مع كل استحقاق انتخابي، تصدر تصريحات اعلامية من القائمين علي اللجنة العليا للانتخابات بتفعيل النص القانوني الخاص بالغرامة الانتخابية لكل من امتنع عن الادلاء بصوته، ويمر الامر في كل مرة مرور الكرام ، ويمتنع الملايين عن المشاركة دون دفع الغرامة وقدرها 500 جنيها ، والسؤال : هل فرض تلك الغرامة جائز قانونيا ودستوريا من الاصل، واذا كان كذلك، فهل تطبيق تلك العقوبة قابل للتنفيذ علي أرض الواقع؟! المستشار عبدالعزيز سالمان- الأمين العام للجنة العليا للانتخابات- قال في تصريحات آخيرة أن الفقه الدستورى له ثلاثة مذاهب في هذا الشآن، الاول يري أن الانتخاب حق مطلق للمواطن له حرية ممارسته من عدمه وبالتالي لا يجوز توقيع عقوبة علي الممتنع، بينما يري الثاني أنه واجب وليس حقا ، وفى حالة عدم القيام به فمن حق الدولة توقيع العقاب ، وهذا ما اخذ به المشرع لدينا ، اما المذهب الثالث الذي يؤيده سالمان فهو أنه حق وواحب معا ،أما أمر معاقبة الناس وإحالتهم للنيابة فهو أمر سيتقرر فى حينه بعد دراسة كيفية تطبيق نص القانون. أيمن عقيل- مدير مؤسسة ماعت للسلام وحقوق الانسان- يؤيد توقيع العقوبة علي الممتنعين عن المشاركة وقال" رغم انه مطعون علي هذا النص القانوني بعدم الدستورية الا اني اري تلك الغرامة "ضرورية" في ظل ضعف نسبة المشاركة السياسية في مصر، حيث بلغت اقصي نسبة مشاركة في استفتاء مارس 2011 65٪ ، ثم اخذت في التناقص مع كل عملية انتخابية، ولذلك لابد من تفعيل الغرامة حتي يؤمن الناس باهمية المشاركة السياسية وتتحول مصر الي دولة ديمقراطية". ويتساءل عقيل: كيف يمتنع احد عن المشاركة في الانتخابات بحجة انه غير مقتنع بالعملية الانتخابية ثم يشارك في اعتصامات ومظاهرات اعتراضا علي الاوضاع ؟ وكيف يمتنع عن ممارسة حقه بصورة ديموقراطية ثم يشكو لاحقا؟ ويكشف الناشط الحقوقي عن ان دولا راسخة في الديموقراطية تطبق عقوبة علي المواطنين الممتنعين عن المشاركة السياسية ، لانها في المقابل توفر كل السبل امام الناخبين للادلاء باصواتهم حتي لا يكون لهم حجة، ففي الولاياتالامريكية يوجد ما يعرف بالتصويت المسبق لبعض الناخبين الذين لن تتوافق ظروفهم مع الموعد المحدد للتصويت، وهناك لجان خاصة للمرضي في المستشفيات ورجال الشرطة وضباط الجيش. ويطالب عقيل كل من له عذر يمنعه عن المشاركة ان يتقدم بطلب قبل موعد الانتخابات لاعفائه، اما من يقرر المقاطعة دون عذر فعليه ان يذهب ويبطل صوته ، فبهذا يكون قد شارك وان كان بشكل سلبي. علي الجانب الاخر تري المحامية رضا بركاوي ان الغرامة الانتخابية تتعارض مع حق المواطن الدستوري في الحرية الشخصية ، و لايجوز اجباره علي ابداء رأيه، وإذا كانت المشاركة السياسية حقا فلا يجوز ان يكون هذا الحق مقيدا او مشروطا، وتتابع" قد لايستطيع مواطن تكوين راي معين بشان المرشحين في الانتخابات، فهل اجبره علي النزول ويختار بشكل عشوائي لمجرد الخوف من دفع الغرامة؟!، من ناحية اخري، اذا صدقت اللجنة وقامت فعلا بتفعيل الغرامة فكيف سيتم ذلك علي ارض الواقع؟ فهناك ملايين ممن لهم حق التصويت لا يشاركون، فهل سيتم عمل محاضر في النيابة لهم جميعا، وماذا لو امتنعوا عن الدفع، كيف سيتم تحصيل الغرامة منهم؟! الامر الثاني : هل تم تنقية قاعدة بيانات الناخبين من الاسماء المكررة والمتوفين والمغتربين أولا؟! تضيف بركاوي في ختام حديثها ان دفع المواطن للمشاركة السياسية وخلق مجتمع ديموقراطي لايكون بالتهديد او الاجبار او الترهيب وانما يجب ان يؤمن كل مواطن بأهمية مشاركته ويكون لديه اعتقاد راسخ بأن تلك المشاركة مثلما هي حق له، فهي واجب عليه تجاه وطنه.