فى لحظات تكاد تضع الشرق الأوسط على مفترق طرق، انطلقت أمس مفاوضات الفرصة الأخيرة بين إيران والدول الست الكبرى لإنجاز اتفاق نهائى حول البرنامج النووى لطهران، قبل انتهاء السقف الزمنى فى 24 نوفمبر. وفور وصوله العاصمة النمساوية (فيينا)، حيث تجرى المرحلة الأخيرة من المفاوضات، حذر محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيرانى، أمس، الدول الكبرى من الإفراط فى مطالبها، قائلا: إنه من الممكن إنجاز الاتفاق إذا ما امتنع الجانب الآخر عن المطالب المفرطة. وأضاف ظريف، أنه إذا لم يتم إحراز نتيجة لهذا السبب، فإن العالم سيعرف أن إيران قد سعت نحو الحل والاتفاق البناء، وأن بلاده لن تتنازل عن حقوقها.فى المقابل، طالب جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، إيران ببذل كل الجهد الممكن لإثبات سلمية برنامجها النووى. وخلال زيارته للعاصمة البريطانية لندن، أكد كيرى، أن هذا الأسبوع يعد حاسما للغاية فى المفاوضات النووية الإيرانية. وأوضح أنه لايمكن التنبؤ بالأمر، لكنه أعرب عن أمله فى نجاح المفاوضات.ومن المقرر أن تشمل لقاءات كيرى فى لندن، وزير الخارجية العمانى يوسف بن علوى بن عبد الله، عقب الزيارة التى قام بها الأخير للعاصمة الإيرانية (طهران). من جانبه، صرح فيليب هاموند، وزير الخارجية البريطانى، أمس، بأن التوصل لاتفاق ممكن إذا أبدت طهران مرونة أكبر فى المفاوضات. وقال:«لن نبرم اتفاقا سيئا»، وأكد أن هذه المفاوضات فى غاية الصعوبة وعلى إيران أن تبدى مرونة أكبر حتى تكلل الجهود بالنجاح. وتسود الأروقة الأمريكية، حالة من الزخم مع اقتراب الرئيس باراك أوباما من إنجاز اتفاق تاريخى فشلت الإدارات السابقة فى تحقيقه، وينهى عقودا من غياب الثقة والشكوك بين واشنطنوطهران. لكن عدة عقبات ما زالت تقف فى طريق المفاوضات التى وصفتها وكالة أنباء أسوشيتد برس الأمريكية، بأنها «عالية المخاطر»، ومن بينها الصراع الوحشى فى سوريا والعراق. وعشية بدء المحادثات فى فيينا، صرح مسئول أمريكى رفيع- رفض الكشف عن هويته - بأنه لا تزال هناك فجوات بين طرفى المفاوضات لابد من سدها. وأعرب عن تشككه إزاء إمكان ذلك، مضيفا أن الدول المعنية لم تناقش مسألة تمديد السقف الزمنى لإنجاز الاتفاق النهائى. ونفى المسئول الأمريكى بشكل قاطع ما تناقلته بعض وسائل الاعلام، حول قيام واشنطن بتقديم مقترح من 8 صفحات لطهران خلال جولة المباحثات الأخيرة فى العاصمة العمانية مسقط، مؤكدا أن الإيرانيين لم يغادروا بقصاصة ورق واحدة. كان مسئولون إيرانيون وغربيون، قد توقعوا أن يتم وضع الخطوط العريضة للاتفاق النهائى خلال الأسبوع الحالى، حيث إن التفاصيل الخاصة به تستلزم شهورا لإبرامها. وفى وقت سابق، حذر مسئولون من أن تمديد السقف الزمنى سيزيد من تعقيد المفاوضات، بينما أكدت وكالة أسوشيتد برس أن الدبلوماسيين من كلا الجانبين حريصون على الوفاء بالسقف الزمنى المحدد. فى غضون ذلك، أعربت لاورا كنيدى، المبعوثة الأمريكية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن شعور بلادها بخيبة الأمل بسبب فشل إيران فى التعاون البناء مع التحقيق الذى تجريه الوكالة بشأن محاولة طهران امتلاك سلاح نووى. ومن المقرر أن يعقد ظريف غداء عمل مع كبار المفاوضين الغربيين فى فيينا خلال ساعات، بحضور كاثرين آشتون الممثلة العليا السابقة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى. ويحضر سائر وزراء خارجية الدول المشاركة فى المفاوضات إلى فيينا فى وقت لاحق من الأسبوع الحالى. كان كيرى قد أكد أنه سيتوجه الى فيينا فى الوقت المناسب. وتتمثل أبرز القضايا الخلافية حول نطاق التخصيب الايرانى لليورانيوم، وسرعة رفع العقوبات الغربية عن طهران. وينقسم المحللون حول تداعيات الاتفاق المزمع فى منطقة الشرق الأوسط، وما إذا كان تطبيع العلاقات الإيرانيةالغربية سيدفع الدول العربية نحو تطوير برامجها النووية.