ضمن رؤية مصر 2030.. تفاصيل مشاركة جامعة العريش بالندوة التثقيفية المجمعة لجامعات أقليم القناة وسيناء (صور)    بينها عيد الأضحى 2025.. 13 يوما إجازة تنتظر الموظفين الشهر المقبل (تفاصيل)    وزير الاستثمار يبحث مع شركة مدن العقارية تطورات مشروع رأس الحكمة    سعر الذهب اليوم الجمعة 23 مايو 2025.. وفقا لآخر التحديثات    الكيلو ب 225 جنيها.. طرح خراف حية قبل عيد الأضحى بالأقصر    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    إزالة 13 حالة مخالفة وتنفيذ 11 حالة تعد على أراضى زراعية فى الأقصر    مسئول لبناني: الدولة لن تتوانى عن استرداد حقها وتحرير أراضيها المحتلة    جرائم طعن تهز أوروبا.. خلاف ينتهى بوفاة أب.. وذعر السلاح الأبيض ينتشر بالمدارس    قبل بيراميدز.. ماذا قدمت الفرق المصرية في أول نهائي لدوري أبطال إفريقيا    الأهلي يجهّز ملف شامل للرد على شكوى بيراميدز بالمحكمة الرياضية    تفاصيل مخطط 5 عناصر إجرامية لغسل 60 مليون جنيه    وفاة موظفة بديوان عام محافظة المنيا صدمتها سيارة    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    "نجوم الساحل" يتذيل شباك التذاكر    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    قصور الثقافة تعرض مسرحية تك تك بوم على مسرح الأنفوشي    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    التأمين الصحى: نسبة تسجيل المواطنين بالمنظومة بلغت 65% حتى الآن    أخبار الطقس في السعودية اليوم الجمعة 23 مايو 2025    منها «استقبال القبلة وإخفاء آلة الذبح».. «الإفتاء» توضح آداب ذبح الأضحية    القاهرة الإخبارية: الاحتلال استهدف أهالي حاولوا الوصول إلى شاحنات المساعدات    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    "فيفا" يعلن استمرار إيقاف القيد عن 7 أندية مصرية.. ورفع العقوبة عن الزمالك بعد تسوية النزاعات    «الإسكان» تتعاون مع «الثقافة» لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة    غدًا.. جلسة عامة لمناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام "الشيوخ"    استمرار تدفق الأقماح المحلية لشون وصوامع الشرقية    أرني سلوت ينتقد ألكسندر أرنولد بسبب تراجع مستواه في التدريبات    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    انطلاق قافلة الواعظات للسيدات بمساجد مدينة طلخا في الدقهلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم فى مصر 23-5-2025    وفد الصحة العالمية يزور معهد تيودور بلهارس لتعزيز التعاون    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    الخارجية: الاتحاد الأفريقى يعتمد ترشيح خالد العنانى لمنصب مدير عام يونسكو    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    الهلال يفاوض أوسيمين    الأمين العام للأمم المُتحدة يعلن تعيين ياسمين فؤاد أمينة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    عمر مرموش يهدد رقم فودين فى قائمة هدافى مانشستر سيتى    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    جامعة القاهرة تعلن عن النشر الدولى لأول دراسة بحثية مصرية كاملة بالطب الدقيق    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وماذا بعد؟
رئيس بحجم مصر .. وكلمة تحمل رسالتها الى العالم

إطلالة مصر فى الاجتماعات الرفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام فاقت كل التوقعات وتقديرات السياسيين والخبراء، وربما لم يحدث أن استحوذ رئيس مصرى على كل تلك الحفاوة على مدى الأعوام السبعين الماضية هى عمر المنظمة العالمية.
بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى نيويورك يوم الأحد الماضي، توالت الدعوات من رؤساء الدول والحكومات ومراكز الأبحاث الأمريكية ونخب منتقاة من قادة الفكر والسياسة لمعرفة الرجل الذى غير وجه الشرق الأوسط وأنقذ بلاده من مصير مظلم، وكثير من تلك الدول والنخب كان لها مواقف مناوئة لثورة الشعب فى 30 يونيو، واعتبرت خروج الجماهير خدعة ولكنهم بعد شهور اكتشفوا أن الخدعة الحقيقية كانت فى ترويج بعض الحكومات لجماعة إرهابية كانت تقود تيارات العنف من وراء الستار، وعندما سقطت تكشفت خيوط كثيرة عن مؤامرات وتدابير كادت تعصف بالدولة، واليوم تمارس جرائمها ضد الشعب كل يوم وتظهر آثارها المدمرة فى دول مجاورة تعيش شعوبها كابوسا فظيعا.
لم تكن الحفاوة التى قوبل بها السيسى والتصفيق الحار من وفود الدول الأعضاء، فى أثناء كلمته، من فراغ، ولكنه كان تتويجا للحضور الاستثنائى للرئيس ولمصر الجديدة التى بشر بها من فوق منبر الأمم المتحدة، وكان الرئيس قد استهل حضوره اللافت على منصة الأمم المتحدة بإلقاء كلمة المجموعة العربية أمام قمة المناخ، وهى الكلمة التى عبرت عن إجماع عربى نادر الحدوث حيث اتفقت كل العواصم العربية على قيام مصر بتمثيلها أمام تلك القمة العالمية دون تحفظات من أحد.
بحق، كان الرئيس السيسى هو نجم الدورة الحالية للجمعية العامة، ولم تكن الرسائل التى حملها إلى العالم فى اتجاه واحد، ولكن العالم بادر من جانبه بتوجيه رسائل واضحة إلى مصر مفادها «لقد بدأنا نفهم ما جرى فى بلدكم، وحقيقة وضع النظام السابق وما فعله فى مصر والمنطقة».
وجاءت كلمات بعض الزعماء فى الجلسات المغلقة التى جمعتهم بالرئيس تحمل رسائل تنم عن أسفهم لحالة «سوء الفهم» التى صدرتها بعض وسائل الإعلام والمنظمات الدولية والتى افترت على ثورة شعب فى وقت كانت مصر فى حاجة إلى مساندة العالم لها، وكان بعض الزعماء أكثر وضوحا فى توصلهم إلى حقيقة أن ما يجرى فى العراق وسوريا يظهر جليا أن ما جرى فى مصر كان حتميا لمنع انزلاق الدولة الأكبر فى المنطقة إلى مصير مشابه.
فى لقاء المفكرين، ومنهم هنرى كيسنجر مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق وهيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وآخرون، عبرت النخبة الأمريكية للسيسى عن وقوفها إلى جانب مصر فى تلك المرحلة وقالوا إن ثورة 30 يونيو قد أجهضت مخططا سافرا.
ومن بين هؤلاء خرج صوت هيلارى كلينتون متحدثا عن موقف الإدارة الأمريكية من الأحداث التى أعقبت ثورة يناير وكيف كان نقص المعلومات وحجب التقارير ومحاولة بعض الأطراف تأكيد رغبة المصريين فى تجريب النموذج الإسلامى (الإخوان) حتى جاء خروج المصريين ليكشف تلك الأباطيل والتضليل، وأشارت إلى أن بداية المراجعة كانت فى حادثة الاتحادية الأولى التى حشدت الجماعة لها أنصارها لضرب المتظاهرين السلميين حفاظا على كرسى الحكم، كما أن النخبة الأمريكية قالت فى حضور الرئيس إن تصوراتها عن المجتمع المدنى المصرى غير مكتملة، ويرون أن هناك مشكلة تعترى تلك النخب المدنية فى مصر، ولم يخف قادة الفكر فى الولايات المتحدة اندهاشهم من إقبال المصريين على شراء شهادات استثمار قناة السويس الجديدة، والتى فاقت 64 مليار جنيه مصرى فى ثمانية أيام فقط، واعتبروها شهادة ثقة لا يمكن أن تخطئها العين عن ثقة المصريين فى القيادة الجديدة وفى اختيارهم طريقا مخالفا للحكم السابق.
وفى لقاءات النخب الأمريكية، أيضا، كان السؤال الملح عن أسباب كراهية المصريين للسياسة الأمريكية، وكان رد الرئيس دائما واحدا «السبب هو الأفعال الأمريكية».
رسائل العالم إلى مصر
رسائل العالم تواصلت على مدى الأيام التى قضاها السيسى فى المدينة الأمريكية الكبيرة، من الدول الآسيوية إلى الدول الأفريقية مرورا بدول أمريكا اللاتينية التى كان زعماؤها أكثر حفاوة بالرئيس، وبعضهم كرر عبارات عن تقديرهم لدور مصر بعد أن اتضحت صورة جماعات الإرهاب فى العراق وسوريا، وكيف أنقذت مصر العالم من خطر داهم، وامتنانهم لدعوة السيسى بضرورة التصدى الجماعى لخطر الجماعات الإرهابية.
وفى ردهات الأمم المتحدة، تحدثت إلى دبلوماسى كولومبى فقال الرجل: «المفروض أن تتقدموا بشكوى للمحكمة الدولية ضد إرهاب الجماعة ومن يقف وراءها وتطالبوا بتعويضات»، وكان الدبلوماسى القادم من دولة لاتينية يشير إلى محاولات الجماعة الإرهابية مقاضاة الدولة المصرية أمام المحكمة الجنائية الدولية وهى الدعوة التى قوبلت بالرفض أخيراً. هكذا، انقلب السحر على الساحر، ولم تعد الجماعة تملك رصيدا تتاجر به بعد سقوطها على يد الشعب وإن كان الأمر قد استغرق وقتاً حتى يتوصل العالم إلى الحقيقة.
وفى كل اللقاءات التى جمعت السيسى بالزعماء ورؤساء الحكومات كانت الجملة الأثيرة على ألسنة الجميع هى «ماذا تريد منا؟ وماذا يمكن أن نفعل لدعم بلدكم؟».. وقدم الرئيس فى كلمته أمام الجمعية العامة إجابة عملية عما تريده مصر وهى تبنى دولة مدنية تحترم حقوق كل أفرادها عندما قال « بدأت مصر فى تنفيذ برنامج شامل طموح لدفع عملية التنمية حتى عام 2030، يستهدف الوصول إلى اقتصاد سوق حر، قادر على جذب الاستثمارات فى بيئة أمنية مستقرة.
ولعل فى مشروع قناة السويس الجديدة، هدية الشعب المصرى إلى العالم ما يؤكد جدية هذا التوجه، وحرص «مصر الجديدة» على بناء غدٍ أفضل لأبنائنا وشبابنا، ولذا أدعوكم للمشاركة فى المؤتمر الاقتصادى الذى سيُعقد فى مصر خلال شهر فبراير القادم، من أجل تحقيق التنمية وبناء المستقبل ، ليس لمصر فحسب، وإنما للمنطقة بأكملها».
هنا، أشير إلى تغير آخر فى موقف دولة أفريقية كبيرة هى جنوب إفريقيا حيث طلب الرئيس زوما مقابلة الرئيس السيسى على هامش اجتماعات الجمعية العامة بعد أن مرت العلاقات بدرجة من الفتور، وهو ما تجلى فى السابق فى فشل الجانبين المصرى والجنوب إفريقى فى عقد لقاء بين الرئيسين خلال القمة الأفريقية الأخيرة فى مالابو عاصمة غينيا الإستوائية، كما أن لقاء الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى فى نيويورك يحمل دلالة جديدة على أن القاهرة وأديس أبابا على طريق استعادة العلاقات الطبيعية بين بلدين كبيرين.
الإرهاب مسئولية جماعية
فى عرضه لتطورات الوضع الإقليمى المتأزم والخطر، أصابت كلمات الرئيس السيسى لب القضية التى ترتجف لها عواصم الغرب اليوم بعد أن شعرت بأن التهديد على الأبواب فقال لهم: «إن الإرهاب وباءٌ لا يفرق فى تفشيه بين مجتمع نام وآخر متقدم.
فالإرهابيون ينتمون إلى مجتمعات متباينة، لا تربطهم أى عقيدة دينية حقيقية، مما يحتم علينا جميعا، تكثيف التعاون والتنسيق لتجفيف منابع الدعم الذى يتيح للتنظيمات الإرهابية مواصلة جرائمها».
ثم قدم السيسى روشتة ناجزة للأزمات التى تواجه بعض دول المنطقة تستند إلى محورين رئيسيين لدعم بناء الدولة القومية، الأول، تطبيق مبدأ المواطنة وسيادة القانون بناءً على عقد اجتماعى وتوافق وطني، مع توفير كافة الحقوق، لاسيما الحق فى التنمية الشاملة، بما يُحصِن المجتمعات ضد الاستغلال والانسياق خلف الفكر المتطرف.
أما المحور الثانى، فهو المواجهة الحاسمة لقوى التطرف والإرهاب، ولمحاولات فرض الرأى بالترويع والعنف، واقصاء الآخر بالاستبعاد والتكفير.
وقد فصل الرئيس السيسى الموقف فى ليبيا وسوريا والعراق انطلاقا من الموقف المصرى السابق، حيث أكد أن المبادرة المصرية بشأن ليبيا ترسم خطوات محددة، وأفقا واضحا ويمكن البناء عليها للوصول إلى حل سياسى يدعم المؤسسات المنتخبة، ويسمح بالوصول إلى حل سياسى شامل، يضمن وقف الاقتتال ويحفظ وحدة الأراضى الليبية، ونقطة البدء وقف تهريب السلاح إلى ليبيا، وعدم التساهل مع التيارات المتطرفة التى ترفع السلاح وتلجأ للعنف، ولا تعترف بالعملية الديمقراطية.
وحول سوريا، أعرب الرئيس عن ثقته فى إمكانية وضع إطار سياسي، يكفل تحقيق تطلعات شعبها، وبلا مهادنة للإرهاب أو استنساخ لأوضاع تمردَ السوريون عليها، وتطرق السيسى إلى الوضع فى العراق، فأكد أن تشكيل حكومة جديدة وحصولها على ثقة البرلمان تطور مهما، يعيد الأمل فى الانطلاق نحو تحسن الأوضاع واستعادة المناطق التى وقعت تحت سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابى، بهدف الحفاظ على وحدة الأراضى العراقية ووقف نزيف الدماء.
وأهمية ما طرحه السيسى فى نيويورك أنه يوفر إطارا واضحا لكيفية التعامل مع خطر تنظيمات الإرهاب وعلى رأسها «داعش» فى سوريا والعراق، حيث كانت رسالة الرئيس فى أكثر من مقابلة مع مسئولين كبار ووسائل إعلام أمريكية «يمكننا أن نتعاون ولكن فى إطار نظرة شاملة، والتعاون فى منع تسويق الأفكار المتطرفة».
وعلى سبيل المثال، ترى مصر أن هناك خطرا متزايدا من غياب التعاون الدولى فى مراقبة مواقع التواصل الاجتماعى واستخدامات الإرهابيين لها لنشر أفكارهم وتجنيد الأنصار وهى قضية يتحتم أن تحتل أولوية قصوى اليوم وهو أمر يختلف تماما عن ممارسة الأفراد للحرية الكاملة على مواقع الشبكات الاجتماعية.
لا تؤمن مصر بسياسة المسكنات التى تبحث عنها الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الغربية، ولكنها ترى اللحظة تفترض حربا شاملة على الإرهاب بكل مكوناته وهى تختلف عن موقف واشنطن فى دعوتها إلى إيجاد حل جذرى للمشكلات وتحمل المسئولية والعواقب.
فالولايات المتحدة تريد، فيما يبدو، الحفاظ على سياستها واستراتيجيتها فى المنطقة دون تغيير، واحتواء ظاهرة الإرهاب مثلما حدث فى السابق فى أفغانستان وفى مواجهة القاعدة، وفى حرب العراق التى دمرت قوتها العسكرية لمصلحة إسرائيل، ثم جاءت الحرب فى سوريا وظهور التنظيم الإرهابى الأخطر فى التاريخ ليضع الجميع أمام مسئولية كبرى.
وفى الإطار السابق، أكدت القيادة المصرية فى محادثاتها أن مصر لن تدخل حروبا صغيرة بالوكالة، وأن الجيش المصرى دوره هو حماية البلاد فى المقام الأول وهى مستعدة للتعاون «سياسيا» فى مواجهة الفكر المتطرف، وهى تريد من الشريك الأمريكى أن يضع إستراتيجية واضحة لا تتبنى المبادئ التى دعمت وجود جماعات الإسلام السياسى منذ سقوط الإمبراطورية البريطانية فى الشرق الأوسط حيث حلت الولايات المتحدة محل بريطانيا، وساندت قوى التطرف على مدى عقود وفى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية، الوقت حان لتغيير الاستراتيجية ..تلك رسالة مصر اليوم.
العلاقات مع الولايات المتحدة
فى سياق الحرب على الإرهاب، تبرز مسألة العلاقات المصرية الأمريكية فى تلك المرحلة الحرجة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط، ومن متابعة المناقشات والحوارات التى جرت لا يمكن الحكم على عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين، ولكن ما جرى سواء فى لقاء القمة بين الرئيس الأمريكى باراك أوباما والرئيس السيسى، وفى لقاءات أخرى بين الجانبين يشير إلى بوادر وضع العلاقات على الطريق الصحيح من خلال الاتفاق الثنائى على خطورة دعم التيارات المتطرفة وبالأخص جماعة الإخوان، حيث ظهر الجانب الأمريكى أكثر رغبة فى الاستماع إلى القيادة السياسية المصرية بجدية.
ولا يمكن الحكم مبكرا على أن واشنطن ستقوم بإعادة النظر فى سياستها، إلا أن الواضح أن السياسة الأمريكية تقع اليوم فى مأزق كبير خاصة بعد كل تلك التقارير الداخلية الأوروبية عن قيام دول صديقة للولايات المتحدة بالتورط فى تمويل جماعات الإرهاب ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، ما كشفته الصحف البريطانية مؤخرا عن وجود منظمات خيرية ليست سوى غطاءً مستتر لمنظمات متطرفة كثيرة من بينها جماعة الإخوان الإرهابية.
وتنطلق الرؤية المصرية من ضرورة العمل على مواجهة الولايات المتحدة والغرب بالحقائق والأرقام عن تمويل الإرهاب، وعدم السكوت عن الممارسات التى تزيد من تعقيد الموقف الإقليمى بعد تهديد دول بالاختفاء من فوق الخريطة.
ويمكن القول إن تقارب الدبلوماسية الأمريكية وأصحاب رؤوس الأموال الأمريكيين سيكون لافتا ومكثفا فى الفترة القادمة من أجل بناء علاقات على أسس سليمة، ومن تلك الإشارات الدالة على التقارب الجيد، اللقاءات وجلسات العمل التى عقدها وزيرا الاستثمار والتموين المصريان مع المستثمرين والمسئولين الأمريكيين على هامش زيارة الرئيس.
ولم ينس الرئيس السيسى القضية الفلسطينية فى كلمته أمام الجمعية العامة وفى محادثاته مع كبار المسئولين الأمريكيين حيث ذكرهم أن إسرائيل مسئولة عن تدهور عملية السلام، وأن الفلسطينيين مازالوا يطمحون لإقامة دولتهم المستقلة على الأراضى المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تجسيداً للمبادئ التى بُنِيت عليها مسيرة السلام بمبادرة مصرية فى سبعينيات القرن الماضى ، والتى وصفها بأنها مبادئ لا تخضع للمساومة وإلا تآكلت أسس السلام الشامل فى المنطقة.
وأكد أن اِستمرار حرمان شعب فلسطين من حقوقه، يوفر مدخلاً لإستغلال قضيته لتأجيج أزمات أخرى ولتحقيق البعض لأغراض خفية وإختلاق المحاور التى تُفَتِتُ النسيج العربى وفرض الوصاية على الفلسطينيين بزعم تحقيق تطلعاتهم، وفى الإطار العملى لمساعدة الشعب الفلسطيني، تستضيف القاهرة يوم 12 أكتوبر المقبل المؤتمر الدولى حول إعمار غزة لتؤكد أن دورها فى القضية الفلسطينية لا يمكن المزايدة عليه بأى حال من الأحوال وتحت أى ظرف.
--------
فى طريق العودة إلى القاهرة، يحمل الرئيس السيسى حصيلة هائلة من المشاورات مع عشرات الزعماء والمسئولين الأجانب، تؤكد أن مصر قبل المشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة غير مصر بعد تلك المشاركة، فقد استعادت مصر توازنها والعالم بات اليوم يتطلع إلى دورها فى حماية المنطقة العربية من خطر التطرف وفى الإستفادة مما فعله الشعب المصرى لحماية جبهته الداخلية من الانزلاق فى حرب أهلية كان مخططا لها أن تفتت وحدة الأمة وتمزق صفوفها، ولكنها مصر القادرة على تغيير وجه التاريخ، والقادرة على صيانة الحقوق العربية، والقادرة على المواجهة عندما تحين لحظة الخطر..
كان حضور السيسى فى نيويورك ملفتا ورائعا..
وكانت مساندة أبناء مصر فى زحفهم لدعم القيادة الجديدة رسالة إلى العالم بأننا على قلب رجل واحد..
وكانت رسالة العالم إلى مصر ذات دلالة أن المستقبل يحمل كثيرا من الأمل.

لمزيد من مقالات محمد عبد الهادى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.