أنا من عشاق ارتياد المقاهى ..خاصة الشعبية منها ..فى الاماكن التاريخية ..ففى المقهى تقابل الكبير و الصغير .. لها مذاق يختلف ينصهر بداخله التاريخ والحاضر و احيانا المستقبل . مع انفاس دخان الشاى والشيشة والقهوة والعناب ..أجلس احيانا بمفردى فى انتظار ما لايأتى ومن لايأتى و كأنك تنتظر المستحيل والفراغ ..وبعد الفاصل ارحل لاواصل اعمالى منزلية كانت او مهنية .المهم انك ستواصل .. ستواصل . وبالتالى كان من الطبيعى وانا اصول واجول كعادتى فى حى الجمالية استنشق عبق الماضى الاصيل لانسى كل توترات الحاضر ان اعرج الى شارع الخرنفش لاصل منه الى عطفة البرقوقية اعد ارقام العقارات حتى أصل الى عقار رقم 7 حيث كانت طفولة السيسى . فى هذا المكان عرفت أن مقهى حصان القريب من عقار السيسى هو الاكثر شهرة سياسية فى منطقة الجمالية .. لكنه كان محرما على الطفل .والغريب انه هو من حرمه على نفسه .فلم يكن لديه وقت! كان السيسى طفلا ثم شابا لم يكن لديه وقت ! فقد كان جادا ..صارما..يقسم وقته بين الاستذكار والعمل والصلاة فى المساجد القريبة والاستماع الى محاضرات متولى الشعراوى فى الحسين وأحيانا فى جامع العدوى ! لكن هذا لم يمنعه من قضاء بعض من أوقاته فى سماع الست أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ .. من شرفة المنزل . حتى جاء اليوم الذى فوجىء فيه اهل الحتة بالسيسي الذى يبلغ الثالثة عشر يقف وسط المقهى معهم بعد ان سمع عبر الميكروفونات خطاب التنحى الذى ألقاه جمال عبد الناصر ..فهب جاريا يقفز الاربعة ادوار ليتزعم تجمع الرفض لتنحى الزعيم و ضرورة مواصلته ..للمسيرة الى بر الامان ..فهذا واجبه و عليه تاديته و لامفر . سمعت تلك الكلمات فأيقنت وأنا جالسة على مقهى حصان استمع للمناقشات السياسية هناك كالعادة ..ان وقت الجلوس والرحرحة انتهى ..حتى لمن هم فى جيلى الذى اعطى باخلاص لعمله لم يستبق شيئا .الا اننا لابد و ان نكون قدوة لابنائنا بل وجيلا يفتخر به الرئيس وخاصة اننا جيل واحد فنحن منه و هو منا عشنا مثله افراح الانتصار و هوان الانهزام و انبطاح الاستسلام امام اتفاقيات الهوان . وجدتها..وجدتها .. هذا ما نبغيه من ..الرئيس. العمل ثم العمل.