آه يا ولدي.. كم أفتقد ضحكتك وصوتك وندائك ماما، لماذا أضمك لصدري ولا أسمع دقات قلبك وأشم رائحة أنفاسك العاطرة، ولم يلفني ذراعيك كعادتك ولم تقبل رأسي كما تفعل دائما، آه يا ولدي اهذا آخر عناق يجمعنا يا أنس، صرخات مكتومة ودمع وقلب منفطر وسط آهات من أم أنس محيي الدين أبن عابدين أصغر شهيد فى مذبحة بورسعيد، فهو لم يتخط الخامسة عشر من العمر عاشق للنادي الأهلي منذ نعومة أظافره وسالت دمائه على أرض بورسعيد فى "المذبحة" التي شهدتها المحافظة الباسلة التي كانت مقبرة "للغزاة" سابقا بعيدا عن أحضان والديه على يد بلطجية منعدمي الإنسانية عقب مباراة النادي الأهلي والمصري. أسمع صرخات قلبها تقول يا طفلي يا حبيبي لما غادرت دون علمي ووالدك الذي أصيب بأزمة قلبية لفراقك، كنت منتظرك كالعادة عائدا فرحا بفوز ناديك حبيبك أو واثقا من تعويض خسارته القليلة، ولكنك لما لا تحكي لي فقد فرقتني ضاحكا ممسكا علم معشوقك الأحمر متغنيا بلاعبيه متلهفا علي رؤيتهم لمؤزرتهم والهتاف لتشجيعهم وسط أحبائك من الالتراس الأهلاوي، آه يا أنس الدنيا وبهجتها وفرحتها وأحلامي وأمنياتي يا قصتي التي كنت أتمني أن تحكيها لأحفادي منك فانتهت قبل ما تبدأ، وأسمع تغريدك وأنت عاريا إلا من أكفان بيضاء مسجيا مستسلما، ويحملوني أليك لكي أقبلك وأودعك، يا ولدي يا وحيدي أحسك تهمس في أذن ماما اصبري احتسبي ربك ولا تحزني واطلبي القصاص لي ولزملائي، أمي أنا وسط 73 من أحبابي أحياء عند رب العالمين، يا أمي أرسلت لكي وصيتي مع أحد أصدقائي علي جهازه المحمول وكتبتها علي صفحتي علي "الفيسبوك" قبل المباراة بأيام فلدي شعور بقرب لقاء الله، ولا تعملي حدادا ولفي جثماني بعلم مصر ويصلي علي بميدان التحرير، ومتبرعا بقرنيته ممن فقدوا أعينهم وأطراف جسدي لمصابي الثورة، آه من ألهمك يا ولدي كتابة وصيتك طيب كنت يا حبيبي تقولي يمكن أقدر أستنجد بجلدتين البلد المسؤلين وهم متواطئين ضده فما مبرر قتلنا بدم بارد والإصرار علي ضياع زهرة شبابنا ومستقبل البلد دون رحمة أو حماية ولكن مع اتهام لهم بالبلطجة وأنتم البلطجية وأتباعكم ونظامكم البائد الذين تحولون إحياءه ولكن دماء الشهداء سوف تطارد يقظتكم ومنامكم حتى تواروا التراب وتقفوا أمام العادل وتقولوا يا حسرتنا علي ما فرطنا لقومنا وشعبنا فلأكفان بلا جيوب أو رتب وحسبنا الله ونعم الوكيل. آه .. دموع الملايين المصريين تهتف بعد 74 شهيدا و256 مصابا الجميع في ريعان شبابهم "روحوا مشجعين راجعوا مشيعين" "لنجيب حقهم أو نموت زيهم" من الالتراس الأهلاوي الذين وجدوا أنفسهم في ساحة الجحيم ليكونوا الضحية لأحداث بورسعيد المحافظة التي اختارت لتكون مسرحا لهذه المذبحة التي هزت العالم كله مع الشعب المصري من أجل دخول البلاد في آتون حرب أهلية بين المحافظات، ولكن أن شاء الله سيخيب ظنون شياطين الأنس سواء بالداخل أو الخارج، ولكن هنا علي المجلس العسكري الحاكم للبلاد الذي يملك أجهزة الدولة أن يثبت ولاءه للشعب في حمايته وأمنه ومجلس الشعب المنتخب من الشعب وكل شرفاء الوطن للتعرف علي القاتل الحقيقي المدبر الشيطاني والمأجورين واللهو الخفي ومحاسبته فورا حتى تستريح أرواح الشهداء وأهليهم والثوار ولإضفاء نار الصدور للمصريين جمعيا. وللعجب أن تواكب المذبحة لخيرة شباب مصر ذكري مولد رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا يستحون من الله ورسوله الذي قال "من قتل نفس كأنما قتل الناس جميعا" وقال أيضا "إذا مات ولد لعبد قال الله عز وجل لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فوائده؟ فيقولون نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد" صدق رسول الله .. رحم الله شهداء "الالتراس" الأهلاوي شهداء الوطن. المزيد من مقالات محمد مصطفى