زمان كان لكل شئ اصوله وقوانينه, أما اليوم فقد اختلط الحابل بالنابل, وباتت الساحة تعج بانفلات منظومة القيم الأخلاقية وهو ما يجعلنا ندعو لإعادة قراءة التاريخ للاستفادة من تجربة الإغريق الإنسانية القديمة. حيث إننا ننسي ونتناسي أن إسهام فلاسفة الإغريق الأهم في المجال السياسي هو محاولة واعية لإخضاع النشاط السياسي لمعايير أخلاقية واعتبار ممارستها تعبيرا عن تجربة أخلاقية أولا وأخيرا, فلقد عاش سقراط حياته بناء علي وعي كامل بالمتطلبات الأخلاقية ومات مدافعا عن حق الانسان في أن يعيش حياة أخلاقية. وفي صدد الأخلاق أولا, ما يحكي عن الخوارزمي عالم الرياضيات عندما سئل يوما عن الانسان فأجاب: اذا كان الانسان ذا( أخلاق) فهو=1, واذا كان ذا( جمال) فأضف إلي الواحد صفرا فيصبح10, واذا كان ذا( مال) أيضا أضف صفرا آخر فيصبح100, واذا كان ذا( حسب ونسب) فأضف صفرا ثالثا فيصبح1000, واذا ذهب العدد واحد وهو( الأخلاق) ذهبت قيمة الإنسان وتبقي الأصفار لاقيمة لها!! وبهذا يكون الخوارزمي قد أثبت وبرهن بطريقة رياضية علي ان قيمة الانسان في خلقه, وهذا يتفق ويرادف حقيقة ما يعنيه معني بيت الشعر الجميل إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا وهو بيت مازلنا الي وقتنا هذا ننادي به ونحلم بأن تكون الأخلاق أولا قبل كل شئ ونتمني ان يصبح حلمنا حقيقة. ينقلنا الدكتور عوض حنا سعد من الإسكندرية بهذه الكلمات الجميلة إلي عالم جديد تسمو فيه الأخلاق ويختفي التناحر والخلافات, فبدون الأخلاق لن يكون هناك مجتمع صحيح قائم علي الاحترام والود والتآلف.. ولعل هواة الظهور علي الفضائيات واصحاب الأصوات الزاعقة الذين يكيلون الاتهامات للآخرين بلا دليل يتعلمون هذا الدرس الأخلاقي, فبدون الأخلاق تفسد الذمم وتتراجع الأمم.