توفي امس الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق عن عمر يناهز 91 عاما, وبعد حياة حافلة بالعطاء وعلي الرغم من أن الفقيد عاش سنواته الأخيرة في عزلة مختارة لم يسمح خلالها بأن تتعرض حياته للاختراق الاعلامي فإنه حافظ دائما علي أن يأتي حضوره مرتبطا بالعطاء المتجدد اذ واصل اعادة نشر مؤلفاته الموسوعية التي زادت علي70 كتابا في محتلف مجالات الفكر وتاريخ الفن, اضافة الي ترجماته المتعددة وأبرزها ترجمة أعمال الروماني أوفيد, ومؤلفات الشاعر جبران خليل جبران التي لا تزال ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعا في مصر وقد أعطي الراحل مثالا فريدا لرجال العسكرية المصرية الذين ارتبطوا باخصب سنوات النضال الوطني من خلال تنظيم ضباط الأحرار الذي كان عضوا فيه.. وبرز عكاشة وهو من مواليد القاهرة بمصر عام 1921 عندما عمل ملحقا عسكريا لمصر خلال فترة توتر في العلاقة مع الغرب, كما لمع عندما كان وزيرا للثقافة ونائبا لرئيس الوزراء المصري لفترتين خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وهي الفترة التي كشف عن كواليسها في المذكرات التي كتبها تحت عنوان مذكراتي في الثقافة والسياسة. وعلي الرغم من ان كثيرا من المثقفين يرون أن الراحل كان أول من عمل علي ادماج المثقف في مؤسسة الدولة الا أن تجربته في تأسيس مؤسسات وزارة الثقافة وأبرزها اكاديمية الفنون لا تزال شاهدة عن جدارة علي وصفه ب البناء الكبير فمن خلال مؤسسات الاكاديمية تمكنت مصر من تأهيل مبدعيها تأهيلا اكاديميا فريدا كما تمكنت من لعب دورها في الثقافة العربية, اضافة الي المساهمة في تنشيط وجمع الفنون الشعبية الموسيقية, بأسلوب علمي حفاظا عليها من الضياع, وإنشاء الفرق المسرحية, والموسيقية, إلي جانب فرقة القاهرة السيمفونية, وفرقة الموسيقا العربية التابعة لدار الأوبرا. كما أسس الراحل جهاز الثقافة الجماهيرية مستعينا بخبرة الكاتب الصحفي سعد كامل ومن خلال هذه التجربة نجح في المساهمة في توصيل الثقافة الي مختلف مناطق مصر كما أفرزت التجربة العديد من الكوادر الثقافية التي تواصل عطاؤها الي الان. لكن العمل الأعظم في مسيرة عكاشة علي الصعيد الثقافي يرتبط بالدور الذي لعبه لاقناع المؤسسات الدولية بأنقاذ آثار النوبة خلال سنوات بناء السد العالي وهي التجربة التي تمت بنجاح خارق. وخلال حياته نال الراحل أوسمة وجوائز عديدة, ابرزها جائزة النيل للفنون (2002) ( مبارك سابقا) وباجماع اعضاء المجلس الاعلي للثقافة كما نال أيضا جوائز عربية ودولية أبرزها جائزة سلطان العويس, كما كان عضوا بالمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو بباريس وأستاذا بكوليج دي فرانس ونال دكتوراه فخرية في العلوم الإنسانية من الجامعة الأمريكيةبالقاهرة, عام 1995