ما أكتبه اليوم يحمل بعضا من درجات «الفضفضة» والمصارحة والمكاشفة، لعل ما يرد فى معانيها، الخالصة، المخلصة، لوجه الله، وللوطن، تصل إلى من يهمه الأمر، وفى المقدمة، قلب وعقل ووجدان، سيدنا القارئ. فقد كنت ولا زلت أظن ان المرشح الأوفر حظا فى الفوز، والأحسن ترتيبا فى السباق الرئاسى هو المناضل، حمدين صباحى، وقد أعطيته صوتى، راضيا مرضيا، وبقناعة تامة، لم تتزحزح قيد أنملة، لثقتى المطلقة فى وطنيته وفى كفاءته، وفى قدرته على تحمل المنصب الأسمى فى الدولة المصرية العتيدة. قبل أن يسدل الستار، على المشهد الأخير، فى الاستحقاق الرئاسى، وبالتحديد، حتى مساء يوم الثلاثاء الماضى، كنت قد أعددت مسودة لمقالى، المفروض نشره اليوم، وقد ظلت المسودة بعنوانها نفسه وهو : شكرا للمنصور وللحسن والأحسن. كان تقديرى أن الأمور سوف تسير قدما فى مجراها الطبيعى، وحسب ما هو مخطط بدقة، ووفقا لما هو متفق عليه من الجميع ، وبدون أن تحدث- لا قدر الله- أي مفاجآت أو منغصات، ذات وزن، من شأنها إفساد العرس الديمقراطى، الذى طالما انتظرته الجماهير، منذ عام تقريبا. قصدت فى مسودة المقال بطبيعة الحال- أن أتوجه بالشكر الجزيل، وإظهار أقصى درجات الإمتنان، إلى الرئيس القدير، عدلى منصور، قائد سفينة ال 30 من يونيو، وإلى كل من الحسن والأحسن، الصالح والأصلح، المتسابقين فى رئاسية 2014، المشير عبد الفتاح السيسى، والمناضل حمدين صباحى. عندما حل مساء يوم الثلاثاء، 27 مايو، وفيما إستعدت الجماهير المصرية العريضة، الصابرة ، المجاهدة المجتهدة، لإعلان الفائز فى هذه الانتخابات، المصيرية، أيا كان اسمه، حدث ما لم يكن فى الحسبان. تلبدت سماء وفضائيات المحروسة بسحب قاتمة، مشبعة برائحة الفساد والاستبداد، الكريهة، جاءت محمولة، عبر الأثير، بأصوات غربان الشؤم والعار، لتتمخض عن قرارمد فترة التصويت ليوم ثالث، ولتعترض، حملتا صباحى والسيسى، ولتصاب نزاهة وشفافية عملية التصويت فى مقتل ، وليستدعى إلى الذهن، بيت الشاعر العباسى العبقرى، أبو الطيب المتنبى: ما كل ما يتمناه المرء يدركه تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن أقسم أننى كنت، حتى ذلك التوقيت، أى مساء يوم الثلاثاء الماضى، كنت مهيئا نفسيا ومعنويا لتقبل نتيجة التصويت، أيا ما كان اسم الفائز، حتى إن جاء الإسم بمن لم أصوت له، وبما «لا تشتهى السفن» ، انصياعا وقبولا وإكبارا وتقديرا واحتراما لإرادة الشعب المصرى العظيم، القائد والمعلم، ومهما تعددت بلاغات الطعون فى النتائج ، التى أثق تماما فى أن قضاء مصر الشامخ سوف يحسمها كما هى العادة، طال الزمن أو قصر، ومهما قيل وتردد وشاب المشهد من مظاهر سلبية وتجاوزات رافقت العملية الانتخابية من بدايتها وحتى نهايتها. قلت فى نفسى، الأمارة بالسوء، هكذا تعلمنا ويجب ان نتعلم أول الدوروس المستفادة، المدونة بأحرف من نور فى أدبيات الممارسة الديمقراطية، التى لولا ثورة 25 يناير المجيدة، ولولا تضحيات شهدائها الأبرار، ولولا شجاعة مصابيها البواسل، ولولا حركة الجماهير الهادرة فى ثورة 30 يونيو، لولا كل ذلك، لما كانت الفرصة قد أتيحت لنا جميعا من تعلم هذه الدروس أو حتى التوجه، مرة أخرى، بحرية، نحو الصناديق. تلك كانت مشاعرى الحقيقية تجاه المشهد الانتخابى، حلوه ومره، إيجابياته وسلبياته. لمزيد من مقالات كمال جاب الله