بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا ثلاثة أنواع فقال عليه السلام »والرؤيا ثلاثة: فرؤيا صالحة بشرى من الله، ورؤية تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، وقال الرسول: »الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان، وعن أنس بن مالك قال: »كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الرؤيا الحسنة«، وعن أبى بكرة قال: »كان رسول الله يعجبه الرؤيا الصالحة ويسأل عنها، فما هى الرؤية؟ والاجابة أن الرؤيا هى ما يراه الانسان فى منامه، وقال القاضى أو بكر بن العربى: الرؤيا اذا كان علقها الله تعالى فى قلب العبد على يدى ملك أو شيطان، إما بأسمائها أى حقيقتها، وإما بكناها أى بعبارتها وإما تخليط، ونظيرها فى اليقظة الخواطر فإنها قد تأتى على نسق فى قصة وقد تأتى مسترسلة غير محصلة. وقال المازرى: مذهب أهل السنة فى حقيقة الرؤيا أن الله تعالى يخلق فى قلب النائم اعتقادات كما يخلقها فى قلب اليقظان، وهو سبحانه يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم ولا يقظة، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها علما على أمور أخرى يخلقها فى ثانى الحالى، ومهما وقع منها على خلاف المعتقد فهو كما يفعل لليقظان، ونظيره أن الله خلق الغيم علامة على المطر، وقد يتخلفوتلك الاعتقادات تقع تارة بحضرة الملك فيقع بعدها ما يسر أو بحضرة الشيطان فيقع بعدها ما يضر والعلم عند الله تعالى. ورسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الصالحة وكان مما يكثر أن يسأل أصحابه: » هل رأى أحد منكم من رؤيا« فالرؤيا هى أول ما بدئ به النبى من الوحى، فعن عائشة رضى الله عنها قالت: أول مابدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصالحة فى النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح« وقد قال المصطفى: »الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة« وقال عليه الصلاة والسلام: »لم يبق عن النبوة إلا المبشرات قالوا: وما المبشرات؟ قال: »الرؤيا الصالحة« وعن عبادة بن الصامت قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى »لهم البشرى فى الحياة الدنيا« قال: »هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له. وأرشد النبى صلى الله عليه وسلم الى ما يجب أن يفعله المسلم عند كل نوع من الرؤيا فقال الرسول: »إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هى من عند الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هى من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره« وقال صلى الله عليه وسلم: »الرؤيا الصالحة من الله والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره ولا يخبر بها أحدا، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب. والخلاصة من كل ما ذكر من أدب الرؤيا الصالحة ثلاثة أشياء. أن يحمد الله عليها وأن يستبشر بها، وأن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره، وحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا المكروهة ستة أشياء أن يتعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان وأن يتف أو ينفث حين يهب من نومه عن يساره ثلاث مرات وأن يتحول عن جنبه الذى كان عليه وأن يصلى ولا يذكرها لأحد أصلا. والحكمة من عدم التحدث بالرؤيا المكروهة لأحد خشية أنه ربما فسرها تفسيرا مكروها على ظاهر صورتها، وكان ذلك محتملا فوقعت كذلك بتقدير الله تعالى، وأما عدم ذكر الرؤية المحبوبة الحسنة إلا لمن يحب فسببه أنه اذا أخبر بها من لا يحب ربما حملة البغض أو الحسد على تفسيرها بمكروه، فقد يقع على تلك الصفة وإلا فيحصل له فى الحال حزن ونكد من سوء تفسيرها، أما المحب فإن حبه يحمله على تفسيرها تفسيرا حسنا فيستبشر الرائى خيرا وينشرح صدره ويفرح بها ولهذا أوصى النبى قائلا: »ولا تحدث بها إلا لبيبا أو حبيبا.