فى مثل هذه الأيام من كل عام، تواجه مصر خطر ما اصطلح على تسميته ب«السحابة السوداء»، حيث يسود البلاد دخان كثيف يحجب الرؤية، ويصبح الهواء ملوثا بدخان السحابة السوداء، مما يجعل التنفس صعبا ويؤدى فى النهاية إلى كثير من الأمراض الصدرية وغيرها. ولأعوام عديدة يواجه المصريون أخطار السحابة السوداء، وتصريحات للمسئولين والوزراء ورؤساء الوزارات المتعاقبة، عن «التصدى ومواجهة السحابة السوداء» دون التوصل إلى حل جذرى يقضى على تلك الظاهرة السيئة المتكررة سنويا، بسبب قيام المزارعين فى العديد من المحافظات، خاصة محافظات وسط وشمال الدلتا بحرق كميات كبيرة من قش الأرز تصل إلى نحو 4 ملايين طن، بعد فصل حبات الأرز عن العيدان، وكأنه كتب على المصريين أن يروا ويختنقوا بدخان السحابة السوداء وكأنها ظاهرة طبيعية وليست نتيجة جهل من بعض الفلاحين، وسوء إدارة وتخطيط من جانب الحكومات المتعاقبة، وكأن مصر البلد الوحيد فى العالم الذى يزرع وينتج الأرز، إذ إن كل دول العالم تزرع الأرز وخاصة الدول الآسيوية، مثل اليابان والصين وتايلاند والفلبين، لأنه المصدر الرئيسى لطعامها، ولم نسمع أو نعرف يوما أن كل هذه الدول واجهت ما نواجهه كل خريف باسم السحابة السوداء، فلماذا الفشل المستمر فى مواجهة السحابة السوداء، ولماذا لا نتخذ خطوات جادة ومبتكرة قبل زراعة محصول الأرز أصلا وليس بعد حصاده، على سبيل المثال كأن تتفق الحكومة مع الفلاحين على شراء قش الأرز بسعر معين وتقوم هى بإعادة تدويره أو استخدامه كما تفعل كل الدول النامية والمتقدمة، وليس من الغريب أن تكون محافظة الشرقية التى تصنف على أنها أكبر محافظة فى حرق قش الأرز، أن تكون أيضا من بين المحافظات التى بها أكبر نسبة للإصابة بمرض السرطان القاتل على مستوى الجمهورية، وربما لا يدرك الفلاح المصرى الذى يقوم بحرق قش الأرز للتخلص منه، الأخطار القاتلة للسحابة السوداء ولكن من المفترض أن لدى مصر حكومات تعمل على درء الأخطار والأمراض عن مواطنيها، فالمجتمع المعلول لن ينتج ولن يتطور. نريد إجراءات واضحة وحلولا مبتكرة للقضاء على السحابة السوداء، لا تصريحات وشعارات، نرجو أن يأتى علينا العام المقبل دون «سحابة سوداء» أو نتحدث عن «سبيل» التصدى لها! لمزيد من مقالات رأى الاهرام