اللوجستيات بمعناها المبسط تمثل منظومة النقل متعدد الوسائط للسلع و الخدمات و هى تركز على ثلاثة محاور فى التجارة العالمية ، يأتى فى مقدمتها تخفيض تكاليف الانتاج ، و رفع كفاءة استخدام رأس المال فى المشروعات الاستثمارية بما يضمن وصول الفاقد الى الحد الأدني ، و6 من المعايير الاساسية عالميا خلال الفترة الحالية ، منها قياس ريادة الاعمال و الأنشطة الاقتصادية فى كل دولة بمؤشرات الأداء اللوجستى التى يحددها البنك الدولى سنويا ، و كلما كان هذا المؤشر جيدا فإن ذلك يعنى ان تلك الدولة تعتبر من الدول الجاذبة للاستثمار ، والسؤال الذى يطرح نفسه : أين موقع مصر من هذه المعايير ؟ وما ترتيبنا دوليا بالنسبة لخدمات و صناعة اللوجستيات ؟ تقارير البنك الدولى تجيب عن تلك الأسئلة بحقائق صادمة و معلومات مخيبة للآمال حيث تؤكد ان مصر تقع فى المركز ال 97 بالنسبة للترتيب العالمى فى هذه الخدمات . والسؤال الأكثر إلحاحا .. لماذا تأخرنا الى هذا المستوى ؟ وما الأسباب التى وضعت مصر فى هذا الموقع المتدنى قياسا الى دول إمكاناتها اقل بكثير منا إلا انها حققت تقدما كبيرا فى خدمات اللوجستيات مع العلم بان النهوض بهذه الصناعة يوفر عشرات الآلاف من فرص العمل الى جوانب عائدها الاقتصادى بطبيعة الحال . الإجابة تأتى على لسان الدكتور اسماعيل عبد الغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم و التكنولوجيا و النقل البحرى الذى قال : بداية لا بد ان نعترف بان مفهوم الخدمات اللوجستية مازال حديث العهد فى البلاد و لم يترسخ ذلك لدى العديد من دوائر صنع القرار و المؤسسات والشركات و الهيئات سواء الحكومية او القطاع الخاص حتى يأخذ حقه من القوانين و التشريعات و الإجراءات التى تنهض بهذه الصناعة خاصة بعد ان اثبتت الدراسات تأثيرها الإيجابى الكبير فى توفير النفقات على سبيل المثال فى المواد الغذائية فإن اتباع المنظومة العلمية فى تداول البضائع يوفر على الأقل 40٪ من تكلفة النقل والحد من الفاقد . واضاف انه يجب ان تأخذ صناعة اللوجستيات حقها من الاهتمام و التركيز من جانب المسئولين حتى تتحقق على ارض الواقع لما لذلك من آثار إيجابية على الاقتصاد خاصة ان مصر مقبلة على مرحلة مهمة ستشهد إقامة العديد من المشروعات القومية العملاقة منها محور التنمية بمحافظات الصعيد ومحور قناة السويس . 6 معايير و اوضح ان هناك ستة معايير أساسية تحدد كفاءة المنظومة اللوجستية وهذه المؤشرات غالبا ما تكون فى أولوية اى مستثمر فى العالم وبناء عليها يتخذ قراره بالاستثمار فى هذه الدولة ام لا ، وتأتى على رأس هذه المعايير التى أصبحت تمثل أساسا للاستثمار فى العالم حيث لابد ان تكون هناك بنية تحتية قوية وحديثة توفر الخدمات بالكفاءة اللازمة طبقا للمواصفات العالمية بالاضافة الى سهولة الأداء الجمركى واختصار الوقت بالنسبة للإفراج عن الشحنات سواء من السلع او الخامات والمعدات الرأسمالية ، فضلا عن مستوى الخدمات وسهولة عمليات الشحن والتفريغ وتداول الصادرات والواردات ومنظومة النقل متعدد الوسائط ، و توفير الوسائل الالكترونية التى تتيح لأى مصدر او مستورد متابعة الشحنات على السفن فى عرض البحر حتى يتمكن من تحديد توقيت ، والتعامل معها فى ميناء الوصول لسرعة الإفراج عنها . لكن سؤالا آخر اكثر إلحاحا وأهمية : هل مصر لديها الكوادر المؤهلة علميا بحيث تقوم على أكتافها صناعة الخدمات اللوجستية ؟ وما المؤسسات العلمية التى يمكن ان تلعب دورا حيويا فى نهضة هذه الأنشطة و الخدمات ؟ الإجابة لدى الدكتور خالد السقطى الاستاذ بكلية النقل الدولى و اللوجستيات الذى قال ان الكلية تمثل بيت الخبرة و المؤسسة العلمية الوحيدة فى مصر و الشرق الأوسط التى تدرس مناهج علمية وتعليمية تمثل الأساس لتخريج الكوادر المؤهلة لممارسة هذه الأنشطة ، و الدراسة تتم باللغتين العربية و الانجليزية لإعطاء الفرصة لأكبر عدد من الدارسين للاطلاع على النظم العالمية فى هذا المجال ، موضحا ان هناك أربعة فروع تراعى التوزيع الإقليمى فهناك فرع فى كل من الاسكندرية و القاهرة و بورسعيد و أسوان تغطى كل التخصصات فى مجالات النقل البحرى و البرى و النهرى و السكة الحديد و النقل متعدد الوسائط . بيت الخبرة وأضاف ان كلية النقل و اللوجستيات تمثل بيت الخبرة كمؤسسة وطنية لتدريب الكوادر و إعطاء الشهادات الدولية تؤهل المتدربين و الخريجين للعمل بالشركات الدولية خاصة ان هناك اتفاقيات معتمدة فى هذا الشأن مع المنظمة العالمية للنقل الدولى ( الڤياتا ) ، كما يتم التعاون بين الكلية والجامعات المتخصصة فى دراسة هذه المناهج خاصة فى أمريكا وبريطانيا وبلجيكا لمواكبة احدث الدراسات فى هذا المجال باعتبارهم من الدول التى قطعت شوطا كبيرا ومتقدما فى منظومة اللوجستيات والى جانب ذلك هناك تعاون ومشاركات مستمرة فى الأنشطة والدراسات الخاصة بجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى حول الدراسات والتصورات والخبرات المطلوبة فى مجال اللوجستيات للمشروعات سواء داخل مصر او خارجها . الدكتور مصطفى رشيد أستاذ النقل و اللوجستيات يضيف جانبا مهما فى هذه القضية عندما يؤكد ان هناك مستقبلا واعدا لهذه التخصصات و الأنشطة حيث يمكن ان تسهم فى توفير فرص العمل الحقيقية خاصة ان البلاد مقبلة على الدخول فى العديد من المشروعات العملاقة و التى ستكون خدمات النقل و اللوجستيات عنصرا أساسيا بها لتعظيم عائد الاستثمار طبقا للمعدلات العالمية . تطور مهم اما اللواء حاتم القاضى رئيس الاتحاد العربى لغرف الملاحة فقد أكد ان العالم قطع شوطا كبيرا فى مجال الخدمات اللوجستية باعتبارها جزءا مهما من كفاءة حركة التجارة العالمية وهو ما يعنى ان مصر ليس لديها بديل سوى مواكبة هذه التطورات الحديثة حتى لا تتأثر سمعة الموانئ المصرية . واضاف ان المسألة لا تتوقف فقط على توفير الكوادر و الكفاءات المؤهلة للقيام بهذه الأنشطة بل المطلوب أيضاً من الحكومة والجهات المعنية التوقيع على الاتفاقيات الدولية التى تسهم فى نهضة و دعم وتحسين هذه الخدمات ، منها على سبيل المثال الاتفاقية التى تنظم وتحفظ حقوق السائقين و الشاحنات المصرية التى تقوم بنقل الصادرات عبر الخطوط البرية الى الدول العربية والأوروبية .