5.6 % ارتفاعا بالتجارة الخارجية الصينية في أبريل    قطع المياه عن 4 مناطق بمحافظة القليوبية في هذا الموعد    إيران: الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة مع أمريكا ستعقد يوم الأحد    أول تعليق لأسامة نبيه بعد تأهل منتخب الشباب لربع نهائي أمم أفريقيا    ضبط عاطل لسرقته الشقق السكنية بمنطقة المطرية    «اسمها مش موجود في إعلان الوراثة».. نجل الفنان محمود عبدالعزيز يكشف تفاصيل أزمة بوسي شلبي    صلاة القلق: حين تتحول الهزيمة إلى أسطورة ويصبح الوباء دينًا    مستشار أوكراني: روسيا لا ترغب في السلام وتواصل هجماتها على الجبهة الشرقية    إنقاذ حالة ولادة نادرة بمستشفى أشمون العام    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    بوليانسكي: روسيا ترحب بإصلاح متزن لدور الأمم المتحدة    انطلاق قمة "رايز أب 2025" من المتحف المصري الكبير    وزير الثقافة يصطحب نظيرته الفرنسية في جولة بالجناح المصري في بينالي فينيسيا للعمارة    منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9.. قوة ردع باكستانية أمام الهند    خناقة على المصاريف.. حكاية سيدة ذبحت زوجها وقطعت جسده 3 أجزاء في العبور    فريق طبي بسوهاج الجامعي ينجح في استخراج «دبوس» من معدة طفل    «أنوكا» تشيد بتنظيم مصر للمنتدى الإقليمي للتضامن الأولمبي بالقاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    ستيف ويتكوف: ترامب يؤمن بالسلام عبر القوة ويفضل الحوار على الحرب    "بنقول للضحايا إحنا مباحث".. اعترافات عصابة الشرطة المزيفة ب"عين شمس"    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    الدوري الألماني.. توماس مولر يشارك أساسيا مع بايرن في لقائه الأخير بملعب أليانز أرينا    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    خبر في الجول - الزمالك يحدد موعدا جديدا للتحقيق مع زيزو    أنشيلوتي يخطط لإسقاط برشلونة    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    موعد بدء العام الدراسي الجديد وتفاصيل الخريطة الزمنية والإجازات    ارتفاع توريد القمح المحلى إلى 128 ألف طن وزيادة التقاوى ل481.829 طن بالدقهلية    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    إعلان نتائج بطولة ألعاب القوى (طلبة - طالبات) للجامعات والمعاهد العليا المصرية    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    نانسي عجرم تعلن غنائها لأول مرة في إندونسيا نوفمبر المقبل    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    «الضرائب»: رفع 1.5 مليار وثيقة على منظومة الفاتورة الإلكترونية    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صباحى.. وامتياز الفوضى
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 05 - 2014

سيخسر السيد حمدين صباحى الانتخابات الرئاسية، ليس لأنه دون المقعد الرئاسى الذى لم يعد رفيعا، ولكن لأن شروط شغل هذا الفضاء الصعب تغيرت، فيما يبدو، من خلف ظهره.
ورغم مشاركتى لكثيرين رأيهم فى حصافة وذكاء ووطنية صباحي، إلا أن ذلك كله لم يعصمه من الزلل. وأظن أن أول عوارض هذا الزلل يكمن فى عدم إدراك صباحى للرفض الشعبى الواسع لنموذج الدولة الرخوة الذى أسفرت عنه صيغة ما بعد 25 يناير. ولاشك أن انتساب صباحى لصناع هذا المشهد لم يعد من الأسباب التى يمكنها ترجيح حظوظه فى الصعود، لاسيما وأن ثمة تحالفات صغيرة مع قوى راديكالية مثل 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين تسهم فى تكريس صورة تختلف لحد التناقض عن مفاهيم صباحى السياسية بشكل شبه جذري. وتحت وطأة الدعم السياسى يغامر الناصرى الملتزم، القادم من رجع الفضاء القومي، بالتحالف مع مجموعات أممية شبه فاشية تحت راية وهمية اسمها الثورة الشعبية وكذلك مجموعات من الليبراليين الجدد، المتهمين بحق وبغير حق، بأنهم عملاء للعديد من أجهزة الاستخبارات.
هذه الضغوط دفعت صباحى لإحياء خطاب يفاقم المسافة بين مفهومى الثورة والدولة فى لحظة لا يتصور فيها المصريون أوضاعهم بعيدا عن وحدة حتمية يرونها واجبة بين المفهومين. لذلك ينظر كثيرون لحديث صباحى المبالغ فيه عن الانتصار للشهداء، رغم أنه واجب وطنى وأخلاقي، على أنه تأجيج لآلام يجب أن تهدأ، كما لا يفهم كثيرون حديثه عن حتمية دعم الحريات بإلغاء عدة قوانين بينها قانون التظاهر سوى فى إطار المزايدة السياسية التى ستخصم الكثير من رصيده، ما جعله فى نظر هؤلاء يمثل التجسيد الرخو لامتياز الفوضى.
لا أتحدث هنا عن الرطان اللانهائى الذى يميز خطاب المرشح المفوه والأثيرى حمدين صباحى مقابل الخطاب الأكثر ابتسارا وتحديدا للمرشح عبد الفتاح السيسى . فبرامج المرشحين ورطانهم حولها لم يعد يعنى الكثير لدى المواطنين، ولن أكون مبالغا إذا قلت إنه أمر لم يعد يعنى أى شيء على الإطلاق. وأظن أن العامة كانوا فى حاجة لمن يقصرون حديثهم على الوهدة التى ابتلعت وطنا مازال يقف على شفا الضياع، وعلى مستقبل تتناهبه كومة من المؤامرات. فالميراث الصعب الذى تركته السنوات الأربع الماضية صنع عشرات الأخاديد والحفر فى قلوب وضمائر الملايين، وتحولت النخبة السياسية فى نظر العامة إلى مجموعات من المضللين والمضللين بكسر اللام وفتحها. لذلك أكاد أجزم بأن الخطاب الرئاسى لصباحى لم يمثل، حتى اللحظة، إجابة عن أسئلة الملايين الذين خرجوا ليصنعوا هذا الحدث التاريخى العاصف فى الثلاثين من يونيو.
وليس من ضير فى أن يكون أحد أهم مخاضات الحدث وضع السيد صباحى على مقعد المرشح الرئاسى اللامع؛ ليكون بإمكانه أن يغدق على منافسه بأن يعتقه من المحاكمة إذا ما فاز بالمقعد الوثير!! هذا يعنى بالضرورة أن رسالة الثلاثين من يونيو لم تصل بعد لسمع صباحى أو أنها ضلت الطريق فى أحسن الأحوال، فى الوقت الذى كان على صباحى أن يدرك المدلولات الخطيرة لتبدد فكرة الدولة وتجلياتها التقليدية لدى عامة الناس، ما جعل قضية استعادة هذه الدولة تمثل عنوانا أبرز للثورة الثانية. لذلك أتصور أن خيبة أمل كبيرة أصابت قطاعات واسعة لم تفاجئها،على أية حال، تصريحات صباحى وتصوراته للمستقبل. من هنا أظن أن الصراع السياسى غير المتكافئ بين «رجل الثورة » حمدين صباحى «ورجل الدولة » عبد الفتاح السيسى دفع بالملايين إلى حجر الثاني. يتعزز هذا التصور عبر مجموعة من الحقائق التى عكست التأييد الكاسح لرجل الدولة ، وهى حقائق لا تقبل التفضيل فى برنامج السيسي، حيث يأتى على رأسها قضية الأمن والاستقرار ومن ثم دعم الجهاز الأمنى فى إطار قانونى ودستورى لا يعيد الشرطة إلى دور الجلاد تحت أى لافتة ، انتشال الوطن الغارق فى أزمات يومية طاحنة من بطالة وفقر ومرض وعوز استردادا لقيمة الفرد فى دائرة الترقى الإنسانى المستحق ، إطلاق عدد من المشروعات القومية التى يستعيد معها الوطن خطابا موحدا تجاه مستقبله وقضاياه العامة، فصم العلاقة بين الإسلام السياسى ببعده النفعي، وبين الدين بامتداداته العقائدية ومدونته الأخلاقية الرفيعة. وأعتقد أن تاريخا من انعدام الثقة بين الدولة وبين النخب السياسية صنع مسافة لم تجبرها الثورة حتى أيامنا؛ وكان الأمل معقودا على النخب السياسية لتدفع فى طريق صناعة الكادر السياسى الذى يؤاخى بين فوائض الثورة وواجبات الدولة لكن ذلك لم يحدث، وكانت النتيجة أن ظلت النخب الثورية تتعامل مع الدولة باعتبارها عدوا دائما وصديقا محتملا، وهو نزوع لا يقصر الفاشية على سلوك الدولة وغلظتها فحسب، بل يجعل الفاشية أيضا جزءا من أدبيات الثورة. ومن نافلة القول أن وصول المعارضة لأدنى درجات الفعالية السياسية والثقة الشعبية واحد من أخطر هذه العوارض. وأظن أن ثمة مخلصين حقيقيين من رفاق صباحى يدفعونه للعمل على ما بعد انتخابات الرئاسة . فوجود تيار وطنى كالتيار الشعبى وسط المعارضة المصرية يمثل كسبا بكل المعانى للشعب المصرى كله، وثمة شراكة وجوبية فى صناعة المستقبل يجب ألا يتخلى عنها صباحى شريطة أن يتفهم أن الدولة أكبر من مقعد الرئاسة، وهو ما يلزمه وتياره بالعمل على القبول بنتائج الانتخابات طالما لم تكتنفها أخطاء فادحة تؤثر على مجمل نتائجها، وألا يترك لأنصاره حرية التعامل مع الانتخابات باعتبارها مرجعية لا تخصهم، ومن ثم فهى لا تلزمهم ، فهذا أمر سيكون شديد الخطر، فقد كان من نتيجة مثل هذا الحمق السياسى أن تم إخراج المشهد السياسى لثورة يناير على النحو الذى رسمته الولايات المتحدة والغرب والصهيونية العالمية والمتحالفين معهم فى المحيط الإقليمي. وتظل مشكلة صباحى فى أن عددا ليس قليلا من المؤيدين له باتوا يعرفون سعر كل شئ لكنهم ،على ما يبدو، لا يعرفون قيمة أى شىء .
لمزيد من مقالات محمود قرنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.