تعددت رسائل بريدك التى تكتبها نساء تفرقت بهن السبل، وضاقت عليهن الحياة بسبب أزواج لا يرحمونهن، ولا يتقون الله فى معاملتهن، وأتأمل تجاربهن الحزينة، وقلبى ينفطر من شدة ما يلاقين من بؤس وشقاء، وما يعترضهن من طرق وعرة، وأحيانا مسدودة للحصول على حقوقهن، وقد بحثت عن قواسم مشتركة بين زيجاتهن والعوامل التى أدت إلى نهاياتها المحتومة، ووجدت أن هناك أسبابا عامة وراء الحياة الزوجية غير السوية التى يعشنها، وكلها تكمن فى البداية. والطريقة التى تزوجن بها، والتى تتسم فى معظم الأحيان بالتسرع. وعدم التأكد من سلوك، وأخلاق العريس بالسؤال عنه وعن أسرته، وفقا للتقليد المتعارف عليه فى مجتمعنا، وغالبا ما تتوسم أسرة العروس فيه خيرا، وتتعامل معه بسذاجة شديدة وتتغاضى عن جميع حقوق ابنتهم، وعن الضمانات التى تكفل لها حياة كريمة، وفى حالات أخرى يخضع الأهل ودون اقتناع لرغبتها ولا يبذلون جهدا فى لفت نظرها إلى أن هذه الزيجة محكوم عليها بالفشل. وما يدهشنى فى كثير من هذه الزيجات هو الموافقة على زواج الابنة من شخص لم تكتمل المعرفة به، فبعد فوات الأوان تتكشف جوانب سلبية عديدة فيه، كالبخل مثلا برغم أن سلوكه مع عائلتها قبل الزواج كان يدل على ذلك بوضوح، وكذلك اكتشافها أن زوجها الذى ادعى الفقر، لديه عمل تجارى وحسابات بالبنوك، فأين إذن السؤال والتحرى عن العريس؟.. ثم هل من المنطقى أن أصدق كل ما يدعيه من يجيء خاطبا ابنتى فى ظل الحالة السائدة من انعدام الضمير وانحدار الأخلاق لدى الكثيرين؟ اعتقد أنه لو تمت مراعاة هذه الأمور قبل الزواج، فإننا سوف نتفادى مآسى عديدة، وأرجو ألا نعلق كل شيء على شماعة «القسمة والنصيب»، فلقد خلق الله لنا عقلا، ودعانا إلى استخدامه، أما ما قد يزيد من تفاقم المشكلات فهو التسرع فى انجاب الأطفال، وأرى أنه يجب التأنى فى هذه المسألة إلى أن تنعم النفوس بالطمأنينة والاستقرار.. ويزيد من دهشتى أن الكثيرات ينجبن أكثر من طفل، فى ظل وجود خلافات وأزمات. فإلى كل أم لا ترى أى مستقبل لابنتها إلا فى عش الزوجية أقول: ترفقى قليلا بها، فالزواج ليس نعيما.. إنه مسئولية وكفاح، والحياة الزوجية ليست وردية، ويجب أن تتخلى عن السذاجة التى تؤدى إلى وقوعك فريسة لشباب عديم المسئولية يتلاعب بعقول البنات مستغلا تكالبهن على الزواج خوفا من شبح العنوسة التى أراها قدرا أكثر لطفا ورحمة من أم بائسة تصارع الحياة وحيدة مع أطفال، أو سجينة زواج فاشل لا تستطيع الفكاك منه. وإلى كل فتاة أقول: أعرفى قيمة نفسك، فأنت لا تقدرين بثمن، وأمنى مستقبلك باجتهادك فى دراستك، وعند اختيار شريك العمر اتركيه يسعى إليك، ولا تلهثى أنت باحثة عنه، وضعى معاييرك نصب عينيك عند الاختيار. تلقيت هذا التعليق الوافى من أ. آيات النمر، ويتضمن نصائح مهمة لكل فتاة مقبلة على الزواج من واقع ما عايشته بنفسها من تجارب حولها فى محيط معارفها وأرجو أن تتحرى الفتيات والأمهات الدقة فى اختيار شركاء الحياة لبناتهن، والله المستعان.