كشفت العديد من الأحداث التي جرت علي الساحة في الفترة الأخيرة وضعا غريبا للفضائيات المصرية تبين منه ان الاعلام المصري برغم امتلاكه أكبر عدد من الفضائيات الحكومية والخاصة لكنها جميعا لا تخاطب سوي المصريين وحدهم في الداخل أو العاملين منهم في الخارج ولا يملك الإعلام المصري فضائية عربية واحدة تخاطب الشعوب العربية, بل إن مصر وهي في غمرة تمسكها بسياسة الاعتدال وفق تقاليدها العريقة إلا أنها تركت الشعوب العربية فريسة لعدد محدود من الفضائيات العربية التي بنت سمعتها علي قدرتها في نقد الأوضاع العربية وفي مقدمتها الأوضاع المصرية الأمر الذي يتطلب الآن ودون تأخير كما يري خبراء الإعلام, وبعد أن فاض الكيل من تجاوزات هذه الفضائيات اعادة النظر في سياسة مصر الاعلامية لمواجهة عمليات النقد المستمرة والمغرضة التي تجاوزت حدود المنطق والأعراف الإعلامية المعتدلة وذلك بالاسراع في انشاء فضائية جديدة ذات طابع عربي تخاطب كل المشاهدين في جميع الأقطار العربية وليس المصريين وحدهم. وأن تتمتع هذه الفضائية المنتظرة بمساحة كبيرة من الحرية تمكنها من كشف ما ترتكبه هذه الفضائيات في تناولها لنقد الاوضاع العربية وفي مقدمتها مصر بقصد اشاعة الفتنة وزعزعة استقرارها في الوقت الذي تحرم فيه فضائية مصرية من نقد الاوضاع في هذه الدول علما بأن الاعلاميين المصريين سوف يلتزمون وفق تقاليدهم العريقة بالحيدة والمصداقية والتجرد في تناولهم لعمليات النقد التي يباشرونها في فضائيتهم الجديدة ويعطون درسا للآخرين في أصول النقد السليم وهو ما أجمع عليه كبار العلماء والمفكرين والاعلاميين والمثقفين الذين تضمهم المجالس القومية المتخصصة كحل لمواجهة هذه الظاهرة المتكررة وهو ما طرحه المجلس القومي للثقافة والاعلام والفنون والاداب برئاسة د. حسين نصار وبحضور المستشار أحمد رضوان الأمين العام للمجالس القومية المتخصصة في التقرير الشامل الذي أعدته شعبة الاعلام وقدم فيه د. فاروق أبو زيد مقرر الشعبة عرضا وافيا عن اصلاح الاعلام المصري بكل اشكاله مكتوبا ومرئيا ومسموعا في المرحلة المقبلة ليواكب توجهات ثورة الخامس والعشرين من يناير وتطلعات الخبراء نحو التغيير المنشود الذي يصل بمصر الي بر الأمان, ونعرض في هذا المقال بعض الجوانب المهمة التي توصل اليها الخبراء لاصلاح الإعلام المصري ورؤية خبراء الاعلام في الدور الذي تقوم به الفضائية الجديدة ووجهة نظرنا في هذه القضية الاعلامية المهمة وذلك علي النحو التالي. الفضائية الجديدة: أجمع الخبراء علي أهمية انشائها في أقرب وقت وإعطائها مساحة كبيرة من الحرية لنقد الأوضاع العربية بكل الحيدة والمصداقية والالتزام بتقاليد النقد السليم البناء الذي تحلي به الاعلام المصري والاعلاميون المصريون علي مدي تاريخهم الطويل والذي كان مدرسة تخرج فيها رموز الإعلاميين العرب, وإذا كان من الصعب أن تقوم بهذا الدور فضائية مملوكة للدولة فمن الممكن أن تقوم به فضائية خاصة تدعمها الدولة بطريق مباشر أو غير مباشر كما هو الشأن بالنسبة لقناة الجزيرة القطرية أو القناة العربية السعودية أو العالم الايرانية أو الحرة الأمريكية, والC.B.B البريطانية, مع توفير الامكانيات المادية والبشرية التي تمكن هذه الفضائية الجديدة من المنافسة وفي مقدمتها وجود العديد من المكاتب الخاصة والمراسلين لها في جميع العواصم العربية والدولية. اتحاد الإذاعة والتليفزيون: اعادة هيكلته لكي يتوافق استقلاله الكامل عن الحكومة مع استمرار ملكية الدولة له, وتحديد مهامه في اطار اعلام الخدمة العامة وتخليصه من المؤسسات الاعلامية التي تثقل كاهله بالديون ولا تدخل في صميم اختصاصه. الإعلام الخارجي: يري المجلس القومي بعد مناقشات مفتوحة اتفقت حولها الآراء علي ضرورة اعادة الاعلام الخارجي والمكاتب الاعلامية في الخارجية الي وزارة الخارجية ونقلها من التبعية لهيئة الاستعلامات وإلحاق الاعلام الداخلي بالمحليات. جرائم النشر: ولم يغفل المجلس قضايا النشر خاصة فيما يتعلق بإلغاء جميع النصوص التي تقضي بالعقوبات السالبة للحرية مثل الحبس أو السجن في قضايا النشر أو الاذاعة واستبدالها بالتعويض المالي مع أهمية زيادة هذا التعويض الذي يذهب الي المجني عليه بدلا من تغليظ الغرامة التي تذهب الي خزينة الدولة. وأخيرا نحن نتساءل: ماذا بعد موافقة المجلس علي تقرير شعبة الاعلام والاشادة به وأهمية انشاء الفضائية الجديدة سواء كانت مملوكة للدولة أو لقطاع خاص تدعمه الدولة, هل سيتم السماح لها بتحقيق رسالتها في نقد الأوضاع داخل الدول العربية حتي لو كان المراسلون لها يلتزمون بأصول وقواعد النقد السليم البناء الذي يتحلي به الإعلاميون المصريون دائما أم أنها ستضيق ذرعا بهذا النقد بكل أشكاله وألوانه من البداية ولا تتحمله هذا ما ستكشف عنه الايام المقبلة. المزيد من مقالات مصطفى الضمرانى