فى الوقت الذى يتحدث فيه العالم عن محو الأمية الرقمية والمعلوماتية فإننا لا نزال نعانى التسرب من التعليم وزيادة أعداد الأميين فقد كشفت الأحصائيات أن نسبة الأمية فى مصر بلغت نحو 26٪ من عدد السكان وتمثل المرأة الفئة الأكبر فى نسبة الأمية وهذه هى الطامة الكبرى حيث تبلغ ثلثى إجمالى الأميين مما يؤكد أن هناك كارثة حقيقية تشهدها مصر. وتعتبر الأمية من المشاكل التي تعوق برامج الدولة للتنمية والإصلاح ويرجح بعض المثقفين أن نسبة الأمية قد تصل إلى 50٪ من السكان وفي إحصائية صادرة عن موسوعة الدول قدرت نسبة الأمية في مصر بحوالي 45٪ من السكان إحصائيات أخرى صادرة من اليونيسكو أظهرت أن نسبة الأمية بين الذكور الذين يزيد عمرهم عن 15 عام في مصر هو 42٪ من السكان الذكور و 53٪ للأناث فوق سن 15 عام. وتؤكد الشواهد إن هناك مسؤولية كبيرة تقع على كاهل المرأة خلال الفترة المقبلة، بما يتطلب محو الأمية وزيادة الوعي ونشر الثقافة، خاصة في المجتمعات الريفية، حتى لا يتم خداعهم سياسيًا. ويتطلب الأمر إعداد كوادر نسائية بما يسمح بمشاركتهن في العمل العام بقوة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد أن أثبتت المرأة أنها عنصر فعال في المجتمع من خلال مشاركتها الإيجابية في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور. كما يجب التركيز على النماذج المغامرة والناجحة فى مجال محو أمية المرأة محلياً وعالمياً فعلى سبيل المثال آن كوتون مؤسسة ورئيسة منظمة «كامفيد» لتعليم الإناث بأفريقيا والفائزة بجائزة القمة العالمية للإبتكار فى التعليم " وايز " بدأت مشروعها الخيري لدعم تعليم الإناث ببيع كعك تخبزه في بيتها لجمع التبرعات، إلى أن أسست المؤسسة التي دعمت ما يزيد على مليون ومائتي ألف تلميذة للالتحاق بالتعليم الابتدائي والثانوي إلى اليوم. وأطلقت آن كوتون، التي تنحدر من مدينة كامبريدج البريطانية العريقة، حملة دعم تعليم الإناث «كامفيد»، سنة 1993 لدعم الإناث للالتحاق بالمدرسة ومواصلة دراستهن ذلك على التخصص في حصول الإناث على التعليم وصعوبة التحاقهن بالمدارس الثانوية في بعض بقاع العالم. وفي سياق دراستها ذهبت في عام 1991 في رحلة استكشافية إلى زيمبابوي، للتحقق من صحة النظرية الشائعة التي تفيد بأن لب مشكلة حصول الإناث على التعليم يكمن في عزوف عائلاتهن عن إدراجهن بالمدارس، لكن ما اكتشفته في الميدان مختلف ، المنطقة التي درستها تقع غرب زيمبابوي، حيث مستويات الفقر مرتفعة بشكل مهول، نسبة التحاق الإناث إلى التعليم الثانوي في هذه المنطقة منخفضة للغاية، ويصل إلى معدل أنثى واحدة لكل 7 ذكور، بعد تحليل مختلف المعطيات توصلت إلى أن الفقر هو السبب الأساسي لعدم تعليم البنات ، في مجتمع لا تستطيع فيه الأسرة العادية تحمل نفقات تعليم جميع أبنائها، عادة ما يفضل الآباء تعليم الذكور لتوفرهم على فرص أكبر لولوج سوق العمل. عادت إلى أسرتها في مدينة كامبريدج البريطانية، واقترحت فكرة مساعدة ودعم البنات للذهاب إلى المدرسة والبقاء فيها. تحمس زوجها للفكرة وبدأ مشروعهما الذي توسع بعد ذلك ليحظى بدعم الأصدقاء وبعض جهات المجتمع المدني. وذلك بدعم وتعليم 32 طفلة في زيمبابوي، وبحثا عن مؤسسات لاحتضان المشروع وتوسيعه، لكنها لم تكن موجودة في بداية التسعينات. فقرروا، نتيجة ذلك، تأسيس «كامفيد» لتعليم الإناث في المناطق الريفية وتوسيع نشاطها إلى بلدان أفريقية أخرى. ومنذ عام 1993 استفادت أكثر من 3 ملايين طفلة في زيمبابوي وزامبيا وغانا وتنزانيا وملاوي من برامج «كامفيد» التعليمية.
خلال تسلّمها جائزة وايز للتعليم، قالت السيّدة كوتون: "يشرفني أن أنضم إلى المبتكرين في مجال التعليم أمثال فيكي كولبير ، والدكتور مادهاف شافان ، والسير فضل حسن عابد بصفتي الحائز الرابع على جائزة وايز للتعليم . أنا أقبل هذه الجائزة نيابة عن المليون فتاة اللّواتي يلتزم مشروع كامفيد بدعمهنّ من خلال التعليم الثانوي في السنوات الخمس المقبلة - مليون فتاة قد سلب منهنّ الفقر حتى الآن الثقة و القوّة، و لا نعرف ماذا ينتظرهنّ من تحول مدهش". [email protected] لمزيد من مقالات نيفين شحاتة