9 من كل عشرة اشخاص عرب يكرهون أمريكا .. تلك هى النتيجة التى أظهرها أخيرا استطلاع للرأى أجرته مؤسسة زغبى انترناشول للأبحاث واستطلاعات الرأى وجامعة ميريلاند الأمريكية , كما أظهر استطلاع للرأى أجراه أخيرا مركز «بيو» للأبحاث واستطلاع الرأى بواشنطن / أن الشعب المصرى يتصدر قائمة أكثر الشعوب كراهية للولايات المتحدة وأن غالبية المصريين (70% ) يكرهون أمريكا والباقى ينظرون لها بنظرة سلبية. من هنا تأتى ضرورة الرد على السؤال الذى طرحه الرئيس الأمريكى جورج بوش بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر لماذا يكرهوننا؟ ولم يتوقف الإعلام وماكينة الدعاية والميديا الامريكية المضللة عن طرحه بل والإجابة عنه بأن العرب يكرهون أمريكا حقدا عليها وحسدا لأنها بلد الحرية والديمقراطية والرفاهية والثراء والتقدم وتحقيق الأحلام وحقوق الإنسان وان العرب يكرهون غيرهم وعدوانيون ومتخلفون . وعلى العكس من ذلك، قال المفكر اليهودى الأمريكى نعوم تشومسكى فى مقال نشرته صحيفة الجارديان اللندنية: «لقد أسأنا لأنفسنا عندما اخترنا الاعتقاد بأن الآخرين يكرهوننا ويكرهون حرياتنا لكن الأمر عكس ذلك تماما فالآخرون معجبون بامريكا ويحبون أشياء كثيرة فيها , وعلينا أن نعى أن الكثير من الناس يعتبروننا نظاما ارهابيا حيث شنت واشنطن عمليات عسكرية فى عدد من دول العالم بلغت درجة الحرب, وإن حملة الكراهية فى العالم العربى ضد الولاياتالمتحدة زادت من تأجيجها سياستها الخاطئة تجاه المسألة الفلسطينية الإسرائيلية والحرب على العراق, وأن السبيل لتجنب أمريكا هذه الحملة هو التوقف عن رفضها الانضمام إلى الاجماع الدولى بحق كل دول المنطقة بأن تعيش فى سلام وأمان بما فيها دولة فلسطين» ويمكن القول إن أعجاب العرب بأمريكا سبق كراهيتهم لها وهو قول مأثور للكاتب السياسى العراقى صلاح المختار, ففى أربعينيات القرن الماضى عندما كان العرب فى المشرق والمغرب تحت نير الاستعمار الأوروبى رفعت الولاياتالمتحدة شعارات الحرية وأنها ضد اضطهاد الشعوب ومع تحريرها, فأوحت بذلك للعرب بأنها مختلفة عن أوروبا الاستعمارية فأعجب العرب بتلك الشعارات والمبادئ وتطلعوا إلى واشنطن لتحريرهم من الاستعمار ورغم دعم الولاياتالمتحدة لإنشاء إسرائيل فقد ظلت كراهية العرب فى الخمسينيات منصبة على الدول الاستعمارية الأوروبية وليست على أمريكا بعد رفض الرئيس الأمريكى دوايت ايزنهاور العدوان الثلاثى البريطانى الفرنسى الأسرائيلى على مصر عام 1956، وما إن رحل الاستعمار حتى حلت محله أمريكا ونفذت سياستها القائمة على الهيمنة والسيطرة وفرض النفوذ على العرب، فتحول إعجابهم بواشنطن إلى كراهيتها خاصة بعد أن أصبحت القطب الأوحد. أما الإجابة عن سؤال : لماذا يكرهنا العرب ؟ فله أسباب كثيرة جعلت العرب يكرهون السياسة الخارجية الأمريكية، ولضيق المساحة سوف اذكر الأسباب باختزال شديد وهى: دعم واشنطن لإسرائيل سياسياً وعسكرياً واقتصاديا وانحيازها السافر لها ضد مصالح الفلسطينيين والعرب من الحرب على العراق لأسباب كاذبة.. تشجيع إسرائيل على تدمير المفاعل النووى العراقى.. إعدام صدام حسين فى عيد الأضحى.. مساعدة حلف الناتو على تدمير ليبيا وجيشها ..إشعال الصراعات الدينية والمذهبية والعرقية فى الدول العربية.. نشرها ما يسمى الفوضى الخلاقة تمهيداً لإقامة الشرق الأوسط الجديد بهيمنة إسرائيلية..مساندة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وحشد المنظمات الإرهابية فى سيناء لنجدتها عند الحاجة.. عدم اعتراف واشنطن بثورة 30 يونيو الشعبية.. وقصر الحرب على الإرهاب على «داعش» دون غيرها من المنظمات الإرهابية المتطرفة. وإذا كان العرب يكرهون السياسة الخارجية الامريكية الظالمة لهم ولقضاياهم فإنهم لا يكرهون الشعب الأمريكى الذى لا تخلو نظرة كثيرة منهم من الاعجاب به لإنجازاته الكبيرة التى تسيدت بها أمريكا العالم, ويبدو هذا الإعجاب واضحاً فى محاولة محاكاتهم نمط الحياة الأمريكية حتى فى اوطانهم. لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين