"غرام وانتقام" او "تخليص حسابات" هو الوصف الذى ينطبق على كتاب نشرته رفيقة الرئيس الفرنسى فرانسوا اولاند مؤخرا تحت عنوان"شكرا على تلك الاوقات"..تناولت فاليرى تريرفيلر فى الكتاب العديد من الاسرار الخاصة بالاليزيه،وكيلت فيه حزمة اتهامات لشخص الرئيس،أهمها انه يكره ويستهزأ بالفقراء الذين كانوا قاطرة دفعه الى الرئاسة فى الانتخابات الفرنسية الاخيرة2012.. والواقع ان الصورة المغايرة، التى رسمتها فاليرى للرئيس الفرنسى فى الكتاب، تختلف تماما عن صورة الرئيس المتواضع والقريب من الفرنسيين، الفقراء منهم على وجه الخصوص. والكتاب الصادر فى باريس منذ ايام قليلة, قامت سيدة القصر السابقة بطباعته خارج البلاد فى طى الكتمان, وتروى فيه ذكريات الأشهر التى قضتها من حياتها بالإليزيه منذ تولى فرانسوا اولاند رئاسة فرنسا، وحتى خروجها منه فى يناير 2014 إثر كشف وسائل الاعلام عن علاقة غرامية سرية للرئيس بالممثلة الفرنسية جولى غاييه(48عاما). وفى الوقت الذى عكف فيه أولاند ووزراؤه على نفى التهم التى جاءت فى الكتاب،اكدت تريرفيلر فى حوارها مع مجلة "بارى ماتش"أن كل ما كتبته حقائق مؤكدة أنها عانت كثيرا الأكاذيب ولذلك لاتريد الكذب على الفرنسيين. وقد توالت ردود افعال الحكومة والمعارضة إزاء مضمون الكتاب، حيث وجه مانويل فالس - رئيس الحكومة – انتقادات شديدة للفضائح التى نشرتها السيدة الفرنسية الأولى السابقة عن حياة الرئيس الخاصة، موضحا ان ما نشر لايتناسب مع الواقع .. داعيا إلى احترام الحياة الخاصة للمواطنين والتحلى بالكرامة والرقى لمستوى النقاش. أما وزيرة البيئة سيجولن روايال - المرشحة الرئاسية والشريكة السابقة لفرنسوا اولاند, رغم رفض اقحامها فى هذا النقاش، الا انها أبدت اضطرابا فى اجاباتها على الجزئية الخاصة بازدراء اولاند للفقراء..مشيرة الى أنه لا أساس لصحة مانشرته تريرفيلر فى كتابها المثير للجدل،كونه يتنافى مع التزامات ومسئولية الرئيس اليساري. كما نفى جان مارى لوغوان،وزير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان أن يكون اولاند قد انتقد الفقراء،ذلك رغم عدم وجود علاقات جيدة تربطه بالرئيس، معتبرا الصورة التى رسمتها تريرفيلر فى الكتاب خاطئة. ويرى كثير من رجال السياسة ان كتاب تريرفيلر يسيء إلى الجمهورية والصحافة.. حتى زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليمين المتطرف مارين لوبن قالت ان كتاب فاليري"لا يشرف كاتبته ولا اولاند, لانه لو انتقد الرئيس الفرنسى بالفعل الفقراء ستنهار صورته نهائيا امام الذين أيدوه. اما جبهة المعارضة اليمينية فلم يرق لها الحال-ايضا-ولم تنتهز الفرصة لمهاجمة اولاند رغم شدة التنافس على السلطة والوصول للاليزيه..ومنهم شنتال جوانو،عضو مجلس الشيوخ الفرنسى عن حزب"الاتحاد من أجل حركة شعبية"المعارض والتى اعتبرت ان كتاب فاليرى عدم احترام لرمز من رموز الجمهورية الفرنسية. لكنه من دون شك ان الاصداء التى خلفها الكتاب تعد ضربة قاسية للرئيس اولاند لكشفه-افتراضا-العيوب التى حاول إخفاءها طيلة حياته السياسية، بل إنه قد يصبح من الصعب تغيير الصورة التى رسمتها فاليرى عن الرئيس الاشتراكي, ورغم أن الكثيرين يدركون أن الغرض الرئيسى من الكتاب هو الانتقام ومعاقبة اولاند على خيانته وخداعه لفاليرى .. إلا أنه القى بظلاله وبصورة واضحة على شعبية الرئيس الفرنسى المتراجعة أساسا بسبب سياساته التقشفية، فحسب آخر استطلاع اجراه معهد سوفريس،سجلت نسبة المؤيدين لفرانسوا اولاند 13%،وهى أدنى نسبة يعرفها رئيس فرنسى فى تاريخ الجمهورية الخامسة،وبالطبع تتوقع الساحة مزيدا من الانخفاض. و تجدر الاشارة الى ان صدور كتاب فاليرى جاء بعد عشرة أيام فقط من اعادة تكليف الرئيس لفالس بتشكيل حكومة جديدة تتصدى للبطالة وتدفع عجلة التنمية..وكذلك قبيل 10 أيام من كلمة رئيس الحكومة أمام الجمعية الوطنية للتصديق على برنامج الحكومة الاقتصادى والاجتماعي. لذا تتصاعد المخاوف من احتمالية رفض الجمعية الوطنية منح الثقة لفالس،وبالتالى عدم تصديقها على برنامج الحكومة الجديد، مما قد يؤدى إلى أزمة سياسية خطيرة يترتب عليها حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. بالعودة لكتاب السيدة الاولى الفرنسية-السابقة-،فهو يفضح العديد من الأسرار على مدى العام والنصف الذى قضته فى أروقة قصر الاليزيه, الذى وصفته بعالم النفاق والكذب!. ومن بين الموضوعات التى تناولتها فشل حياتها العائلية منذ دخولها قصر الرئاسة مع فرانسوا اولاند الذى ربطته بها علاقة حب تعود لعشر سنوات..مشيرة الى ان حياة القصر لم تسمح لها بفسحة من الوقت تقتنصها فى حميمية مع شريك حياتها،ذلك لان الاليزيه لا يخلو من مستشارى الرئيس ووزرائه الكُثر لدرجة ان مستشارى الرئيس كانوا يستكملون حواراتهم وهم يتتبعونه حتى فى حمام حجرة النوم،الامر الذى نبذته فاليرى بشدة. اما مر شكوى حرم الرئيس-السابقة- فكانت من تدخل المقربين لاولاند فى حياتها الشخصية لدرجة ان مستشاره وزير الزراعة ستيفان لوفول طلب منها ان تستأذنه اذ ارادت ان تقضى سهرة او امسية بمفردها مع الرئيس!. ولم تغفل تريرفيلر ذكر سيجولن رويال الشريكة السابقة للرئيس اولاند والذى تربطه بها اربعة اولاد..مفصحة عن غيرتها العمياء منها قائلة: لم احتمل رؤيتها مطلقا بجوار فرانسوا اولاند. ويذكر ان روايال تتبوأ حاليا منصب وزيرة للبيئة منذ التشكيل قبل الاخير لوزارة فالس. اما موضوع العلاقة الغرامية للرئيس فرنسوا اولاند مع الممثلة جولى غاييه والتى كانت كالقشة التى قصمت ظهر البعير وسببا رئيسيا وراء انفصالها عن اولاند فكرست له سيدة فرنسا الاولى سابقا جزءا كبيرا من كتابها, وحكت بالتفصيل عن حجم معاناتها حين فضحت الصحافة سر هذه العلاقة وهو ما ادى الى محاولتها الانتحار بالحبوب المهدئة حتى لاتعيش تلك اللحظات. وقد نفدت نسخ كتاب "شكرا على تلك الأوقات" خلال الأيام الأولى لطرحه حيث تهافت الفرنسيون على شرائه وكانت دار النشر قد طرحت مبدئيا 200 ألف نسخة منه.