أعلنت مصر رفضها ما جاء من ادعاءات فى تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأمريكية بشأن فض اعتصامى رابعة والنهضة العام الماضى، ووصفته بعدم الحيادية، كما قدمت توضيحا بشأن منع اثنين من كبار المسئولين بالمنظمة من دخول الأراضى المصرية، وقالت إن المنظمة سعت للعمل فى مصر بشكل غير قانوني. وحثت الحكومة أمس المنظمة الأمريكية المعنية بحقوق الإنسان على تحرى الدقة والحيادية والالتزام بالموضوعية والمهنية إزاء الموضوعات التى تتناول الأوضاع فى مصر بالشكل الذى لا يُشكك فى مصداقيتها وأهدافها ومنهجية عملها ، خاصة فى ضوء إصرار ممثلى المنظمة على زيارة البلاد وإصدار تقريرها تزامناً مع التحركات المشبوهة للتنظيم الإرهابى وأنصاره الذى يمارس العنف والإرهاب ضد الدولة المصرية ويدعو الى إثارة الفوضى فى ذات توقيت الزيارة. وجددت الحكومة تأكيدها على احترامها الكامل لحقوق الانسان والحريات الأساسية وفقاً لما تضمنه الدستور المصرى لعام 2014 واتساقاً مع التزاماتها الدولية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان. ومن جانبها ، أصدرت وزارة الخارجية أمس بيانا أكدت فيه رفض سلطات المطار السماح لوفد منظمة هيومن رايتس ووتش الدخول إلى مصر يوم الأحد الماضى ، وقالت إن المنظمة كانت قد تقدمت بطلب للسلطات المصرية لعقد لقاء مع المسئولين المصريين خلال زيارتهم إلى مصر فى شهر أغسطس لإطلاق تقريرها حول فض اعتصامى رابعة والنهضة ، وحرصاً على التعاون مع المنظمة واحتفاظاً بالحق السيادى لكل دولة فى استقبال الأجانب على أراضيها فقد تم إبلاغها بتأجيل الزيارة إلى شهر سبتمبر القادم لعدم ملاءمة إتمامها فى التوقيت المقترح ، مع التأكيد على ضرورة الحصول على تأشيرة مسبقة من بعثاتنا بالخارج قبل الدخول إلى البلاد ، وعدم جواز دخولهم بتأشيرة سياحية من مطار القاهرة الدولى ، لعدم تماشى ذلك مع غرض الزيارة المعلن من قبل المنظمة ، إلا أن وفد المنظمة وصل إلى مطار القاهرة فى الموعد الذى حددوه من جانبهم دون الحصول على التأشيرة اللازمة لدخول البلاد ، وهو الأمر الذى يتسق مع النهج الذى دأبت عليه المنظمة من حيث اعتبار نفسها كياناً يعلو على القانون ولا يخضع لأحكامه. واضافت الخارجية ان منظمة هيومن رايتس ووتش سبق أن سحبت طلبا كانت قد تقدمت به لإصدار تصريح للعمل فى مصر كمنظمة أجنبية غير حكومية وفقاً لأحكام قانون 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية ،ثم سعت إلى دخول مصر لإصدار التقرير وممارسة العمل دون سند قانوني. وفى بيان لها تعليقا على التقرير الصادر عن المنظمة الأمريكية المعنية بحقوق الإنسان ، والذى يتهم فيه السلطات المصرية بمسئوليتها عن سقوط قتلى بالمئات فى عمليتى فض اعتصامى رابعة والنهضة يوم 14 أغسطس 2013 ، قالت الهيئة العامة للاستعلامات إن التقرير اتسم بالسلبية والتحيز فى تناوله لأحداث العنف التى شهدتها مصر خلال عام 2013 ، كما تجاهل العمليات الإرهابية التى ارتكبها تنظيم الإخوان الإرهابى وأنصاره. وقال البيان إن الحكومة المصرية لم تفاجأ على الإطلاق بما جاء فى التقرير فى ضوء التوجهات المعروفة للمنظمة والنهج الذى دأبت على اتباعه ، وأضاف أن مصر ترفض التقرير وتنتقد عدم حياديته ، بعد أن أبرز تواصل واستمرار التوجهات غير الموضوعية للمنظمة ضد مصر ، وتعتبر أن ما أورده من توصيفات وسرد للوقائع التى حدثت خلال شهرى يوليو وأغسطس 2013 يعكس بوضوح ليس فقط عدم مهنية كوادر المنظمة بالاعتماد على شهود مجهولين ومصادر غير محايدة وغير موثوق فيها بل انه يؤكد انفصال واضعى التقرير تمامًا عن واقع المجتمع المصرى وتوجهاته الفكرية والسياسية خلال السنوات الثلاث الماضية. وأضاف بيان هيئة الاستعلامات : «الحكومة المصرية تأسف لتغاضى التقرير عمدًا عن الإشارة إلى وقوع المئات من شهداء الشرطة والقوات المسلحة والمدنيين من جراء أحداث العنف والإرهاب التى لا تزال مستمرة إلى الآن عن طريق هجمات وتفجيرات منسقة ومنظمة على يد من وصفهم التقرير بالمتظاهرين السلميين» ، وأغفل التقرير - كما ذكر بيان الهيئة - حقيقة مهمة وهى أن أول من سقط خلال فض الاعتصام هو شهيد من الشرطة أُصيب بطلق من سلاح نارى ، حيث كان مكلفُا بتوجيه المعتصمين عبر مكبر صوت للخروج الآمن من منطقة الاعتصام ، وهو ما يجعل التقرير يفتقد الموضوعية والمصداقية فى سرد الأحداث..لافتة الى أن «المطالعة الدقيقة للتقرير تؤكد انحيازه لمزاعم ما يُسمى بتحالف دعم الشرعية ، وهو الواجهة الأخرى لتنظيم الإخوان الإرهابي». وأضافت الهيئة أن الحكومة المصرية كانت قد شكلت لجنة وطنية مستقلة برئاسة الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض القاضى الدولى المعروف لتجميع وتوثيق أحداث العنف ، ليس فقط خلال عملية فض اعتصامى رابعة والنهضة ، وإنما أيضا فى أحداث العنف التى وقعت منذ 30 يونيو 2013، وتهدف اللجنة إلى تجميع الأدلة لتحديد الانتهاكات لمحاسبة مرتكبيها ، وتعد نتائج تقرير المنظمة وتوصياته استباقًا لنتائج عمل لجنة تقصى الحقائق الوطنية وانتهاكاً لمبدأ سيادة الدولة وتدخلاً سافراً فى عمل جهات التحقيق والعدالة ، الأمر الذى ينال من استقلال ونزاهة القضاء المصري. كما تجاهل التقرير فى الوقت ذاته - بحسب بيان الهيئة - الحقائق الواردة فى تقارير أخرى لمنظمات المجتمع المدنى المصرية بما فى ذلك التقرير الصادر عن مركز «ابن خلدون» ، وكذلك تقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلها المجلس القومى لحقوق الإنسان ، واللذين تناولا الإجراءات التى اتخذتها السلطات المصرية بشكل موضوعى، وخاصة أن فض الاعتصامين تم بناءً على قرار من النيابة العامة، وبعد مناشدة ومنح المعتصمين فرصة للخروج الآمن وتوفير وسائل مواصلات لنقلهم خارج منطقة الاعتصام، والتزام كافة جهات إنفاذ القانون بالقواعد القانونية والمعايير الدولية والأخلاقية المتعارف عليها فى فض مثل هذه الاعتصامات. كما أغفل التقرير أن الفض جاء بعد فشل كافة الجهود السياسية والشعبية فى إقناع المعتصمين بالفض السلمى حفاظاً على الأمن والنظام العام عقب تفاقم شكاوى واستياء السكان المقيمين بالمنطقة من اتخاذ المعتصمين لموقعى الاعتصام مُنطلقا لتنظيم المسيرات غير السلمية شكلت بؤرة إجرامية، الأمر الذى ترتب عليه ترويع الآمنين والاعتداء عليهم واستهداف المرافق الحيوية بما يمثل انتهاكاً للعديد من حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد زعمت أن ما حدث فى فض اعتصام رابعة يرتقى إلى حد «جرائم ضد الإنسانية» ، وجاء فى التقرير الصادر عنها تحت عنوان «حسب الخطة : مذبحة رابعة والقتل الجماعى للمتظاهرين فى مصر» أن «عمليات القتل لم تشكل فقط انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الدولية ، لكنها بلغت على الأرجح مستوى جرائم ضد الإنسانية» ، زاعمة أن هناك «حاجة لتحقيق ومقاضاة دولية للمتورطين» فى هذه الحملة. ووصفت المنظمة ما حدث فى رابعة والنهضة بأنه «إحدى أكبر عمليات قتل المتظاهرين فى يوم واحد فى التاريخ الحديث ، وقال مديرها التنفيذى فى التقرير : «هذه ليست مجرد حالة استخدام مفرط للقوة أو سوء تدريب ، بل كان قمعا عنيفا جرى إعداده على أعلى مستوى من الحكومة المصرية» ، بحسب ادعائه. وأضاف أن «الكثيرين من هؤلاء المسئولين لا يزالون فى السلطة فى مصر ، وعليهم الرد على الكثير من الأسئلة». وأشار التقرير إلى أن التحقيقات التى أجرتها المنظمة والتى استمرت عاما كاملا وتضمنت مقابلة أكثر من 200 شاهد عيان تظهر أن قوات الأمن استخدمت عن عمد «قوة قاتلة مفرطة» فى فض الاعتصامين.