيتر تاونسند وهى قصة الحب التى كانت مهددة بعدم صلاحية الزواج بينهما لأن تاونسند، الذى ينظر إليه بوصفه من العامة، كان قد طلق زوجته السابقة منذ فترة قصيرة وهو الأمر الذى يحول دون إتمام إجراءات الزواج. وفى بادئ الأمر فضلت الحكومة البريطانية تأجيل إصدار التشريع الجديد حتى يحل الخريف وتقوم الملكة إليزابيث بجولتها الخارجية المخططة فى دول الكومنولث فقد فضل أعضاء الحكومة التريث لحين إنتهاء الإهتمام الإعلامى والجماهيرى بالعلاقة الرومانسية التى ربطت بين الأميرة مارجريت والطيار تاونسند. ولكن فور علم الملكة إليزابيث بنية الحكومة فى تأجيل التشريع إتخذت قرارها بسرعةالضغط على الساسة البريطانيين لإنهاء الأمر فى أسرع وقت. وبعثت الملكة بسكرتاريتها الخاصة للضغط على وزير الداخلية البريطانى من أجل إتمام التشريع. وقد أعلنت الملكة إليزابيث أن التشريع الجديد تمت مناقشته بين أفراد الأسرة المالكة وأعلن تشرشل تأييده للتعديل الجديد فى القانون لمصلحة الملكة وزوجها الأمير فيليب. وعلق تشرشل داهية السياسة البريطانية بالقول :"لن تأتى نهاية العالم نتيجة عراك قطط استمر ليومين أو ثلاثة أيام" وأضاف أنه يؤيد الإستمرار فى إجراءات تعديل القانون ولكنه ونتيجة ظروف صحية ألمت به "يأسف لعدم المشاركة بشكل فعال فى الجدل الذى دار". وفى النهاية تم تحويل الوصاية على العرش للأمير فيليب لتزداد مهامه الملكية وتطمئن الملكة إليزابيث على مستقبل إبنها، الأمير تشارلز، فى ولاية العهد بينما إنتهت قصة الحب بين مارجريت وتاونسند بعدم الزواج وتزوجت الأميرة فيما بعد من أنطونى أرمسترونج جونز وكان يحمل لقب إيرل سنودن وإستمر الزواج حتى تم الطلاق عام 1978. وقد توفيت الأميرة مارجريت عام 2002 وهى فى ال 71 من عمرها.