فى الوقت الذى تواصل فيه الأزمات المالية إرباك الاقتصاد العالمي, فان عدد أصحاب الملايين يتزايد بشكل غير مسبوق فى تاريخ البشرية, وفى الوقت الذى يظل فيه متوسط معدلات النمو العالمية ثابتا, فان معدلات نمو ثروات الأفراد التى تتعدى المليون دولار قد تصاعدت بشكل كبير, حتى انه بلغ ما بين 2012 و2013 خمسة أضعاف معدلات النمو الاقتصادى العالمى بنسبة 14.7%, ولكن تظل الحقيقة الثابتة انه مع تضخم وتزايد أعداد من تتجاوز ثرواتهم المليون دولار, فإنهم لا يشكلون سوي1% فقط من سكان العالم, وهم يملكون ما قدر بثلث الثروات الخاصة العالمية. نشرت تلك التقديرات وغيرها مؤخرا من قبل عدد من مجموعات تقرير الثروة العالمى "كاب جيمني" ومؤسسة إدارة الثروات الدولية الكندية, وكلاهما من المجموعات الاستشارية الدولية التى تضع معايير تتبع أصحاب الثروات من الأفراد, وتمزجها بدراسة الظروف الاقتصادية الدولية, وذلك بغرض التغيير فى مفاهيم صناعة وإدارة الثروات الخاصة. ووفقا لهذه التقارير, فقد ارتفع عدد أصحاب الملايين هذا العام إلى 2 مليون شخص إضافي, ليصبحوا 13مليون شخص و730 ألفا, وتقدر ثرواتهم مجتمعة ب52.62 تريليون دولار , ويأتى هذا التضخم مع استمرار الأزمات المالية التى اجتاحت العالم منذ عام 2008, ووفقا للتقارير, فان أكثر أصحاب الملايين يأتون كالعادة من الولاياتالمتحدة وهم أربعة ملايين أمريكي, ثم فى المرتبة الثانية تأتى هذا العام اليابان بواقع 2.3 مليون مليونير, ثم ألمانيا تليهم الصين فى المرتبة الرابعة وهذه الدول الأربعة تضم 60بالمائة من أثرياء العالم, فى حين تلحق بهم بشكل متسارع كل من النرويج والكويت, ثم هونج كونج وسنغافورة, وتليهم مجموعة القوى الاقتصادية الناشئة فى الهند وروسيا وتايوان. السؤال الأبرز الذى يلفت النظر هنا, هو أين تصب فى نهاية المطاف كل هذه الثروات, الواقع أنها لا تصب بالضرورة فى الداخل, بل هى أموال مهاجرة, ووفقا لتقرير الثروة العالمي, فقد كانت بريطانيا هى الوجهة الأولى لترحيل الملايين طوال العقد الماضي, ما بين 2003 و2013, حيث تدفقت عليها أموال أكثر من 114 الف مليونير, ثم تأتى سنغافورة فى المرتبة الثانية من الدول التى تستقطب أموال أعضاء "نادى الملايين" وذلك بسبب تطبيقها لسياسات ضريبية "صديقة"، كما يصفها المحللون, قادرة على جذب الأثرياء المتجولين, وكان نصيبها من كعكة النادى 45 ألف مليونير خلال العقد الماضي, ثم تأتى فى المرتبة الثالثة الولاياتالمتحدة التى لم تجتذب سوى 42 ألف مليونير فقط. ثم يأتى السؤال الأبرز, عن الدول التى يهجرها أثرياؤها, ووفقا للتقرير فان معظمهم يأتى من الصين, التى تخلى عنها أكثر من 76 ألف مليونير, ثم الهند التى تركها أكثر من 400الف, ثم فرنسا وايطاليا وروسيا, وكان من المفاجآت أن أصحاب الملايين السويسريين يفضلون ترحيل أموالهم إلى سنغافورةوبريطانيا والإمارات العربية المتحدة, وبشكل عام فقد قام 37% من أصحاب الملايين باستثمار أموالهم خارج أوطانهم هذا العام. الواقع أن هذا النمو فى أعداد أصحاب الملايين ليس بالضرورة أمرا سيئا لمن لم يتمكن من إحرازهم, فهو يدل على إمكانية تحقيق ثروات خاصة وسط التخبط الاقتصادى الذى يعم العالم, ولكن يبقى التحدى الحقيقى فى إمكانية الدول من الاستفادة القصوى من ثروات الأفراد, وفى هذا السياق, يقول الخبير الاقتصادى برنت بيردسلي, وهو احد ابرز المشاركين فى التقرير:"على الاقتصاديات النامية العمل بكل جهد على جذب اكبر حصة من تلك الثورات الجديدة التى تنمو بشكل سريع, والاهم أن تحسم الدول هذه المعركة من اجل جذب تلك الثروات إلى أسواقها بشكل مكثف قبل عام 2020"