مازالت كارثة تلوث مياه الشرب بقرى و مراكز البحيرة تهدد المواطن كل مرة يفتح فيها صنبور المياه للحصول على شربة ماء ، رغم كثرة شكاوى الأهالى و اعتصامهم أمام مكاتب المسئولين و محطات المياه تارة و قطع الطرق تارة أخرى. و رغم قيام الجهات المعنية بتشكيل اللجان لبحث و دراسة المشكلة ينتهى بها الحال إلى وضع تقارير تفيد ان مياه الشرب تحتوى على نسب عالية من التلوث ، و تنهى كل جهة من الجهات المعنية مهمتها بإصدار هذه التقارير و التوصيات ، اما بإغلاق بعض المحطات بسبب زيادة نسبة التلوث لفترة مؤقتة و إرسال سيارات محملة بكميات من المياه النظيفة إلى بعض القرى ، و تستمر المشكلة و يدق ناقوس الخطر لأنها تعدت مراحل تعكير مياه الشرب أو تغير لونها و وجود بعض الشوائب بها إلى اكثر من ذلك بكثير . كما أكد آخر تقاريرالإدارة المركزية للمعامل على عينات مياه الشرب الواردة من الإدارة الصحية فى رشيد بتاريخ 2-4-2014 أن المياه محملة بنسب عالية من التلوث الكيميائى تصل إلى نسبة 34% بالمحطات و 18% من مخارج المحطات وان المياه تحتوى على معادن ثقيلة كالرصاص و الأمونيا والكادميوم وهى عناصر أكدت الأبحاث الطبية أنها تؤثر على صحة الإنسان بشكل مباشر يؤدى إلى الإصابة بأمراض السرطان و الفشل الكلوى و ضغف خصوبة الرجال و إجهاض الحوامل ، كما أن الوكالة الأمريكية الدولية قد وضعت عنصر الكادميوم ضمن المجموعة الأولى المسببة لمرض السرطان ، انعكس كل هذا على الاهالى فى محافظة البحيرة مما جعل المحافظة فى مقدمة المحافظات الأعلى فى نسب الإصابة بامراض السرطان و الفيروسات الكبدية و الفشل الكلوى كما أكدت الدراسات و الاحصائيات . واكتظت مستشفيات البحيرة و مراكز الكبد بالمحافظات المجاورة بالإسكندرية و المنوفية بالمرضى، و اصطف المئات منهم فى لوائح انتظار طويلة بمركز حقن الإنترفيرون الموجود بدمنهور و الذى لا يكفى لحقن اقل من نصف المرضى، كما اكد بعض المسئولين بالمستشفيات أن جميع ماكينات الغسيل الكلوى تعمل على مدار الساعة لاستيعاب اكبر عدد من مرضى الفشل الكلوى مما أدى إلى استهلاكها سريعآ و تعطيلها و تفاقم المشكلة . بداية يقول " محمد عبدالسلام الزغارى " مدرس و مقيم بقرية بسنتواى بأبو حمص : لن اتحدث عن التلوث غير المرئى ، فيكفى ما نشاهده عند قيام احد بمحاولة تحليل عينات من مياه الشرب الذى لو اطلع عليه كل المواطنين لامتنعوا عن شرب هذه المياه ، و لكنى سأتحدث فقط عن تعكير المياه و تغير لونها و رائحتها الكريهة بدون مبالغة لو غسلت يدى بالماء من "الحنفية" تظل فيها رائحة كريهة حتى بعد تجفيفها ، هذا إذا توافرت المياه لانها معظم الوقت "مقطوعة" رغم قيام الشركة بأبو حمص بإحلال و تجديد خط مواسير أبو حمص / أبو هواش و تركيب مواسير جديدة ، و تغاضينا عن تكسير الطريق لنشرب مياه نظيفة إلا ان المشكلة زادت و تزداد كل يوم رغم أننا قمنا بتركيب فلاتر لتنقية المياه و التى أصبح لا غنى عنها اليوم لأننا لا نعرف ماذا تحمل لنا مياه الشرب من امراض وسموم . بينما يقول "جمعة عبد المقصود الطباخ "- مزارع كنا زمان بنشرب من مياة الترع ومصارف الزراعة وكانت صحتنا جيدة وكان اكبر واخطر مرض يصيب احد المزارعين كان تضخم الطحال اما اليوم فان مياه الترع التى كنا نشربها اصبحت اليوم اسوأ من مياه الصرف الصحى ونحن نشفق على النباتات من هذه المياه فما بالنا بالانسان وعرفنا امراض السرطان والفشل الكلوى و الفيرس الكبدى التى لم تنجوا اى عائلة او بيت فى البلد من وجود مصاب بها واضاف نود ان نسأل ليه المسئولين ساكتين حتى وصل الحال إلى ما نحن عليه الان ؟! ويوضح أحد الفنيين بشركة مياه شرب أبو حمص ان محطات المياه تم انشاؤها فى عهد المهندس محمود منصور الرئيس السابق للشركة تكفى لإنتاج مياه نظيفة تصل إلى محافظة مطروح، وتم بناؤها وتزويدها بالأحواض والمرشحات وأحدث التقنيات، إلا أن معظم هذه المحطات أصابها الإهمال والتخريب وقلة الصيانة، نتيجة انعدام الرقابة والمتابعة ، مما أدى إلى زيادة تلوث مياه الشرب بالبحيرة بالإضافة إلى وجود كميات هائلة من الأقفاص السمكية التى تتغذى على الطيور النافقة والاعلاف مجهولة المصدر، والصرف الزراعى والصناعى ومعامل الجبن والألبان والمبيدات و الكيماويات التى يستخدمها المزارع التى تلقى بكميات كبيرة فى النيل وفروعه بالبحيرة .