وزير السياحة يشارك في افتتاح المؤتمر السنوي لرابطة مكاتب ووكالات السفر الألمانية RTK بالغردقة    حياة وتجارب الجيل الجديد فى إيران وروسيا وأفغانستان فى مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية فى كتاب جديد    تواجد زيزو وإمام وتريزيجيه.. الأهلي يعلن قائمته لمباراة شبيبة القبائل    ماريسكا يعلن مدة غياب كول بالمر بعد إصابته المفاجئة في المنزل    اتحاد جدة يحقق أول انتصار مع كونسيساو في الدوري السعودي    السيدة انتصار السيسى تستقبل قرينة رئيس كوريا بالمتحف الكبير    بدء المؤتمر الصحفي للهيئة الوطنية للانتخابات لمتابعة انتخابات المصريين بالخارج 2025    الاحتلال: شرطيان فلسطينيان يطلقا النار على قوة إسرائيلية    إقبال كثيف وانتظام لافت للجالية المصرية في الأردن بانتخابات النواب 2025    «المال في مواجهة الطموح».. هل يحسم «طوفان اللافتات» مقاعد البرلمان؟    مراسل قطاع الأخبار بالرياض: إقبال كثيف للمصريين بالسعودية بانتخابات النواب    مصرع وإصابة 3 أشخاص في حملة أمنية مكبرة بقنا    ضبط طفلان تعديا على طلاب ومعلمي مدرسة بالسب من سطح منزل بالإسكندرية    أول تعليق من نادية مصطفى على أزمة ملف الإسكان بنقابة الموسيقيين    أشرف زكي يتراجع عن الاستقالة بعد زيارة مجلس النقابة في منزله | صور    إقبال جماهيري كبير على حفل روائع عمار الشريعي ورؤية جديدة لمؤلفاته بتوقيع هاني فرحات    جاسمين طه زكى عن الحب بعد الزواج: لا يختفى بل يصبح أعمق.. ويقاس بالمواقف لا الهدايا    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    إحالة طبيبة النوبتجية وطبيبة الأسنان بمركز «63 متر» للتحقيق    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات والأتربة بمدينة ناصر بحى شرق سوهاج    بالصور.. استعدادات حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال46    ميدو عادل: خشيت فى بعض الفترات ألا يظهر جيل جديد من النقاد    كاريكاتير اليوم السابع يحتفى بعيد ميلاد جارة القمر الفنانة فيروز    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    يسرى جبر: عصمة الأنبياء والملائكة فى مرتبة واحدة والكمال المطلوب فى حقهما واحد    مسار يخسر أمام مازيمبى ويكتفى بالمركز الرابع بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    طريقة عمل القرنبيط المقلي الكرسبي بتتبيلة مميزة    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    كل ما تريد معرفته عن مواجهات الفرق الأربعة المصرية في البطولتين القاريتين    الجالية المصرية بإيطاليا تشارك فى المرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    الكامب نو يفتح طريق العودة للمنافسة محليا وأوروبيا أمام برشلونة    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    اليابان تعيد تشغيل أكبر محطة نووية بالعالم بعد أكثر من عقد على فوكوشيما    تعاون جديد بين هيئة الكتاب ومكتبات مصر العامة لتوسيع إتاحة الإصدارات في القاهرة    دوري أبطال إفريقيا.. محمد الشناوي: جاهزون لمواجهة شبيبة القبائل ونسعى للفوز باللقب    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    وفاة القمص توماس كازاناكي كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالإسماعيلية    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الألتراس‏..‏ فرسان الثورة

تنظيمية تنافس جماعة الإخوان في السمع والطاعة‏..‏ روح فدائية تتشبه بالمقاتلين علي خط النار‏..‏ خلايا عنقودية تبدأ من العاصمة وتنتهي في العزب والكفور‏قوة .. الألتراس هم الملك المتوج علي عرش التشجيع الكروي, وكرة الحماس النارية التي لا يخبو لهيبها في المدرجات. اشتبك معهم الأمن فشقوا عصا الطاعة علي الداخلية.. اندلعت ثورة25 يناير فكانوا أبطال موقعة الجمل.. ذبح اللهو الخفي75 من زملائهم في الأهلي, فرفضوا تقبل العزاء قبل القصاص..في هذا الملف, نخترق الأسوار حول جمهورية الألتراس, نفك شفراتهم السرية, نستمع إلي هتافاتهم الهادرة, نقلب في أوراقهم الخاصة, نرنو معهم إلي المستقبل وعيوننا علي الواقع السياسي الساخن..
بداية أكدت د. أمل حمادة, الباحثة في شئون العلوم الاجتماعية عبر أحدث دراسة لها أن مفهوم الألتراUltra يشير إلي الشيء الفائق والزائد عن الحد, وكان تقليديا يستخدم لوصف مناصري قضية معينة بشكل يفوق ولاء أصحاب القضية الأصليين لها, ثم انتقل المفهوم إلي مجال الرياضة, حيث استخدم لوصف مشجعي ناد معين, ونميز في هذا الإطار بين الألترا والألتراسUltraandUltras حيث إن الألتراس كمفهوم يستخدم في الأدبيات لوصف الجماعات من المشجعين المتشددين الذين تقترب أطرهم الفكرية والحركية من الحركات الفاشية التي ظهرت وسادت في أوروبا في القرن العشرين.
وتمضي د. أمل في التأصيل التاريخي والسياسي لظاهرة الألتراس عبر دراستها قائلة: يختلف الدارسون في تحديد تاريخ ظهور حركات الألترا أو الألتراس في أوروبا, باعتبارها المعهد الأول لها. فبينما يرد البعض تاريخ الظاهرة إلي العقود الأولي من القرن العشرين في المجر, يري آخرون أنها ترتبط بالستينيات مع تبلور الحركة في إيطاليا, التي يؤكد البعض محورية دورها في تبلور حركة الألتراس وتصاعد الاهتمام بها.
ويمكن تحديد عدد من السمات الرئيسية التي تميز جماعات الألتراس عن غيرهم من المشجعين العاديين, منها ولاؤها غير المشروط للنادي, بغض النظر عن نتائج الفريق أو أدائه. وتتمثل السمة الثانية في استقلاليتها الكاملة, التنظيمية والمالية, عن مجالس إدارات النوادي وروابط التشجيع التقليدية, التي كانت تخضع لعدد من التوازنات الاقتصادية والسياسية داخل النوادي لمصلحة لاعب أو عضو مجلس إدارة, كما تعتمد جماعات الألتراس علي تبرعات الأعضاء لتغطية المصروفات المطلوبة.
وتتعلق السمة الثالثة بالتشكيل العمري لهذه الجماعات, فمعظم أعمار أفراد الألتراس تقع فيما بين16 و25 عاما, في حين أن جمهور المشجعين التقليدي يتسع ليضم فئات عمرية تصل إلي الستين, كما أن مجموعات التشجيع النشيطة قد يصل متوسط أعمار أفرادها إلي الأربعين. وتنصرف السمة الرابعة إلي أن حركة الألتراس ارتبطت بشكل عام بموقع جغرافي محدد من الاستادات الرياضية, كأن تكون خلف المرمي, نتيجة انخفاض أسعار التذاكر في هذا الموقع بالمقارنة بغيرها من المواقع في الاستاد, كما ارتبطت بسلوكيات معينة ترتبط بالتشجيع الدائم والمستمر للفريق طوال مدة المباراة, دون الاهتمام بالمشاهدة الفعلية لأحداث المباراة.
السياق السياسي
وتشير د. أمل إلي نقطة بالغة الأهمية وهي أنه لا يمكن فهم تطور حركة الألتراس دون فهم السياق السياسي المصاحب, فعلي سبيل المثال, لا يمكن فهم تطور هذه الحركة في أوروبا دون فهم التطورات السياسية التي سادت فيها, بدءا من الستينيات, وارتبطت بما أطلق عليه البعض موت السياسة, أو التطورات السياسية التي ارتبطت بانهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات, وهو ما عرف بموت الأيديولوجيا. هذه التطورات خلفت قطاعات عريضة من الشباب خارج الأطر التقليدية للمشاركة, كالأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني, وذلك في الوقت الذي شهد تصاعد السياسات الرأسمالية وأزمات المجتمعات الحداثية.
وبالرغم من أن جماعات الألتراس لا تتبني أيديولوجية حزبية معينة, فإنها تعتبره العدو الأول لها, فخبرة التفاعل مع أفراد الأمن حملت دائما ذكريات عنيفة ومحاولات من جانب الأمن للسيطرة علي تحركات الألتراس وتجمعاتهم, كما أن جماعات الألتراس تنظر إلي وسائل الإعلام علي أنها الحليف التقليدي والطبيعي لرموز صناعة لعبة كرة القدم, وتغليب الأفكار الرأسمالية في إدارتها, وهو ما يراه الألتراس من أهم المثالب التي ظهرت وأثرت في اللعبة الشعبية الأولي في العالم, كذلك تتعامل وسائل الإعلام مع أعضاء الألتراس علي اعتبار أنهم فوضويون, وأنهم السبب في كثير من حالات العنف في الملاعب بين المشجعين, وفي الوقت نفسه تري في تغطية أخبارهم وتحركاتهم مادة صحفية وإعلامية دسمة.
وتلاحظ د. أمل أن تشكل الألتراس في مصر ارتبط بالسياق السياسي, فخلال هذا العام حاول الرئيس المخلوع تمرير حزمة من التعديلات الدستورية, كان ظاهرها إضفاء بعض السمات الديمقراطية علي النظام دون جوهر حقيقي, وذلك في الوقت الذي خلت فيه الساحة السياسية من أي قوي حقيقية تستطيع اجتذاب الأعداد المتزايدة من الشباب المتعلم الذي يبحث عن فرصة حقيقية للمشاركة, حيث لم يكن مقتنعا بأن من التيارات الموجودة علي الساحة, كما لم تشكل الحركات الاجتماعية, مثل حركة كفاية التي نشأت منذ2004, ملاذا لهم, وتلخصت مطالب كفاية في رفض مشروع توريث الحكم إلي جمال مبارك, دون أن تستطيع بلورة بدائل سياسية وقيادية للجماهير, مما أثر في نهاية الأمر في قدرة الحركة علي التجذر في الشارع.
المواجهة مع الأمن
وتؤكد د. أمل تزايد دور الألتراس في المواجهات مع قوات الأمن بعد ثورة25 يناير, وهو الدور الذي قوبل بردود فعل متباينة. فمن ناحية الإعلام الرسمي, سواء الرياضي أو السياسي, نظر لأعضاء الألتراس علي أنهم دعاة فوضي, وأن التسامح مع سلوكياتهم في مواجهة قوات الأمن يهدد هيبة الدولة, بل ويهدد استمرار الدولة نفسها.
أما من ناحية الشارع الثوري, فقد نظر لأعضاء الألتراس علي أنهم خط الدفاع الفاعل في صراع الشارع مع قوات الأمن. وقد ظهر هذا الدور بداية من28 يناير وما جري فيه من مواجهات عنيفة في شارع قصر النيل وداخل ميدان التحرير, وبعدها فيما عرف بموقعة الجمل, ثم ما تبع ذلك من اعتداء علي أهالي الشهداء والمصابين أمام جلسات محاكمة مبارك في أكاديمية الشرطة, ثم أحداث السفارة الإسرائيلية, ثم الجولة الأخيرة من المواجهات في ميدان التحرير ومحيط وزارة الداخلية.
ومن جهتها أكدت د. نسرين البغدادي أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن حركة الألتراس عندما وصلت مصر وأصبحت لها مجموعات شبابية منظمة لم تعمل الأجهزة الرسمية علي استيعابها واستغلالها للأفضل.
وكان يجب علي الأندية ومراكز الشباب وجميع المهتمين بالشباب الانتباه لهذه الظاهرة ومحاولة الاستفادة منها قدر الإمكان, وهذه المجموعات تضم جميع الشرائح الاجتماعية والتعليمية بصفة عامة, وبالتالي توجد بينها حالة من التوحد والاندماج حول هدف واحد يمكن توجيهه وتحديده ليكون في مصلحة المجتمع, وقد نادي الكثيرون بضرورة وجود هدف قومي يلتف حوله الشباب لاستيعاب طاقاتهم المهدرة لأن هذه الطاقة إذا لم تستغل جيدا فإنها من الممكن أن توجه ضد المجتمع.
مستقبل الألتراس
وعن مستقبل الألتراس أشارت د. نسرين إلي أن الصراع دائما ينتج عن التفاوت بين الشرائح, وهو ما استطاعوا القضاء عليه من خلال توحيد الهدف وتوحيد خطوات تحقيقه, وجمع كل المفردات في إطار يعمل علي تحقيق الهدف بمعني اللبس الموحد والكلام وحركات الأيادي والتشجيع والتصفيق والقيام والجلوس في الوقت نفسه, وعمل الموجات في الملعب, ولذلك فإن هذا التوحد وهذه الطاقات إذا لم يتم استغلالها الاستغلال الأمثل في مشروع قومي ربما تحولت إلي بؤر وحركات انتقامية من المجتمع لشعورهم بالتهميش, كما أنهم سيوجدون لأنفسهم عالما آخر بعيدا عن المجتمع نظرا لاستبعادهم من الحركة المجتمعية, والدليل أنهم عندما وجدوا الثورة انخرطوا فيها, لأنهم اعتبروها هدفا قوميا أسهموا فيه بشكل إيجابي كبير بعد أن كانوا قبل الثورة مهملين من المجتمع ومطاردين من الأمن.
ومن وجهة نظر المسئول الأول عن الشباب في مصر المهندس خالد عبدالعزيز رئيس المجلس القومي للشباب; فإن هؤلاء الشباب لديهم طاقات وقدرات إبداعية كبري, ولابد أن نبدأ في عمل دراسات جميع روابط الألتراس في الأندية لنعرف اهتماماتهم وأولوياتهم وأهدافهم, وبناء علي هذه المعطيات تتم صياغة المشروعات والأهداف القومية التي يتم إدماجهم فيها, رافضا الفكر القديم الذي كان تفرض فيه موضوعات ومشروعات معينة علي الشباب دون أن يشاركوا في صياغتها والاقتناع بأهميتها.
وأشار المهندس خالد إلي أن أي شاب لديه توزيع مختلف للمجهود, فهناك جزء للدراسة أو العمل بالنسبة للخريجين وجزء للانتماء السياسي وجزء آخر مخصص لنشاط الإبداع ونوع من النشاط البدني وكذلك جزء للنشاط الترفيهي مثل دخول السينما أو المسرح وغيرهما, والآن لا يوجد لدينا مكان لممارسة الرياضة أو لقضاء وقت الفراغ وحتي الدراسة والعمل والبطالة زادت, ولذلك فإن كل الاحتياجات تجمعت في كرة القدم لأنها جذبت انتماءاتهم وتساعد علي تفريغ طاقاتهم, فمثلا الرحلات نشاط إبداعي, والجانب الإبداعي موجود بطبيعة المباريات, كما أن كرة القدم وفرت لهم الفسحة والسياحة عند السفر وراء الفريق في المحافظات المختلفة أو خارج مصر في البطولات الإفريقية, كذلك فإنهم استخدموا التكنولوجيا للتواصل بينهم ولتحديد مواعيد لقاءاتهم كمجموعات, بالإضافة إلي أنهم عملوا فيما بينهم وثيقة غير مكتوبة تحدد كيف يحترمون أنفسهم, وكيف يكون انتماؤهم لناديهم فقط, ويكفي أنهم رفضوا الحصول علي أموال من شركات الاتصالات مقابل عمل دخلات تحمل شعاراتهم, ولكن المشكلة أننا سلطنا الضوء الإعلامي علي بعض الأمور مثل تكسير الأتوبيسات والخلافات بين الجماهير دون معالجة أو عتاب, في الوقت الذي يمكن للأندية فيه أن تستغل هذه الطاقات الإيجابية عن طريق عمل تصميمات ولمحات فنية للملاعب والملابس وغيرها من الأمور كنوع من استغلال حب هؤلاء لأنديتهم, كذلك كان لابد من عمل ندوات ولقاءات معهم لتثقيفهم وتوجيههم, مشيرا إلي أن هذه الظاهرة ظهرت في مصر بعد نجاح كأس الأمم2006 لأن الناس شعروا بتأثير الجمهور وشكله وجماله, فهي ظاهرة نمت برغم أن البعض كان يؤكد أنها ستنتهي.
وأضاف رئيس المجلس القومي للرياضة أن الدولة أخطأت في السابق في عدم الاستفادة من طاقاتهم, وهذا ما نسعي إليه حاليا, وهو الاهتمام بكل شباب مصر, بمن فيهم الألتراس, والحل الوحيد للتعامل معهم أن يشاركوا هم في صنع طريقة التعامل منهم وخريطة الطريق للاستفادة منمهم, فلابد من الجلوس معهم وقراءة أفكارهم, فمثلا الهولجانز في انجلترا كانوا متعصبين جدا والآن وصلوا إلي مرحلة عدم وجود حواجز حديدية بينهم وبين الملعب, كذلك لابد أن يشعروا بأننا صادقون معهم وأن عهد الفساد وتمييع الأمور قد انتهي تماما, ووقتها سوف نراهم أكثر الناس إنتاجا وفائدة للوطن.
مجزرة بورسعيد
ويقول جودة إننا وقفنا مع ألتراس أهلاوي بعد مجزرة بورسعيد لأن ما حدث جريمة نكراء من الممكن أن تحدث مع أي مجموعة منا ونحن نقف ضد البلطجية والمأجورين وليس ضد أهل بورسعيد الشرفاء أصحاب المواقف الوطنية المعروفة عنهم أحبابنا وإخواننا وهم ليس لهم ذنب فيما حدث, ونحن كتحالف زملكاوي نحافظ علي العلاقات التاريخية معهم, لكن المشكلة كلها مع البلطجية وبعض أعضاء الألتراس.
وعن شهادته علي المجزرة قال: يوم المباراة المشئومة تحدثنا مع أحمد رزق أحد قيادات ألتراس المصري وترجيته لمدة ساعة كاملة أن تخرج المباراة بسلام وألا يحدث أي تجاوز نتيجة الشحن بين جمهوري الفريقين, الناتج عن أحداث المباراة السابقة بين الأهلي والمصري, وبالفعل دخل جمهور الأهلي بورسعيد دون مشكلات, لكن ما أشعل الدنيا, وهذا ما يعرفه الكثيرون, أن بعض جماهير المصري رفعت لافتة مسيئة لجماهير الأهلي, فرد بعض جماهير الأهلي, حيث قاموا بين الشوطين بشراء5 متر بفتة ونصف كيلو بوية خضراء وفرشة وكتبوا يافطة مسيئة مضادة.
ولكن علي كل الأحوال الأمر لم يكن متوقعا أن يصل إلي حد القتل ولا ننسي أن جماهير المصري رفعت لافتة تتمني الشفاء للخطيب, لكن المؤكد أن هناك تواطؤا من الأمن وأن الضباط رفضوا حتي فتح الباب لخروج الجمهور.. لكن, كما يقول الحاج حسين عفيفي مرسي من كبار مشجعي الأهلي, قام20 عسكريا بفتح الباب بالقوة لخروجنا, كما أنهم اشتبكوا مع الضباط وقالوا لهم إن هؤلاء أهلنا, فكيف نتركهم هكذا يتعرضون للقتل.
وأضاف سيد جودة أن هناك أكثر من واقعة تدل علي شهامة ورجولة أبناء الألتراس, فمثلا قبل مباراة المصري والاتحاد السكندري علمنا أن هناك بلطجية عملوا كمينا لجمهور الاتحاد في مداخل بورسعيد وستحدث مجزرة, فقمت بالاتصال بالحاج عصام وحذرته, ثم اتصلت بعادل شكل من كبار مشجعي الاتحاد وحذرته أيضا, وهو ما جعلهم يتوقفون في الطريق ولا يذهبون لاستاد بورسعيد ورجعوا من دمياط, كما اتصلت بأبو سمرة وخميس والكباش كبار مشجعي المصري وكشفت لهم عن المخطط فقاموا بحماية الجماهير السكندرية التي كانت قد وصلت بورسعيد ورفضوا أن يتعرض لهم البلطجية, وساعدهم في ذلك المذيع محمد غندر الذي حصل علي وابل من الشتائم من البلطجية.
والواقعة الثانية عندما حضر جمهور المصري مع فريقهم لملاقاة الداخلية, وكان يوجد احتقان مع بعض جماهير الزمالك, فقمنا بحل المشكلة ومنعنا أي أحد من التعرض لهم.
ويقول عادل شكوكو كبير مشجعي الإسماعيلي إنه بالرغم من الخلافات التاريخية مع النادي الأهلي, فإننا تناسينا كل هذه الخلافات بعد هذه الكارثة, وكنت من أوائل المتضامنين, ونحينا الخلافات جانبا, ونقوم الآن بالتنسيق للتوحد تحت رابطة منتخب مصر, كما نتوسط حاليا لكي يقوم جمهور بورسعيد الأصيل بتقديم واجب العزاء لشهداء الأهلي, وقد نجحنا في تقبل قادة ألتراس الأهلي مثل ريعو وإدريس التعزية تليفونيا, وعندما يتم القصاص سوف تكون التعزية داخل النادي الأهلي, وسيرتدي ألتراس بورسعيد فانلات النادي الأهلي, كما سنقوم بمسيرة داخل بورسعيد لإزالة الاحتقان الموجود ضد أهل بورسعيد لأنهم شرفاء.
من جانبها أكدت الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن هؤلاء مجموعة من الشباب المصري قاموا بعمل اتجاه رياضي, وعندما جاءت الثورة شاركوا فيها مثلهم مثل90% من الشباب المصري بمختلف أنواعه ممن شاركوا في الثورة, وهم معروفون بممارسة العنف في الملاعب, ولكن لا يصل لمرحلة القتل كما حدث في مجزرة بورسعيد, بل يقتصر فقط علي خناقات بالطوب ليس أكثر, وبعد الثورة مثلهم مثل باقي الشباب بدأوا يشعرون بقيمتهم وأهميتهم للوطن, ولذلك وجدنا أن ألتراس الزمالك هم أول من اتحدوا مع ألتراس الأهلي بعد المجزرة بالضبط, كما كانوا يدا واحدة في أثناء الثورة, ولذلك فإنها تري أن من شارك في مجزرة بورسعيد هم مأجورون وبلطجية ليست لهم علاقة بالرياضة والتشجيع.
وأضافت: أعتقد أن البعض يريد تقديم الألتراس ككبش فداء لتلك الأحداث, فنجد أن عليهم هجوما شديدا جدا وأي متعصب لديه طاقة عنف ونشاط وهم أكثر من يتعصب لشيء ويضحي بحياته في سبيل ذلك, ولذلك لابد من استقطابهم وتوجيه طاقاتهم فيما يفيد المجتمع, بحيث يقوم كل ناد باستقطاب مشجعيه من هؤلاء ليبعدهم عن أفكارهم العنيفة, ويوضح لهم أنهم أصبحوا مثالا وقدوة يحتذي لها الشباب, ولذلك لابد أن يكونوا علي درجة عالية في الرقي والأخلاق الحميدة مع ملاحظة أن هؤلاء يشبهون من وجهة نظري مجموعات الهيبز وغيرهم الذين ظهروا فجأة وانتهوا, لكن الاختلاف أن الألتراس بعد مشاركتهم في الثورة وتبنيهم فكرة تحقيق أهدافها أصبحوا قوة منفتحة علي المجتمع تدافع عنه وتعمل علي رفعته وتقدمه, وقد شاهدت أخيرا مجموعة منهم فوجدتهم شباب ليس لديهم في الأساس عنف أو حدة, لكن لأن التنافس الكروي, في أحيان كثيرة, يكون غير شريف, فإنهم يتحولون إلي مجموعات ضد بعضها, وهو ما يجعلهم متعصبين.
وأضافت د. عزة: أخشي أن تؤدي كثرة الاتهامات للألتراس البورسعيدي بأنه هو السبب في هذه المأساة, كما يردد البعض, إلي أن يتحول هذا الألتراس إلي وحوش يرغبون في الانتقام, وقد يتحول باقي أفراد المجتمع البورسعيدي إلي خصم لهم يرغبون في الانتقام منهم, وفي هذه الحالة سيتحول شباب الألتراس للدفاع عن أنفسهم بالعنف والانتقام من الذين يحاربونهم ويتهمونهم اتهامات باطلة أو يجدوا أنفسهم في عزلة عن المجتمع, وهذا الوضع سيؤدي إلي مزيد من العنف من ألتراس بورسعيد, وتكون تلك البداية لتحويلهم إلي مجرمين.
وأشارت إلي أن موضوع بورسعيد واضح أنه نتيجة لبلطجة مؤجرة يجب ألا يكون لها كبس فداء من ألتراس بورسعيد ثم يمتد الأمر إلي ألتراس باقي الأندية.
وأضافت أن هؤلاء الشباب استغلوا طاقاتهم وقدراتهم الكبيرة في التصدي لبلطجية موقعة الجمل, مما يعني أنهم قابلون للتحول, ولذا أتمني أن نفكك فكرتهم المتعصبة من خلال أنديتهم, وكذلك وسائل الإعلام المختلفة, وألا يستقطبوهم بطاقة عدائية, فكثرة النقد لا تصلح الإنسان, ولذلك يجب أن تتعامل معهم وسائل برفق ليتحولوا إلي طاقة منتجة.
أما الدكتورة سهير عبدالمنعم أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والقانونية, فقد أكدت أن ظاهرة الألتراس خلقت نفسها, بصرف النظر عن وجود نظائر لها في مجتمعات أخري, فهي نبت طبيعي فرضته الظروف, فالفترة التي نشأت فيها لم يكن فيها أي انتماء في المجتمع المصري, ولذلك فإن طاقاتهم وإبداعاتهم وجهودهم للأندية التي يحبونها, وكان ذلك هو الانتماد الوحيد المسموح به, ودورهم الفاعل خلال أحداث الثورة نتج عن أنهم وجدوا موضوعا آخر يمكن أن يلتفوا حوله, وهو مرتبط بالقومية والهوية, ولذلك برزت بسالتهم وفدائيتهم وشهامتهم في إنقاذ المصابين والدفاع عن كل من في الميدان.
وأشارت إلي أن أجمل ما في هذه الظاهرة هي عفويتها حتي لو كانت تعمل بشيء من التنظيم وميثاق شرف وتحديد التصرفات, والمطلوب الآن دراسة هذه الظاهرة بشكل عميق لكي نعرف كيف تحولت كيانات أخري لتصل لهذا التنظيم وتقويه, موضحة أن ما يميز هذا التنظيم هو شبابيته وقدرته علي الفعل والتنظيم وطموحه وأمله في مستقبل أفضل, ولذلك فإنني أناشد مجلس الشباب والرياضة الاستفادة من هذه الطاقات في إعلاء شأن مصر, ليس في الرياضة فحسب, بل في التنمية أيضا, لأن إهمالهم كارثة عواقبها وخيمة, كما حدث في بعض الرياضات.
فمثلا في محافظة الشرقية كان يوجد فريق عالمي للهوكي احتكر كل البطولات الإفريقية دون أي إمكانات, لكن التجربة أجهضت بفعل فاعل لأنه لم يكن مطلوب أن نتميز في أي شيء إلا وينسب لملف التوريث, ولذلك لابد أن نستفيد من الشباب في أنشطة غير رسمية أو بما يسمي القوي الناعمة, ولذلك أتمني ألا يتم التدخل في ظاهرة الألتراس بشكل رسمي, بل مطلوب قنوات للتواصل علي مستوي الأندية وعلي مستوي المجلس القومي للشباب والمجلس القومي للرياضة, ليس أكثر, لأننا لو دخلنا في عملهم بالرسميات فسيفشلوا.
ورفضت د. عزة فكرة تحويلهم إلي جمعية أهلية أو كيان قانوني منظم, لأن ذلك سوف يكون بداية النهاية لهم, لأنهم سيتحولون إلي حب الرغبة في الظهور, وهذا ما يخالف ميثاقهم الأصلي, وستلعب البيروقراطية دورا في العراك علي القيادة والرئاسة وغيرها من المناصب.
شهادة من ميدان التحرير
من جانبها قالت شيرين طلعت مخرجة تسجيلية وعضو ائتلاف ثورة اللوتس التي شاركت في كل أيام الثورة وموجاتها المختلفة في شهادتها علي شباب الألتراس في أثناء الثورة: إنهم كان لهم دور كبير منذ يوم25 يناير, وكان وجودهم بفتهم أفراد وليس بالضرورة كمجموعات, لكنهم كانوا واضحين ببسالتهم وفدائيتهم, وقد علمونا كيف نكون منظمين وقت الهجمات, حيث كانوا يعطون إشارات معينة وقت الخطر مثل التخبيط علي الأعمدة واستخدام أسلوب الكر والفر وتنظيم الوقت خلال الهجمات المتتالية, وجميعهم شباب صغير وأولاد ناس محترمين وغالبيتهم مثقفون وعلي درجة عالية من العلم والمعرفة وكثير منهم قبل الثورة كانوا يعملون في العمل الخيري العام مثل توزيع شنط رمضان علي الفقراء في مناطقهم من أموالهم الخاصة.
وتضيف أن ظهورهم الأكبر كان يوم جمعة الغضب, فقد شعرت بشكل حقيقي وغريب بأنهم عندهم استعداد رهيب للتضحية والفداء, وأن لديهم أمل في بكره طول الوقت, وفي الوقت نفسه بسالتهم غير طبيعية, فهم يتنافسون في تلقي الضربات قبل أن تصل إليك, ويضحون بأنفسهم علشانك, فهم رجال بمعني الكلمة, ليسوا شبيحة أو بلطجية أو صيع عايشين علي القهاوي, ولو بنتي كبيرة واتقدم لها واحد من شباب الألتراس لن أتردد في إعطائها له, فأنا أري أن هؤلاء الشباب مستقبلهم مشرف, فهم كانوا يدافعون عن الكرامة والحرمة وتجد أن حلمهم واحد وهدفهم واحد هو الوطن, ولذلك تجدهم ناشطين في مكافحة الفساد الرياضي, فقد قاموا بوقفات كثيرة ضد ذلك, وهم ليست لديهم نفعية إطلاقا, فقد كانوا يعيشون وسط ضرب النار والقتل والموت والوجود في ميدان التحرير, وهؤلاء التعامل معهم متعة لأنه يعطي أمل في مستقبل زاهر ومبشر لمصر, وبالنسبة لهم أعتقد أنه سيكون لهم شأن كبير, وسيتقلدون أفضل المواقع والمناصب, وأتوقع أن يخرج منهم وزراء أحدهم سيتولي وزارة الشباب والرياضة, وثان يتولي البحث العلمي, وهكذا.. لأنهم متميزون في مثل هذه التخصصات وسيكون منهم قادة عظام, فبهم وبأمثالهم أصبح لدينا أمل وهدف واضح, فالناس لم يعودوا يعيشون تحت رحمة لقمة العيش, وأصبح هدفهم الرئيسي الحرية والكرامة وبعدين تفكر في الماضي ولما العسكر يمشوا ويكون عندنا سلطة مدنية منتخبة سوف تتفجر إبداعات هؤلاء الشباب وطاقاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.