لندن مدينة الضباب طالما كانت منفى لعدد من الملوك السابقين الذين وجدوا أنفسهم خارج بلادهم إثر انقلابات أو أعتداءات على حكمهم ..وكثيرا ما شهدت مأسيهم وهم يحاولون التأقلم على الحياة الجديدة بعيدا عن العرش ومظاهر الترف المعهودة لديهم بل يسعون لطى صفحات حياتهم السابقة ونسيانها ولكنهم لم يفقدوا الأمل فى استعادة أمجادهم مرة أخرى . ومن أبرز هؤلاء ولى عهد اليونان قسطنطين الثانى الذى لم يكن يتعدى ال 23 من عمره حينما تولى العرش من والده عام 1964 وكان معروف عنه نظرته التفاؤلية ومرحه فكان يرى أن هناك مستقبلا مشرقا فى انتظاره هو وزوجته آن- مارى أميرة الدنمارك الشابة. ولم يخطر بباله أن تلك الحياة المرفهة سوف تنقلب بين ليلة وضحاها. حيث أطيح بقسطنطين فى انقلاب فى عام 1967، وأجبر الملك الشاب على التوجه لمنفاه بهامبستيد جاردن أحد ضواحى لندن لتبدأ عطلة إجبارية طويلة استمرت لأكثر من 30 عاما قضاها بصحبة أبنائه الخمسة، وأحفاده السبعة. وبالرغم من كونه ملكا سابقا مطرودا من مملكته وغير مسموح له بالعودة مرة أخرى إلا أنه كان محبوبا وكان يعامل باحترام وذلك أيضا لكونه متزوجا من شقيقة ملكة الدنمارك، كما أن شقيقته كانت متزوجة من خوان كارلوس ملك أسبانيا - الذى تنازل عن عرشه لنجله مؤخرا . ولم يختلف الأمر كثيرا عن ما حدث ل «زوغو» ملك ألبانيا الذى خرج من بلده مجبرا عام 1939 بعد دخول القوات الإيطالية آلبانيا وحول موسولينى البلاد إلى محمية تحت حكم الملك الإيطالى فيكتور إيمانيويل الثالث وأجبر زوغو على الفرار إلى اليونان التى لم يستمر بها طويلا ليذهب ويستقر فى العاصمة البريطانية بل ويحاول تكوين جبهة معارضة قوية يتزعمها ويحاول بها مهاجمة الأحتلال الإيطالى لألبانيا من آجل إستعادة عرشه مرة أخرى. وتعد بريطانيا من أفضل الدول المستضيفة للملوك السابقين ويرجع ذلك لحفاوة ملكتها اليزابيث الثانية التى تهتم بالملوك فى كل المناسبات وترسل لهم برقيات تهنئة, وفى كل عام تقيم مأدبة غداء تدعو إليها الملوك السابقين. ولندن ليست العاصمة الأوروبية الوحيدة التى كانت ملتقى للملوك، فهناك روما التى استضافت الملك فاروق ملك مصر والسودان ، واسرته وكذلك ملك أفغانستان محمد ظاهر شاه الذى حكم بلاده على مده أربعين عاما أى حتى 1973 ذلك العام الذى شهدت فيه أفغانستان انقلابا عسكريا أطاح بالشاه الذى كان حينها فى زيارة لإيطاليا لتصبح منفاه على مدى 29 عاما. أما خوان كارلوس ملك أسبانيا فقد ولد فى المنفى وذلك بعد أن طرد جده الملك الفونسو من أسبانيا عام 1931 بعدما وجد نفسه مضطراً أمام الأحزاب المعارضة إلى الموافقة على إجراء انتخابات بلدية عامة كانت نتائجها لصالح الأحزاب الجمهورية, والتى طالبت الملك بالتخلى عن العرش. لكنه رفض فأرغم على مغادرة البلاد، وصودرت ممتلكاته عام 1932م.