يحدث كثيرا أن أدخل التواليت الحريمى لأجده معبأ بسحب من الدخان الأبيض الخانق، مما يعنى أن إحداهن لأسباب مزاجية أو قسرية لا يحلو لها تدخين السيجارة إلا فى الحمام، حيث المكان الآمن بالنسبة لها بعيدا عن أعين العوام. وذات يوم تقابلت قدرا مع إحداهن وهى خارجة لتوها من غيم سحابات دخانها، فما كان منها إلا أن ارتبكت وأخذت فى إبداء الأسف والإعتذار عن شعورى بالإختناق، فتشجعت وسألتها عن سبب تخصيص الحمام لتدخين سيجارتها، فأخبرتنى أنه الخوف من مجتمع ينظر نظرة ريبة لفتاة أو إمرأة لا ينضبط مزاجها إلا بسيجارة من النوع المفضل لها، رغم أنه هو نفس المجتمع الذى لا يشعر بأى إشمئزاز من رجل يدخن مثلها ! وامتد السؤال العابر بيننا إلى حوار، فأنا لا أؤمن بداية بأن أفعل أى شئ فى الخفاء لأن فعله فى العلن يشعرنى بالحياء، فإذا كنت تخشين أن يراك أحد وأنت تنفثين من فمك الدخان، فمن باب أولى أن تخشين آثار الإصفرار على أصابعك والسواد على أسنانك، والاحمرار بعينيك والاهتراء فى رئتيك،كل هذا سيكون مرئيا للآخرين الذين يستطيعون بسهولة أن يكتشفوا الرائحة العطنة للدخان وهى عالقة بملابسك بمجرد أن تدخلين أى مكان، إذن فلن تستطيعي أن تخططى للجريمة الكاملة وأنت تختبئين فى حمام العمل أو المطعم أو البيت مع علبة السجائر وأعواد الكبريت. الأمر الثانى: إذا كنت لا تفكرين بأنوثتك التى تتراجع كثيرا مع سيجارتك شكلا ومضمونا فكيف ستتعاملين مع زوج المستقبل وهل ستصارحينه بأنك فتاة مدخنة وهذا ما يرفضه أغلب الشباب المصرى مهما كان متفتحا أو متحررا أم أنك ستختبئين عندما تتزوجين فى حمام الشقة من أجل عيون التدخين !! نصيحة قلتها لها ولم يبدو أنها اقتنعت بها، والآن أكتبها ربما يقتنع بها غيرها : مراعاة تقاليد المجتمع ليس معناها أن نفعل ما نريد ولكن فى الخفاء .. فهذا سلوك موجب للإحتقار، وإنما معناها أن نخشى "العيب" بالضبط كما نخشى "الحرام" .. وتذكرى أن المقارنة مع الرجال لم تفيدنا عبر الأجيال، فهم يخطئون باشعال سجائرهم وأنت أيضا تخطئين، والبحث عن التقليد يكون حماقة إذا كان فيما يضر ولا يفيد ... ارمى سيجارتك الحريمى وغادرى غرفة التواليت بثقة وقلب حديد. لمزيد من مقالات علا مصطفى عامر