مع المفتى

شهر نزول القرآن والرسالات

من خصائص شهر رمضان نزول أولى آيات القرآن الكريم فيه بغار حراء، حيث كان رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» يهجر أهل مكة بأصنامهم التى يعبدونها،
إلى الغار ومعه طعامه وشرابه ليختلى فيه أيامًا طويلة ليتفكر فيمن خلق هذا الكون. وفى يوم من أيام شهر رمضان وفى ليلة مباركة هى ليلة القدر، وبينما كان النبى «صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله» يتأمل فى خلق السموات والأرض، نزل الروح الأمين جبريل عليه السلام، ليعلم النبى «صلى الله عليه وآله وسلم» أول آية، فقال له: «إقرأ، فقال النبى اما أنا بقارئ«، وكررها عليه جبريل ثلاث مرات، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم» يقول فى كل مرّة: «ما أنا بقارىء».
وفى المرّة الأخيرة قال أمين الوحى جبريل عليه السلام: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، فكانت هذه الآيات الكريمات أوّل ما نزل من القرآن الكريم، فرجع بها رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» إلى السيدة خديجة يرجف فؤاده.
فهكذا نزلت أول آية من هذا الكتاب العظيم على النبى الرءوف الرحيم فى هذا الشهر العظيم، وهكذا شهد شهر رمضان المبارك اتصال السماء بالأرض، وتنزل أمين الوحى بالنور والكتاب المبين، ليبذغ فجر الإسلام والإيمان بالله رب العالمين.
يقول الله سبحانه وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، وقال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، وقال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ).
ومن تلك اللحظة ارتبط القرآن الكريم ارتباطًا وثيقًا بشهر رمضان ليصبح شهر القرآن، فعن ابن عباس قال: اكان رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه فى كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
وفى ذلك قال الإمام ابن رجب: أدل الحديث على استحباب دراسة القرآن فى رمضان والاجتماع على ذلك، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن فى شهر رمضان.
كما شهد شهر رمضان نزول الكتب السماوية الأخرى، روى الإمام أحمد والطبرانى عن واثلة بن الأسقع- رضى الله عنه- عن رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» - قال: اأنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضت من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمانى عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان.