اعتقدت أن تربيتها بكثرة الضرب حتى تحول قلبها بين جنبات صدرها إلى حجر صوان لا يشعر بآلام ابنتها التى لا تعدو أن تعى ما يقال لها فهى فى سنوات عمرها الخمس الأولى، و كأنها زوجة أبيها و ليست فلذة كبدها، أو قطعة من جسدها، فأصبح الضرب و العصا هى لغة التعامل بينهما حتى قررت الابنة أن تتصدى لهذه القسوة و ترحل عن العالم الذى لم تجد فيه حتى أم تحنو عليها ، فأصبحت هى مصدر تعذيبها بدلا من ان تكون الحضن الدافئ، و الملاذ من متاعب الدنيا. ففى إحدى وصلات الضرب التى اعتادتها من أمها فاضت روحها إلى بارئها فلم يتحمل جسدها الضرب، و انفطر قلبها من البكاء من أقرب الناس إليها و بجبروت و قلب متحجر كان كل ما يشغل الأم هو أن تبرئ نفسها من جريمة قتل ابنتها، وكأننا فى آخر الزمان فادعت أن أباها هو من قتلها فى عالم أصبح كل شئ فيه مباحا، فالابن يقتل أباه، والأب يقتل أبناءه فى مجتمع تحجر قلوب أبنائه، القسوة هى اللغة الرسمية للتعامل بين أفراد الاسرة الواحدة، إلا أن الأم كانت دائما هى الحضن الدافئ، و الملاذ من كل تلك القسوة و الآلام، و منطقة أوسيم كانت على موعد مع نهاية هذا المعنى عندما تحول الحضن الدافئ إلى نيران ملتهبة، و اليد التى تحنو إلى يد تبطش، ولو أن العقل لا يعى كيف تعذب أم أولادها حتى و لو تحت مظلة التربية، فأين يذهب الطفل إذا كانت القسوة من أمه، فحتى القطة تحنو على أولادها، و تفترس من يقترب منها إلا أن تلك الأم كان لها رأى آخر، فالأب يغيب عن المنزل لفترات طويلة يعمل بمنطقة العين السخنة حتى يعود لهم بأموال تكفيهم شر السؤال، و يكفل لهم حياة كريمة و من هنا اعتبرت الأم نفسها المسئولة الأولى عن تربية أولادها إلا أن منظورها للتربية كان يعنى الضرب و القسوة، فكانت تنهال ضربا على ابنتها فاطمة التى تبلغ من العمر خمس سنوات بالضرب، فبأى ذنب تضرب كل هذا الضرب المبرح، و هى التى لا تكاد تفهم ما يقال لها، و كأنها ارتكبت إحدى الكبائر التى تقتضى كل هذا الضرب، حتى مل جسدها الذى بدت عليها علامات الضرب فى كل أجزائه، حتى سقطت الطفلة ميتة و اعتقدت الأم أنها فى حالة إغماء فقامت بحملها، وتوجهت بها إلى المستشفى ليخبرها الأطباء بأنها ماتت، وقاموا بإبلاغ اللواء محمود فاروق مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة بوجود شبهة جنائية فى وفاة فاطمة، و تواصل الأم قسوتها، وكأن قلبها تحجر فلم تشعر بالذنب، أو تنهار لوفاة ابنتها على يديها، ولم تنهر لتقرر أمام اللواء مصطفى عصام مساعد مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية بأن زوجها والد الطفلة فاطمة هو من قتلها، بحجة أنه لا يحب البنات، و كان يكرهها، وفى أثناء قيامه بضربها سقطت على الأرض ميتة، و أن سبب الجروح و الكدمات الموجودة بجسدها من ضرب والدها لها، إلا أن التحريات التى أشرف عليها اللواء جرير مصطفى مدير المباحث الجنائية بالجيزة كشفت كذب الأم التى أرادت أن تدمر منزلها كله فقتلت ابنتها، و كادت تودى بزوجها إلى السجن، وكأنها فقدت عقلها كما تجمد قلبها ،وكادت تدمر البيت كله كى تنجو بنفسها من قتل ابنتها، و لم يشعر قلبها، أو ضميرها بوخذة ضمير تراجع نفسها، و تقر بخطئها ليكشف رجال الأمن خديعتها فالزوج يعمل بمنطقة العين السخنة، و يحضر إلى منزله كل فترة حتى يستطيع ان يوفر لأولاده المأكل و الملبس، و أنه لم يأت إلى المنزل منذ 15 يوما لتنكشف خدعة الأم و براءة الأب، و من خلال قوة بقيادة العميد محمود خليل رئيس مباحث شمال الجيزة ألقى القبض على الأم بعد أن أكدت كل المؤشرات أنها هى التى قتلت ابنتها، و بدلا من ان تكون منهارة نادمة على ضياع فلذة كبدها أرادت أن تلقى بالتهمة على زوجها، إلا أنها بعد كل تلك المحاولات، و مواجهة الامن لها بالحقيقة اعترفت بأنها كانت تضرب ابنتها كثيرا، معتقدة أنها تؤدبها، و فى إحدى هذه المرات فوجئت بها تسقط على الارض فحاولت إفاقتها إلا أنها لم ترد فاعتقدت أنها إغماءة حتى توجهت للمستشفى، و أخبروها بوفاتها فلجأت لتلك الحيلة حتى تهرب من العقاب، حتى و لو على حساب زوجها، و تنجو بنفسها ليأمر اللواء كمال الدالى مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة بإحالتها إلى النيابة .