إن الارهاب لا وطن له، ولا عقل له، ولا دين له ولن تكون تصفية جيوبه بالعمليات العسكرية وحدها، فلا يقاوم الارهاب بإرهاب، والخطأ لا يسوغ الخطأ، لأنه عدو غير مستقر، وسرطان متنقل ان قاومته فى موطن برز فى مواطن، وان واجهته فى ميدان واجهك فى ميادين اخري. ولذا فإن تصفية جيوبه، وتنقية المناخ العالمى منه لايكون الا بتعاون دولي، يستوجب على كل دولة أن تتعاون على عدم إيوائه، وان تتضامن على مكافحته، حتى تنعم البشرية جمعاء بالسلام العالمى والتعايش السلمي، وتقتصر مقاومته على الجانب العسكري، فهو فكر مغشوش فلابد من مناهضته فكريا وعسكريا لقد قمت مع إخوة لى من علماء الاسلام لمقاومة هذه الظاهرة منذ عشرين عاما وإلى الآن، حيث كنا نحاور الشباب الذين حاولت بعض التيارات أن تغرر بهم، وأن تجذبهم الى صفوفها، وكنا نقارع الحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان قبل أن تنقل الشاشة الصغيرة ندوات الرأى فكنا نرى عجبا، كيف تغلغل هذا الفكر؟ وأخذنا نوضح حقائق الإسلام وبعدها تكاملت الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة مع الجهود الأخرى التى بذلتها الدولة حتى انحسر هذا الطوفان الذى كان يجرف فى تياره بعض الجماعات، وتسقط فريسة له بعض الزهرات من شباب الأمة فمكافحة ظاهرة الارهاب عن طريق التعاون الدولى فيها حصر لجميع أوكاره، ومناهضة له فى كل مكان، والزام لكل دولة أن تؤدى رسالتها، والا تتستر على الارهاب، وألا تبيح لجوءه اليها، فمن أعان ظالما سلط عليه، ومن أوى الإرهاب سيكون أو من ينكوى بناره، فمن خلال عمل دولى تتعاون جميع الدول على محاصرته سيكون فى هذا اجتثاث له من جذوره، وقضاء عليه قضاء مبرما لا رجعة بعده أبدا؛ لأن الدول بتضامنها يمكنها القضاء على ذيوله وجميع جيوبه فى كل مكان. والتسرع فى إنزال العقوبة على فرد أو جماعة أو موطن معين فى وقت تأثرت فيه النفوس من الفاجعة، والتاعت القلوب من الكارثة وفى ثورة الأعصاب قد يؤدى هذا التسرع إلى إنزال العقوبة على البراءة، وإفلات الجناة الحقيقيين وإتاحة الفرصة لهم ليظهروا بصورة أخري. وليس معنى أن يباشر العدوان فرد أو جماعة أن يؤخذ بجريمته دولة بأسرها فمادامت لم تدفع به الى هذا العدوان فما ذنبها هي؟ وقد تكون قد أوذيت منه هو؟ ان واجب المجتمع الدولى أن يستجيب لدعوة العقل والحكمة وان يبادر بعقد مؤتمر دولى يضع النقط فوق الحروف ويحدد الجناة ويخطط لإنهاء الارهاب من العالم حتى لا يظهر مرة أخرى وليس من العدل أيضا أن يتهم الإسلام أو المسلمون بظواهر الارهاب، حتى وان مارس بعض أفراد من القلة هذه الظاهرة فليسوا يعبرون عن الاسلام ولا يمثلون المسلمين ولا يرضى الاسلام ولا يرضى المسلمون تلك الظواهر العدوانية لأن الاسلام هو دين السلام والأمان، ودين الرحمة حرم الاسلام العدوان على النفس بغير حق فقال الله تعالى «ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق» سورة الأنعام آية (151). لمزيد من مقالات د.احمد عمر هاشم