يحمل العدد الجديد من «كتاب الهلال» أغسطس 2014 عنوان «الهوى المصرى فى خيال المغاربة»، تأليف الدكتور محمد مشبال، أستاذ التعليم العالى بكلية الآداب جامعة عبد المالك السعدى بتطوان. يرصد الكاتب المغربى كيف «كان» الهوى المصرى والثقافة والفنون المصرية تمثل سطوة على وعى المغاربة ووجدانهم، ونموذجا أعلى للإبداع فى كل مناحى الحياة؛ لم ينشأ ذلك عن احتكاك مباشر بين الشعبين، ولكنه كان نتيجة للصّور والتمثّلات التى ترسبت فى الوعى والوجدان، لما كان ينتجه المصريون من أفلام ومسلسلات وأغان وأعمال أدبية وفكرية ودينية تستحوذ على الألباب، ولما كانوا يصدّرونه للعالم العربى من أساتذة أفذاذ فى حقول شتى من المعرفة العلمية والأدبية والفنية... ولم يكن غريبا بعد هذا أن يتطلّع جيل من المثقفين وطلاّب الدين والفنانين المغاربة للدراسة فى أمّ الدنيا منذ فترة مبكّرة؛ فلعلّهم بعد عودتهم للدّيار يكونون قد أخذوا قبساً من نور المصريين المنتشر فى الآفاق. هذا كتاب فى المحبة، فى الهوى المصري، كما تجلى فى أربعة أعمال لأربعة كتاب مغاربة ينتمون لأربعة أجيال، تمثل أطوارا زمنية مختلفة فى العلاقة التاريخية والوجدانية التى ربطت الإنسان المغربى بمصر والثقافة المصرية.وهى : عبد الكريم غلاب فى كتابه «القاهرة تبوح بأسرارها» فى الأربعينيات. ومحمد برادة فى روايته «مثل صيف لن يتكرر» فى فترة الخمسينيات. ومحمد أنقار فى رواية «المصري» عن فترة الستينيات وما بعدها. ورشيد يحياوى فى كتابه «القاهرة الأخرى» عن الثمانينيات. ويرى مشبال أن هذه المراحل الزمنية تعكس تاريخ العلاقة الثقافية والوجدانية التى ربطت الإنسان المغربى بمصر. كما أنه يتباين أصحاب هذه الأعمال فى الرؤية والأسلوب؛ فعبد الكريم غلاب ينتمى إلى المدرسة الكلاسية فى السرد الأدبى المغربي، بينما ينتمى محمد برادة ورشيد يحياوى إلى تيار التحديث فى الكتابة السردية، أما محمد أنقار فيبدو أنه نحت لنفسه أسلوبا متميزا يستفيد من أساليب السرد الحديثة ويحتفظ فى الوقت نفسه بكثير من ملامح السرد الكلاسى الرائع. ويقول فى مقدمة الكتاب: أردت أن أستوقف القارئ المغربى إزاء حقيقة تاريخية وثقافية؛ وهى أن الهوى المصرى يشكل جزءاً من كيانه الثقافى ومخيلته ووجدانه. وقد آن الأوان لكى يتدبر المثقف المغربى مختلف صيغ التواصل الكائنة والممكنة بين الثقافتين المغربية والمصرية، بعيدا عن أخلاقيات الإقصاء والتعالى واللامبالاة. ونوه مشبال بما أسداه إليه من عون مجموعة من الأساتذة الزملاء والأصدقاء؛ هم محمد أنقار، وسيد البحراوي، وعبد الله المرابط الترغي، وعبد الواحد التهامى العلمي، والشاعر إدريس علوش. ومشبال الذى فتنته مصر منذ الصغر، وجد الطريق إلى كلية الآداب بجامعة القاهرة: لم تكن هذه الكلية فى أواسط الثمانينيات تلك الكلية التى احتضنت أعظم أساتذة الأدب فى الوطن العربى وعلى رأسهم طه حسين وأحمد أمين وأمين الخولى وشكرى عياد وعبد العزيز الأهواني، على نحو ما احتضنت أنجب الطلاب فى هذا الوطن وعلى رأسهم عبد الله الطيب وسهير القلماوى ومحمود شاكر ومحمد بن تاويت وعبد الكريم غلاب ومحمد برادة وإبراهيم السولامى وغيرهم من الأسماء. كانت كلية الآداب تعانى هجرة مجموعة من أساتذتها النجباء إلى دول الخليج، وتعانى فقرا واضحا فى عدد طلاب الدراسات العليا الذين جاء معظمهم من الدول العربية الأخرى، ومن كان منهم مصريا لم يكن مؤهَّلا على نحو جيد لمتابعة دراسته العليا. كان قسم الدراسات العليا فيما يبدو ينتعش بحضور الطلاب القادمين من البلاد العربية. وكنا فى موسم 1984-1985 مجموعة من الطلاب المغاربة والجزائريين وقلة قليلة من الطلاب المصريين وطالبة سعودية. وكنا نحن المغاربة أجدر هؤلاء جميعا بالدراسة العليا. وعندها أدركت أن الحياة العلمية النشيطة التى كانت تموج بها الجامعات المغربية فى هذه الفترة كان لها الأثر الإيجابى فى تكوين جيل من الباحثين المغاربة استطاعوا فيما بعد أن يشغلوا الساحة النقدية العربية ويملؤوها بدراساتهم ومؤلفاتهم المتميزة.
الكتاب: الهوى المصرى فى خيال المغاربة المؤلف: دكتور محمد مشبال الناشر: دار الهلال كتاب الهلال الصفحات: 242 صفحة