يضم هذا التحالف قوى تقدمية وقومية تجمعها بالأساس قضية العدالة الإجتماعية وفق مفهوم محدد وليس مجرد شعار عام ، كما هو الحال بالنسبة لموقف القوى الليبرالية أو الإسلامية من قضية العدالة الإجتماعية ، وهناك أيضاً ما يجمع قوى هذا التحالف التقدمى القومى من نضال مشترك لفترة زمنية طويلة بدأت قبل ثورة 25 يناير وامتدت إلى ما بعد ثورة 30 يونيو . فقد اشتركت هذه القوى فى حركات شعبية وإحتجاجية فى مواجهة نظام مبارك السلطوى وكان لها دور فاعل فى تأسيس حركة كفاية والتصدى لمحاولات توريث الحكم ، وكان لها نفس الموقف فى إطار الجمعية الوطنية للتغيير التى طرحت قضية التغيير بقوة وضمت ممثلين لمعظم القوى السياسية والحركات الشبابية وتعمقت علاقات النضال المشترك بينها بعد ثورة 25 يناير فى مواجهة محاولات الإنحراف بالثورة وضد حكم الإخوان الذى حاول سرقة الثورة وإختطاف الدولة المصرية ،وكانت جبهة الإنقاذ الوطنى الإطار الذى ضم معظم هذه القوى بعد ذلك باعتبارها المعارضة الرئيسية لحكم الإخوان والتى كان لها دور أساسى فى إسقاط هذا الحكم . والآن وفى ظل نظام إنتخابى يتحيز للقادرين والأغنياء ويحرم الفقراء والكادحين والقوى السياسية المعبرة عنهم والمدافعة عن مصالحهم ، تعود هذه القوى إلى التحالف من جديد تحت اسم تحالف التيار الديمقراطى كتحالف سياسى يناضل من أجل تحقيق أهداف ومطالب ثورة 25 يناير / 30 يونيو ، واستكمال التحول الديمقراطى ، وتحتل قضية العدالة الإجتماعية مكانة متميزة ضمن أهداف هذا التحالف ،وكذلك استعادة الاستقلال الوطنى وتصفية أوضاع التبعية . ويضم التحالف سبعة أحزاب أساسية حتى الآن هى حزب التحالف الشعبى الإشتراكى وحزب الدستور والتيار الشعبى وحزب الكرامة والحزب الإشتراكى المصرى وحزب مصر الحرية وحزب العدل، ورغم التفاوت النسبى بين هذه الأحزاب فى المواقف الفكرية إلا أنها ملتزمة بهذه القضايا الأربع المشتركة بينهم ، ويحظى هذا التحالف بمشاركة فاعلة من شخصيات وطنية وديمقراطية لها وزنها فى المجتمع ومكانتها المتميزة مثل الدكتور أحمد البرعى والأستاذ جورج إسحاق . هناك حاجة ملحة لتشكيل تحالفات انتخابية فى مصر تحت ضغط النظام الانتخابى الذى يتضمن إنتخاب 23% من مقاعد مجلس النواب بنظام القائمة المطلقة ( 120 مقعدا ) ويقضى هذا النظام بفوز القائمة التى تحصل على أعلى الأصوات بالكامل . أى أن قائمة واحدة سوف تفوز بكل المقاعد ، وما عداها من قوائم سوف يخسر كل المقاعد ،من هنا ضرورة تشكيل تحالف انتخابى قوى قادر على حشد الناخبين للتصويت للقائمة لضمان فوزها بالكامل . على العكس من نظام القائمة النسبية، حيث تفوز كل قائمه بمقاعد بقدر ما تحصل عليه من أصوات الناخبين . توافقت القوى المكونة لتحالف التيار الديمقراطى على السعى إلى تكوين تحالف انتخابى أوسع لتحقيق هذا الهدف ، وهو ضمان الفوز بالمقاعد المخصصة للقوائم ، من هنا هذا السباق بين كل التحالفات تقريباً من أجل كسب أحزاب جديدة أو قوى مجتمعية جديدة لتحالفها . وفى هذا الصدد يسعى تحالف التيار الديمقراطى إلى تعزيز صفوفه بضم ممثلين للنقابات العمالية المستقلة إليه ، وكذلك بعض الحركات الشبابية ، والتركيز أكثر على تجمعات محلية فى المحافظات من الشباب أو النساء،. كما يبذل التحالف الديمقراطى جهوداً مكثفة من أجل الوصول إلى تحالف واحد يجمع كل القوى الديمقراطية التى تؤمن بثورتى 25 يناير ، و30 يونيو والتى تحرص على عدم عودة ممثلى النظام السابق والنظام الأسبق إلى السلطة مرة أخرى ، وحرمانهم من التواجد بنسب كبيرة فى مجلس النواب القادم . وهناك اتصالات ومشاورات تجرى بالفعل مع عدة تحالفات وأحزاب سياسية من أجل تحقيق هذا الهدف . وقد اتفق أطراف تحالف التيار الديمقراطى على ألا تكون هناك حصص معينة لكل حزب فى قائمة المرشحين ، بل تشكل لجنة الإنتخابات بالتحالف من ممثل لكل حزب وعدد من الشخصيات العامة التى تكون مهمتها تلقى طلبات الترشيح من كل أطراف التحالف ، ويكون الطلب مصحوباً بالسيرة الذاتية لكل مرشح وتاريخه البرلمانى وعلاقاته الجماهيرية ودوره السياسى ، ويتم منح الأولوية للمرشح الأقدر على الحصول على أصوات الناخبين . من الواضح أن خريطة التحالفات الانتخابية التى تتشكل الآن فى مصر تشمل كل ألوان الطيف السياسى ، فهناك من ينتمى إلى نظام مبارك ، وهناك من ينتمى إلى تيار الإسلام السياسى ، وهناك اليساريون والناصريون والليبراليون، هذا بالإضافة إلى تجمعات شبابية وأخرى نسائية وذوى الإعاقة وباقى الفئات الستة التى خصها الدستور بأن يكون لها تمثيل ملائم أو مناسب فى مجلس النواب القادم ، ولما كان هذا المجلس هو الذى سيشكل الحكومة وسيصدر التشريعات المكملة للدستور وسيراقب الحكومة ويحاسبها ويطرح للنقاش القضايا الهامة فى المجتمع ، فإن الصراع بين كافة التيارات للحصول على أغلبية المجلس قائم على قدم وساق ويصل إلى درجة كبيرة من الشراسة ، لأن هذا المجلس هو الذى سيحدد مصير البلاد لسنوات طويلة قادمة ويدرك تحالف التيار الديمقراطى جيداً هذه الحقيقة التى تعتبر أساس سعيه للمشاركة فى تكوين تحالف انتخابى واسع يضم القوى الديمقراطية المؤمنة بثورتى 25 يناير ، 30 يونيو وتحقيق أهدافهما عامة وأهداف العدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية بصفة خاصة فى إطار إستكمال التحول الديمقراطى باعتباره الضمانة الكبرى لأن يكون الشعب هو السيد فى هذا البلد وصاحب القرار فى مستقبله ،وسوف تكشف الأيام القليلة القادمة عن النتائج الفعلية للجهود التى تبذل من أجل تكوين هذا التحالف الإنتخابى الواسع الذى سيضمن الفوز بالمقاعد المخصصة للقوائم المطلقة . أما المقاعد المخصصة للنظام الفردى والتى تصل إلى 77% من مقاعد المجلس فإنها ستكون موضع تنسيق بين أطراف التحالف بالإخلاء المتبادل للدوائر بين الأحزاب المكونة للتحالف ، بحيث تترك الدائرة للمرشح الأقوى والأقدر على الفوز ، وإن كان العامل الذاتى سيلعب دوراً هاماً فى خريطة المرشحين لأن بعض أعضاء الأحزاب لن يقبلوا قرار حزبهم بترك الدائرة لمرشح حزب آخر ، وسيقدمون على الترشح كمستقلين ،كما حدث فى دورات انتخابية عديدة من قبل ،وهى نقطة ضعف خطيرة بالنسبة للتحالفات الانتخابية لأنها تضعف قدرتها على التنسيق فيها بينها فى المقاعد الفردية رغم أن نسبتها كبيرة للغاية . وهناك مخاوف مشروعة من أن يضم تشكيل مجلس النواب القادم عناصر تنتمى إلى القوى المضادة للثورة أو القوى التى تبحث عن مصالحها الخاصة على حساب المصالح العليا المشتركة للشعب المصرى ، فتضع نفسها فى خدمة السلطة التنفيذية وتكون مسايرة لها مما يخضع المجلس لهيمنة السلطة التنفيذية فى تكرار غير مقبول لما كان عليه الحال فى عهد حسنى مبارك . رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر