ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 49.533 مليار دولار بنهاية سبتمبر    87 حملة تفتيشية و56 مخالفة للنيابة.. التنمية المحلية تواصل التصدي للبناء المخالف    6 أكتوبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    وزير الخارجية الألماني يعلن توجهه إلى مصر للمساهمة بمفاوضات السلام في غزة    إيران: ندعم أي مبادرة لوقف القتل في غزة    وكيل فيريرا: نتفهم غضب جماهير الزمالك.. لكن لا يوجد فريق يفوز دائمًا    مصرع عامل إثر سقوطه من مكان مرتفع داخل مصنع بمدينة 6 أكتوبر    اليوم.. خالد العناني يخوض سباق اليونسكو ضد ماتوكو    اليوم.. ختام فعاليات الدورة ال41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    الرعاية الصحية: بحث آليات التعاون مع هيئة الدواء لتفعيل الشراكة مع روسيا في مجالات الطب النووي والعلاج الإشعاعي ولقاح السرطان EnteroMix    للمسنين.. 5 نصائح ذهبية لنوم مريح بعيدا عن الأرق    الرئاسة الفرنسية: ماكرون يقبل استقالة سيباستيان ليكورنو    العالم هذا الصباح.. السعودية: جميع حاملى التأشيرات بمختلف أنواعها يمكنهم أداء مناسك العمرة.. تصرفات ترامب الغريبة تفتح الباب حول حالته الذهنية.. وناشطة سويدية تثير الجدل بعد احتجازها فى إسرائيل    الرئيس السيسي يوجه التحية لترامب لمبادرته لوقف إطلاق النار في غزة    حدث في أمريكا .. قاضية فيدرالية تمنع ترامب من نشر الحرس الوطنى فى ولاية أوريجون    ترتيب الدوري الإيطالي بعد نهاية الجولة السادسة.. صراع ناري على الصدارة    كامل الوزير يبحث مع وفد البنك الدولى تطوير لوجستيات التجارة بين القاهرة والإسكندرية    كأس العالم للشباب - منتخب السعودية ينهي المونديال بنقطة    وليد صلاح الدين: لا صحة لمشادة أفشة مع الجهاز الفني.. والشائعات أصبحت متكررة    أسعار البيض بكفر الشيخ اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025    ضربات متتالية للأمن الاقتصادي وحملات مكثفة تضبط مخالفات كهرباء وضرائب ومباني    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء فى إمبابة والتحفظ على أكثر من ألف قطعة    انخفاض طفيف في درجات الحرارة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    رئيس هيئة سلامة الغذاء يلتقي الشركات المصرية ويبحث التوسع في المكاتب لتسهيل إجراءات التسجيل والتصدير    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    دار الإفتاء: الاحتفال بنصر أكتوبر وفاء وعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن    كامل الوزير يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر: ملحمة خالدة تلهم الأجيال    الرئيس السيسي: الأمن والاستقرار المستدامين لن يتحققا إلا من خلال سلام عادل وشامل    رئيس وزراء باكستان يؤكد التزام بلاده بتعزيز العلاقات مع ماليزيا    نجم ريال مدريد يقترب من الرحيل في الشتاء    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    «الداخلية» تقرر السماح ل 84 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    لهذا السبب.. ضياء الميرغني يتصدر تريند "جوجل"    معهد التغذية يحذر الأمهات من إهمال وجبة الإفطار للأطفال: مفتاح النشاط والتركيز    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    «الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    وظائف مصلحة الطب الشرعي 2025.. خطوات التقديم إلكترونيًا والشروط المطلوبة    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    مزيج بين الجريمة والدراما.. موعد عرض مسلسل المحتالون التركي الحلقة 1    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    بسبب الأطفال.. مصرع سيدة في مشاجرة بكفر الشيخ    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    يلا كورة بث مباشر.. مشاهدة السعودية × النرويج YouTube بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | مباراة ودية دولية 2025    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبارك مدين للإخوان بالشكر..
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 11 - 2014

لماذا لا يعترف بالخطأ كُلّ من أصرّ على محاكمة مبارك كمُهمّة أولى من مهام الثورة، وتوهم أنها تستحق كل الاهتمام والطاقة، ووعد الناس بالمكاسب من هذا الاختيار،
وأصمّ أذنيه عن الاختيارات الأخرى بل اتهم أصحابَها بالعداء للثورة؟ وهل كان كل هؤلاء يثقون مئة بالمئة من أن محاكمته وفق قوانينه التى وضعها بنفسه، إضافة إلى القوانين التى تلقفها من عصور سابقة وتمسّك بها، يمكن أن تؤدى إلى إدانته كما يأملون؟ وهل يحقّ لهم، أخلاقياً وسياسياً وقانونياً، أن يعترضوا عندما لا يجئ الحكمُ على هواهم؟
ثم، هل يجوز للمصابين بفوبيا السيسى أن يتهموه، فى أول ردود أفعالهم على الفيس بوك بعد حكم براءة مبارك، بأنه وراء التبرئة؟ فقد أحيل مبارك للمحاكمة عندما كانت البلاد تحت حُكم المشير طنطاوى، ليس بمبادرة منه وإنما بضغط هائل من الرأى العام، وأذعن الرجل بينما كان يبدو عليه عدم الترحيب بهذه الخطوة، وقد تَكَشَّف فيما بعد عن أن الإخوان هم الذين كانوا يُحرِّكون المشهد تحت شعار »القصاص، القصاص«، وتبين أن هذا كان بقصد إلهاء الجميع فى محاكمة الماضى، بينما يسعون هم بكل طاقتهم لصنع مستقبلهم وتأمينه، بطبخ دستورهم والاستيلاء على غرفتى البرلمان، والجلوس على كرسى الرئاسة، وزرع رجالهم سراً فى آلاف المناصب فى عموم البلاد، والعمل على اختراق الداخلية والجيش، والتآمر على فصل أكثر من ثلاثة آلاف قاض لزرع رجالهم على منصات المحاكم..إلخ، بينما انجرف الجميع فى دوّامة محاكمة مبارك بوهم أنها الطريقة الوحيدة التى تضمن رجوع الأموال المُهرَّبة للخارج! وضاع فى هذا الضجيج كلُّ نصح وتحذير يإمكانية البراءة وبعدم ضمان عودة الأموال، وهو الذى اتضح الآن! فأين السيسى من كل هذا؟
المؤكد أن 25 يناير خسرت الكثير بتبرئة مبارك، وليس هنالك ما يمنع الثورة من الاعتراف بفشلها فى أحد المهام، بل إن المكابرة تعنى المزيد من الفشل، كما أنه على 30 يونيو الإقرار بأنه ليس لها فضل فى خسارة الإخوان فى ثورتهم المزعومة فى 28 نوفمبر، التى لحقت بهم نتيجة لأخطائهم التى يتطوعون بها ضد أنفسهم وكأنهم يُنفِّذون مؤامرات أعدائهم المرسومة ضدهم بعناية!
وهذا يعنى أن الإطاحة بمبارك من الحكم، والإخوان من بعده، كان بفضل حركة وتضحيات عشرات الملايين من الجماهير، ولكن المتصدرين بعد ذلك، لثورة يناير ولحركة تصحيحها فى 30 يونيو، لم يفلحوا فى النيل من أعداء الثورة، لا مبارك ولا الإخوان، بعد أن أُطيح بهما، وهذا أدعى لمراجعة اختياراتهم وكيفية التعامل معها، ولإعادة التفكير فى البدائل الأخرى التى كانت مطروحة، ليس من باب الاكتفاء بفهم أخطاء الماضى، وإنما الأهم للاستفادة بهذا الفهم فيما هو آتٍ.
لم يَحسِب الثوار، خاصة أصحاب الصوت العالى، ما كان عليهم أن يحسبوه بمنتهى الدِّقَّة من مخاطر احتمال أن تؤدى محاكمة مبارك، بهذه التهم ووفق القوانين السائدة، إلى تبرئته التى كانت واضحة للكثيرين. (كتبتُ مقالاً فى جريدة »التحرير« بتاريخ 12 أغسطس 2011، بعد أيام من أول جلسة لمحاكمته، بعنوان: »نعم.. يمكن تبرئة مبارك«، ثم نشرتُ مقالاً، فى »البوّابة نيوز«، فى 25 نوفمبر الماضى قبل أيام من الحكم الأخير، بعنوان: »ولكن المستقبل أهم من محاكمة مبارك«، عن ترجيح ألا يصدر الحكم مُرضياً لمن عارضوا مبارك)! ولكن العجب العجاب أن هناك من أصيب بالدهشة من حكم البراءة، وكأن المحكمة تقضى بما هو خارج القوانين القائمة، وكأنه يمكنها أن تتجاهل ما هو بين أيديها من تحقيقات وأدلة وشهادة الشهود، وكأن من سعوا لذلك لا يعلمون أن المشوار القضائى يستغرق مراحل: فى الجنايات، ثم النقض، ثم دائرة استئناف أخرى، ثم يجوز الطعن أمام محكمة النقض التى قد تنظر بنفسها فى النزاع بصفتها محكمة موضوع! ألم يُحسَب أثر الانتظار لسنوات على إيقاع الفعل الثورى؟
وقد تجسَّد واحد من أهم عناصر المشكلة التى ترتبت عليها هذه الخسارة، فى سلاح الابتزاز الذى ساد، والذى هو سائد حتى الآن، حيث الاتهام لكل صاحب رأى آخر بأنه مع الثورة المضادة، وأنه من الفلول المستترين، وأنه من عبيد البيادة، حتى انزوت فكرة العدالة الانتقالية، والتى كان يمكن الاستفادة منها، وقد طُرِحتْ مبكراً مع بداية الثورة، وكانت الاختيار الأمثل الذى اجتازت به دول أخرى ظروفاً مشابهة! ولكن الإخوان بذلوا كل طاقتهم لخنقها فى مهدها لأنه كان سيترتب عليها أشياء كثيرة منها مشاركة الجميع فى بناء الدولة التى تحقق للجميع ما هو مشترك بينهم، ونجح الإخوان فى جعل أصحاب الصوت العالى يتحمسون لفكرة القصاص، التى كان يُلقِّنها مرشد الإخوان لمرشحه فى الرئاسة فى أول مؤتمر صحفى له.
الحقيقة التى هى آخذة فى التجلِّى كل يوم بأكثر من سابقه أن الإخوان قاموا بأدوار تخريبية لم يتضح منها حتى الآن سوى بعض جوانب بعضها! لأن جشعهم للهيمنة والاستفراد هو الذى ضيَّع فرصاً عديدة، بل إنه أدّى إلى خسارتهم أنفسهم كل شئ، وها هم لا يدركون، حتى الآن، أن جماعتَهم وأشخاصَهم فى أزمة كبرى، وأنها الأكبر فى تاريخهم، وأنها ضربت حاضرَهم ومستقبلَهم بما لم يحدث لهم قط!
وبرغم كل ما وقع لمبارك منذ أطيح به، فإنه قد تحقق له، وبفضل الإخوان، أفضل النتائج، بالبراءة من محكمة فرضها عليه مَن ثاروا ضده، ولم يخترها هو! وجعلوه يَسعَد وهو يرى أبناءه من الحزب الوطنى يخوضون معركة البرلمان متخففين من التهم التى علقت به كرمز لهم!
وأما دعاة الثورة الذين خسروا، فى اختيارهم أن يُحاكَم مبارك بما حُوكِم به، فأمامهم البرلمان، ليس فقط ليفوزوا وإنما لكى يعملوا على عدم إنجاح من قامت الثورة ضدهم.
لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.